«الثلاثة الكبار» وصناعة السيارات في أمريكا «1 من 2»
يؤكد أول إضراب ينظمه اتحاد عمال صناعة السيارات على الإطلاق ضد ما يسمى "الثلاثة الكبار" "جنرال موتورز، وفورد، وستيلانتس الشركة المالكة لكرايسلر"، على ضرورة المواءمة بين العمل والبيئة، والنمو الاقتصادي، وحقوق العمال. الواقع أن السياسات العامة الرامية إلى زيادة إنتاج ومبيعات المركبات الكهربائية قادرة على تحفيز الإبداع والاستثمار من جانب القطاع الخاص على النحو الذي يعود بالنفع على العمال. لكن تحقيق هذه الإمكانية يتطلب فهما جديدا للدور الذي تضطلع به الحكومة من جانب، والعمال من الجانب الآخر في دفع عجلة التغيير الاقتصادي الإيجابي على نطاق واسع.
في حين أوضح اتحاد عمال صناعة السيارات أنه لا يعارض التحول إلى اقتصاد أخضر، فإنه يصر على أن هذا التحول يجب أن يشمل صنع فرص عمل جيدة أو الحفاظ على الفرص القائمة. يتمثل المغزى الأشمل هنا في أن "التحول الأخضر" سيفتقر إلى الدعم السياسي اللازم للخروج من مرحلة البدء ما لم يجلب عدالة أماكن العمل والعدالة الاقتصادية بشكل كامل. من دون ريب، الحكومات وحدها تملك القدرة على دفع عجلة هذا التحول الاقتصادي وضمان عمله على تحسين حياة الطبقة العاملة. وإليكم ماذا يتوجب على الحكومات أن تفعل.
أولا، تستطيع الدول، بل ينبغي لها، أن تبذل مزيدا من الجهد لتحديد الاتجاه العام للاستثمار، والإبداع، والنمو. فمن خلال صياغة غايات أو "مهام" مناخية جريئة تنطوي على أهداف طموحة قابلة للقياس، يصبح بوسعها حشد الاستثمارات العامة والخاصة وتحفيز الإبداع عبر مختلف القطاعات.
بطبيعة الحال، ستعمل المهام المرتبطة بالبيئة مثل التخلص من تقليل المحتوى المادي من الصلب "كما فعلت ألمانيا" ـ على تعزيز الكفاح ضد تغير البيئة وإيجاد فرص هائلة للشركات التي توائم أعمالها بما يتماشى مع الأهداف ذاتها. ولكن لكي ينجح هذا النهج في الإطار الزمني الذي أعطانا إياه علماء المناخ، فإن الشركات تحتاج إلى ذلك القدر من التركيز والاضطرار المعهود في عمليات التعبئة في زمن الحرب.
كثيرا ما حفزت مثل هذه المناسبات من قبل الإبداع وساعدت على حشد الاستثمارات الخاصة على نطاق واسع. الواقع أنها، في لحظات جوهرية في التاريخ، عملت على تعزيز تقدير العاملين العاديين الكادحين على نطاق أوسع انتشارا.
من الأمثلة البارزة في هذا الصدد المساهمة التي قدمها والتر روثر، مؤسس اتحاد عمال صناعة السيارات "ذات النقابة العمالية المضربة اليوم" أثناء الحرب العالمية الثانية. كان روثر يمقت الفاشية ويرى فرصة للعمال. في 1940، وتحت قيادته، نجح اتحاد عمال صناعة السيارات في المطالبة بأن تتحول شركات صناعة السيارات الأمريكية إلى حالة الإنتاج في زمن الحرب وفقا لجدول زمني أسرع كثيرا مما اقترحته الإدارة. لو لم يتخذ الاتحاد ذلك الموقف الاستباقي، فربما كانت التعبئة الأمريكية للحرب لتستغرق وقتا أطول كثيرا ـ أو لعلها كانت لتفشل تماما.
ثانيا، الحكومات قادرة على تحديد شروط الوصول إلى التمويل العام لإلزام الشركات المتلقية بتنفيذ سياسات عمل عادلة، والحد من عمليات إعادة الشراء من جانب المساهمين، ومواءمة عملياتها مع الأهداف المناخية، وإعادة استثمار الأرباح في العمال ومشاريع البحث والتطوير. وقد يشمل هذا إعادة تخصيص إعانات الدعم القائمة لتحفيز قطاع السيارات والقطاعات المرتبطة به على التحول بما يتماشى مع التحول الأخضر. وتشكل الشروط المفروضة على المنح العامة، والاستدانة أو الاستثمارات في الأسهم، والمزايا الضريبية، وغير ذلك من الحوافز، أدوات قوية لتعظيم إيجاد القيمة العامة... يتبع.
خاص بـ "الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2023.