سيدة الـ «دي. إن. أيه»
الـ"دي. إن. أيه" هو أساس جميع أشكال الحياة البيولوجية ويوجد في نوى جميع الخلايا، ويحمل المعلومات الوراثية للكائنات الحية، وكل التعليمات التي نحتاج إليها للنمو والتكاثر والبقاء. اشتهر بشكله الحلزوني لشريطين ملتفين على بعضهما بعضا، وكل شريط مكون من أجزاء صغيره تدعى الجينات. وكل جين يحمل معلومات لخصائص وملامح الكائن الحي، مثل شكل الأذن أو لون العينين. وتحمل المجموعات المختلفة من الجينات سمات مختلفة، وهناك عديد من الجينات داخل الكروموسوم الواحد، تجعل كل شخص متفردا بصفاته. وللـ"دي. إن. أيه" أهمية كبرى لصحة البشر، وأي خلل فيها يصيب الإنسان بالأمراض والتشوهات.
لذا كان اكتشافه نقطة تحول علمية كبرى غيرت نظرتنا إلى الحياة وعدت بداية لحقبة جديدة لعلم الأحياء، وينسب دائما اكتشاف الـ"دي. إن. أيه" إلى العالمين جيمز واتسون وفرانسيس كريك في خمسينيات القرن الماضي، لكن ذلك غير صحيح فقد سبقتهما العالمة روزاليند فرانكلين الملقبة بسيدة الـ"دي. إن. أيه" التي تشير المراجع إلى دورها البارز في اكتشاف بنية الـ"دي. إن. أيه"، ولكن طبيعة المجتمعات آنذاك ساعدت على سلبها حقها والسماح للعالمين الآخرين بالفوز بجائزة نوبل.
ولدت روزاليندا فرانكلين 1920 في لندن وتعد رائدة علوم البيولوجيا الجزيئية رغم قصر حياتها فقد توفيت في عمر الـ37 بسرطان المبيض. بدأت روزاليندا دراستها في المدارس القليلة المخصصة للبنات آنذاك في لندن، وقررت في سن الـ15 أن تصبح عالمة، وقد لقي هذا القرار معارضة كبيرة من والدها وبإصراها وافق والدها على التحاقها في كلية نوينهام، وتخرجت فيها بتفوق لتعين معيدة وتعمل باحثة في الجمعية البحثية البريطانية لتوظيف الفحم، وبعد حصولها على الدكتوراه أمضت بعدها ثلاثة أعوام في باريس في المختبر المركزي الحكومي للخدمات الكيميائية، ومنح هذا العمل روزاليندا فرصة جديدة لتعلم تطبيقات الأشعة السينية وتمكنت من تصوير الحمض النووي فيها.
يقول بيرنال، الصورة التي التقطتها تعد من أجمل الصور التي تم التقاطها لأي مركب على الإطلاق، وهي الصور التي تسببت في أن يسبقها العالمان في النشر بعد أن سهلت لهما عملهما ونالا جائزة نوبل.
عد بحثها الذي نشرته بعدهما مجرد بحث داعم لورقتهما العلمية، وبما أن الاكتشافات العلمية لا تحدث فجأة، بل تكون نتيجة سلسلة من الدراسات والاكتشافات، فحري بنا أن نذكر العالم السويسري فريدريش ميشر الذي تمكن في 1869 من اكتشاف مادة تحتوي على الفسفور والنيتروجين في نواة خلايا الدم البيضاء التي عرفت بالحمض النووي.