مواقع الجوف الأثرية .. موروث حضاري وثقافي للإنسان العربي
تتميز المملكة بتراثها الحضاري، الذي يعود لآلاف الأعوام، حيث تقف الآثار شاهدة على هذا التراث العريق والماضي التليد عبر مختلف الحقب الزمنية، وتحتضن منطقة الجوف عديدا من المواقع الأثرية المهمة، التي تجسد الموروث الحضاري والثقافي لإنسان الجزيرة العربية منذ مراحل موغلة في القدم.
وتعد أعمدة الرجاجيل واحدة من أقدم المواقع الأثرية بالمنطقة، وتقع في قارا جنوب مدينة سكاكا، وعمرها وفق الدلائل العلمية والأثرية نحو 6500 عام، وهي عبارة عن 50 مجموعة من الأعمدة مشيدة بالحجر الرملي بارتفاع يصل إلى ثلاثة أمتار وسمك 60 سنتيمترا، وفي كل مجموعة بين 2 إلى 10 أعمدة، ويعود سبب تسميتها بالرجاجيل إلى أن الناظر إليها من على البعد يخيل إليه أن هذه الأعمدة المنتصبة مجموعة من الرجال يوجدون بالموقع.
ومن أهم المعالم السياحية والتاريخية في مدينة سكاكا بئر سيسرا، ويبلغ عمرها أكثر من ألفي عام، تقع على بعد 200 متر من قلعة زعبل التراثية الشهيرة في سكاكا، والبئر منحوتة في الصخر، ويصل عمقها إلى 15 مترا، ويعود تاريخها إلى الفترة النبطية بين القرن الأول قبل الميلاد والقرن الأول الميلادي، بينما تتميز البئر بوجود فتحة في الجهة الشرقية تغذي المزارع بالمياه من خلال قناة مائية محفورة في الصخر.
كما تعد قلعة زعبل الأثرية رمزا معماريا فريدا في مدينة سكاكا، حيث يعود تشييدها إلى الفترة النبطية بين القرن الأول قبل الميلاد إلى القرن الأول الميلادي، كقلعة حربية حصينة ولها أربعة أبراج تشرف من القمة الصخرية على محيطها وتوفر الحماية لسكاكا والطرق التجارية بين العراق والشام والجزيرة العربية التي تمر بالمنطقة، بينما تم البناء الحالي للقلعة قبل نحو 200 عام، حيث يحيطها سور من الحجر والطين، وتحتوي في داخلها على غرفتين ومبان وبيوت تراثية في المنطقة التي تقع تحت القلعة.
وفي محافظة دومة الجندل، تقع قلعة مارد الأثرية على قمة جبل بارتفاع نحو 600 متر، ويعود تاريخها إلى القرنين الأول والثاني الميلاديين، وتتكون من مبان وأبراج مراقبة وقلاع، وتقع في الطرف الجنوبي للبلدة القديمة بمحافظة دومة الجندل على تل مرتفع وتشرف على المدينة، وترجع روايات تاريخية أول ذكر للقلعة إلى القرن الثالث الميلادي، حينما غزت ملكة تدمر "زنوبيا" دومة الجندل وتيماء، ولم تستطع اقتحام القلعة فقالت: "تمرد مارد وعز الأبلق"، كما ذكر ياقوت الحموي القلعة، مبينا أن حصن دومة الجندل يسمى ماردا، وأن المدينة سميت دومة الجندل لأن حصنها شيد بحجر الجندل، وتستقبل القلعة أعدادا كبيرة من الزوار والسياح وتقام في المنطقة المحيطة بها فعاليات تراثية وسياحية متنوعة.
وتعمل الجهات الحكومية المختصة على تطوير التراث والعناية بالمواقع الأثرية والتاريخية، التي تزخر بها المملكة ومنطقة الجوف، حيث تعمل أمانة منطقة الجوف على تنفيذ مشاريع لتطوير عدد من المواقع الأثرية والتاريخية، ومنها مشروع تطوير المنطقة المحيطة بقرية زعبل التراثية على مساحة تصل إلى 30 ألف متر مربع، بهدف الإسهام في تنمية قطاع السياحة والمحافظة على المعالم الأثرية.