يوم وطني للعالم
في كل عام يفاجئنا اليوم الوطني ويكشف لنا سرا من أسرار هذه الأرض المباركة، بالأمس اكتست الشوارع باللون الأخضر، الأعلام تحيط بك من كل جانب، تشعر أنها تحملك لعنان السماء، لعين الشمس، حيث يتحول الحلم إلى حقيقة، سماء خضراء وقلوب بيضاء، وسواعد سمراء عمرت هذا البلد بالحب قبل الحجر والأسمنت.
رسم الشعب السعودي اليوم أجمل لوحة قد تراها، لم ترسمها يد واحدة، بل آلاف الأيدي والأقلام، حلقت قلوبنا مع طائرات الاستعراض الجوي الذي لامس القلوب واشرأبت الأعناق لمتابعة مهارة وفن أبنائنا، وقلوبنا تلهث بالدعاء لهم أن يحفظهم الله في السلم والحرب، صوت هدير محركات طائراتهم يعزف لنا لحن السلام، إنه بالنسبة لنا نغم ورمز للقوة والولاء نحمد الله عليه، ونحزن ونحن ندرك أن معناه على النقيض تماما لدى بعض الشعوب المنكوبة، حيث يمثل لهم هذا الهدير نداء الموت.
نعمة الأمن والأمان، التي نرفل فيها في ظل حكومة تمثل لنا الحصن المنيع أمام كيد الأعداء وحسدهم وحقدهم وقادة تعلمنا منهم ألا نلتفت للوراء ونسعى قدما متسلحين بلا إله إلا الله وبعقيدة ثابتة وإيمان راسخ بدولتنا، دولة الجميع!
وصفوها ببلد الإنسانية، وأنا أقول إنها "بلد الإنسان"، يشهد على ذلك تلك الأفواج التي خرجت تحتفل معنا من شتى بقاع الأرض متوشحين بعلم السعودية جنبا إلى جنب مع أعلام بلادهم، أشقاء لنا من الإمارات حتى تظن أنك في دبي، وآخرون من قطر والكويت والبحرين تزينت مركباتهم باللون الأخضر وحملت شعار السيفين والنخلة، وأشقاء من البلاد العربية يتمايلون على أهازيجنا السعودية وفنوننا الأصيلة ارتدوا اللون الأخضر، لا تستطيع أن تفرق بين السعودي وإخوته من شتى بلاد العالم إلا بالملامح فقط، لقد غادروا بلادهم ليسكنوا قلوبنا، فظهر ذلك جليا على وجوههم وصدق ابتساماتهم وألسنتهم الداعية لهذا البلد بالخير ودوام نعمة الأمن والأمان.
أما الإخوة الباكستانيون، فحكايتهم معنا حكاية أخرى، تعجز أن تفسر ذلك الشعور الذي يغمرهم في كل مناسبة وطنية، حتى لتشعر أنهم سعوديون أكثر منا، يحملون راية التوحيد بأيديهم وقلوبهم مفعمة بالحب والولاء لهذه الأرض التي تعني لهم الكثير، فهي ملاذ المسلمين وحصنهم المنيع ورمز عزتهم عليها يستندون وتحت رايتها يستظلون، حب لم أشهد له مثيلا، لم يمنعهم سعيهم وراء لقمة العيش من المشاركة حتى ساعات متأخرة من الليل، هنيئا لنا قيادة وحكومة وشعبا بحب كل من سكن هذه الأرض. شعرت بالأمس أن السعودية ليست أرضا فقط، بل حضنا يضم الجميع.
كل عام ونحن وهم "نحلم ونحقق".