جمعية المنظمين السعودية
دأبت كثير من الدول على إنشاء هيئات متخصصة لتنظيم الخدمات بغية التأكد من قيام مقدم الخدمة في تنفيذ الأنظمة والقوانين كافة التي تصدر عن المشرع ومن ثم إصدار الرخص واللوائح التنفيذية والأدلة والأكواد إضافة إلى مراجعة التعريفة والرؤى والخطط الاستراتيجية وحماية المصلحة العامة.
إن الغرض من إنشاء هيئات التنظيم هو التحقق من أمن الإمدادات وضمان الجدوى التجارية للصناعة وتحديد تعريفة عادلة بين المستهلكين والمستثمرين وتشجيع المنافسة العادلة وحساب الدعم الحكومي ومراقبة أداء الصناعة وارتقاء التنافسية ورفع كفاءة وجودة المنظومة وجذب الاستثمارات إلى الصناعة وتوفير وإيصال الخدمات بأسعار معقولة للمستهلكين.
إضافة إلى تمكين هيئة التنظيم من أداء جميع الوظائف المنوطة بها بموجب القانون بحيث تكون قرارات هيئة التنظيم متسقة ومتماثلة في النهج ومعالجة الحالات المتشابهة وقابلة للتنفيذ، ولا يكفي أن تكون القرارات صحيحة من الناحية النظرية والمنطقية فحسب بل يجب أيضا أن تكون قابلة للتنفيذ من الناحية العملية.
وفي المملكة، يوجد عدد من هيئات التنظيم أو منظم داخلي يتبع الوزارة، وكلها تراقب وتنظم عددا من الخدمات التنظيمية مثل الكهرباء والمياه والصرف الصحي والمخلفات والاتصالات والبريد والبيئة والغاز والغذاء والدواء والنقل والطرق والطيران المدني والموانئ والخدمات المصرفية والبنكية والإعلام وغيرها، ويقارب عدد هذه المنظمات أو الهيئات إلى 12 أو تزيد قليلا.
عند النظر بطريقة رأسية على كامل الصناعات، نجد متسلسلة القطاع التي تبدأ بالمشرع ثم المنظم ثم مقدمي الخدمة وأخيرا العملاء، فالمشرع يطرح أنظمة وقوانين لصناعة ما، ليقوم المنظم بدور الرقابة والتأكد من انضباط مقدم الخدمة من خلال سن لوائح تنظيمية ورخص ومعايير أداء وأخيرا حفظا لحقوق المستهلكين ومقدمي الخدمة.
ولكن عند النظر بطريقة أفقية، سنجد عددا من هيئات التنظيم السعودية المختلفة، ولعلنا نتساءل عن طبيعة الرابط ودرجة التشابه بينهم، وهل من الممكن أن تتعاون هذه الهيئات "أو المنظمين" بما يخدم المصلحة العامة والصناعات بشكل عام؟
في حقيقة الأمر، إن الأدوات التنظيمية التي يقوم المنظم على أدائها تتشابه إلى حد كبير، حيث يسعى كل منظم خدمة إلى إعداد الإطار التنظيمي للصناعة المعنية نحو تحقيق الوضوح والمواءمة، وكذلك الشفافية عبر رصد وتقرير المسؤوليات وتحديد علاقات واضحة بين الجهات المعنية، وتحسين الأداء بضمان تحقيق الإطار لهدفه الرئيس وتعزيز التطبيق الوقائي، وأخيرا تحقيق المرونة وقابلية التكيف.
ومن المشاهد أن كل منظم يعمل على الرخص واللوائح التنفيذية والأدلة والأكواد، وبعضها لديه لجنة متخصصة لفض المنازعات تحكم في ممارسة المرخص لهم وشكاوى المستهلكين، وأخرى تحسب التعريفة وتتحقق من الأسعار وتتأكد من جودة الخدمة.
ويستقبل المنظم شكاوي العملاء بعد تصعيدها ويفصل بين مقدم الخدمة والعميل، ويقوم أغلب المنظمين على رسم القواعد واللوائح التي يريد أن يعمل بها وينفذها.
وبالتالي يسير منظم الخدمة في منحنى تعلم ولكن يختلف ميل كل منحنى عن الآخر بناء على الخبرات المتراكمة لكل منظم.
إن المشاهد محليا هو ضعف التواصل والتعاون بين المنظمين، إذ من الممكن أن تتعاون هيئات التنظيم المحلية فيما بينها لمشاركة التجارب والخبرات وتحسين مستوى التنظيم وسبل معالجة الشكاوى ومراقبة الصناعة وتمكين الالتزام.
وعلى الرغم من أن كل صناعة تحمل في طياتها جملا من التحديات، إلا أنها تشترك فيما بينها في أغلب الأدوات التنظيمية.
ومن هنا تأتي مبادرة إنشاء جمعية المنظمين السعودية "أو الجمعية السعودية لمنظمي الخدمات" لجمع كل منظمي الخدمات السعودية على طاولة واحدة، ويكون لهم اجتماعات أو ورش عمل دورية.
وستكون "جمعية المنظمين السعودية" منظمة غير ربحية تستهدف رفع مستوى المنظم المحلي وتعظيم المنفعة المتبادلة بين المنظمين وتكون كذلك موئلا موثوقا لصنع ومواءمة القرارات التنظيمية بما يخدم المصلحة العامة.