الائتمان الخاص .. توجه يكتسب زخما في أوروبا

الائتمان الخاص .. توجه يكتسب زخما في أوروبا

لم يسبق لأي تاجر أن قام بتحويل فكرة قديمة إلى جديدة بالحماسة التي يظهرها الممولون. ضع في اعتبارك الائتمان الخاص. إنه أهم شيء جديد الآن في مجال التمويل. يصف المصطلح الرنان قروض الشركات التي لا يتم تداولها علنا.
لكن الائتمان الخاص، بتعريفه الأوسع، هو بالضبط ما اعتمد عليه عدد لا يحصى من أصحاب الأعمال لقرون. حيث تصف المصطلحات المتخصصة في الواقع الإقراض الذي لا تسيطر عليه البنوك. بدلا من ذلك، يتم حشد المستثمرين من قبل مديري الأصول البديلة مثل أبولو، وبلاكستون، وبروكفيلد.
إذا لم تستطع هزيمتهم فانضم إليهم. في الأسبوع الماضي، أطلق بنك سوسيتيه جنرال صندوق ائتمان خاص بقيمة مستهدفة تبلغ عشرة مليارات يورو بشراكة مع بروكفيلد. ويقال إن "باركليز" يخطط لإنشاء أداة مشابهة مع "إيه جي إل كريديت مانجمنت".
هذا أمر مربك لأي شخص يفضل بنوك الظل والمقرضين ذوي الشفافية على البقاء في مكانهم المظلل أو المشمس. كما أنه يثير تساؤلات حول من سيحظى بتوازن المزايا في هذه الترتيبات.
إن صناديق إدارة الأصول البديلة هم على رأس الصراع الأوسع. فالائتمان الخاص يشكل إحدى الوسائل التي تمكنهم من توسيع مناطقهم إلى ما هو أبعد من حصنهم القديم للأسهم الخاصة. وفي السابق، كانوا يعتمدون على البنوك لتزويد عمليات الشراء الشامل الخاصة بها بتمويل الديون من خلال تجميع القروض والسندات المتداولة في البورصة. وعبر إنشاء صناديق ائتمانية خاصة، تمكنت صناديق إدارة الأصول البديلة من السيطرة على الأعمال التي كانت تعهد بها إلى جهات خارجية.
يقوم كبار المستثمرين باستثمار الأموال في الصناديق بهدف تحقيق عوائد أفضل من تلك التي يحققونها على القروض المشتركة أو السندات. حيث يقول مايك كاروثرز من صندوق بلاكستون، "عادة ما يدفع المقترضون للبنوك بضع نقاط مئوية مقابل إيداع يتم بخصم مقابل القيمة الاسمية التي تبلغ نقطة أو نقطتين. أما في صفقة ائتمان خاصة، فستذهب جميع هذه الرسوم إلى المستثمرين في الصناديق".
تتمثل الميزة بالنسبة إلى المقترضين في أنها عملية أسرع وأبسط توفر قليلا من المعلومات للمنافسين. وهذا يتناقض مع تعقيدات الدين العام مثل التصنيفات الائتمانية، والحملات الترويجية، والتقارير العامة الفصلية. من المفترض أن تكون تكلفة رأس المال المنخفضة هي ميزة النهج الأخير.
من الواضح أن المقترضين لا يصدقون ذلك. قد تعترض على أن الشركة التي في طور التحول إلى شركة تابعة لمجموعة استحواذ لا يمكنها أن ترفض أموال العملاء الخاصة بالمجموعة. مع ذلك، قدمت صناديق الائتمان الخاصة في بلاكستون تمويلا ضخما لاثنتين من عمليات الاستحواذ الأوروبية الأخيرة بقيادة منافسين، الأولى كانت شراء شركة إي كيو تي لشركة ديتشرا، وهي مجموعة أدوية بيطرية مقرها المملكة المتحدة، بقيمة 4.5 مليار جنيه استرليني، والثانية كانت استحواذ شركة بيرميرا على مجموعة إيرجوميد للاختبارات السريرية مقابل 703 ملايين جنيه استرليني.
ارتفعت قيمة صناعة الائتمان الخاص إلى نحو 1.5 تريليون دولار، وفقا لمجموعة بريكن لتزويد البيانات، رغم أن ذلك يمثل رأس المال المخصص وليس المستثمر بالكامل. وتقدر شركة جيه بي مورجان أسيت مانجمنت أن الإجمالي سيتجاوز 2.5 تريليون دولار بحلول نهاية 2027.
إن نسبة صغيرة فقط من الالتزامات -نحو 220 مليار دولار- تستهدف أوروبا. وهنا تنطبق السلسلة المعتادة من شكاوى الممولين: الشركات أصغر حجما، والأسواق مشتتة، والنمو هزيل. قد يكون هذا أحد الأسباب التي دفعت بروكفيلد وإيه جي إل إلى التعاون مع البنوك الأوروبية. فمن خلال تسخير أموالهما لبنك سوسيتيه جنرال وبنك باركليز، لا بد أن تكون أموالهما قادرة على إنشاء القروض التي ما كانت لتنتج لولا ذلك إلا عن التوسع الأوروبي الذي يتطلب استخداما كثيفا للموارد.
إن لدى "باركليز" و"سوسيتيه جنرال" بالفعل شبكات أوروبية كبيرة. إذ تمنحهما الشراكات الفرصة لاستخدام مهاراتهما في إنشاء القروض بطريقة تدر عليهما رسوما لكنها لا تتطلب رأسمال احتياطيا إضافيا.
لا ينبغي لنا أن نبالغ في التحدي الذي يفرضه الائتمان الخاص على البنوك في النشاط الأساسي المتمثل في القروض التجارية، الذي تبلغ قيمته نحو 20 تريليون يورو في الاتحاد الأوروبي وحده. حيث يظل الائتمان الخاص مرتبطا بعمليات الشراء الشامل. ولا ينبغي لرؤساء البنوك أن يشعروا بالقلق إلا عندما يقوم مديرو الأصول البديلة بإقراض المليارات بشكل منتظم لأغراض عامة للشركات.
من ناحية أخرى، تفكر الهيئات التنظيمية في الاتحاد الأوروبي فيما إذا كان نقل مجموعة فرعية من قروض الشركات من الأسواق العامة إلى الأسواق الخاصة غير السائلة نسبيا من شأنه أن يؤدي إلى زيادة المخاطر النظامية. فالقواعد التي تمت صياغتها هذا الصيف من شأنها أن تحدد سقف القروض لصناديق الائتمان الخاص المغلقة بنسبة 300 في المائة. وسيكون الحد الأقصى للأدوات الاستثمارية المفتوحة 175 في المائة.
يمكن للمصرفيين التجاريين أن يشعروا ببعض الراحة من ذلك. فقد لا يتم التنافس على مزايا صناديق الائتمان الخاصة. لكن مع نموها، فإنها قد تعاني مصيرا مزعجا بالقدر نفسه، حيث سيتم تقييد بعض نقاط البيع الفريدة الخاصة بها وجعلها غير قانونية بدلا من ذلك.

الأكثر قراءة