ملعب الجولف مكان للمناقشات التجارية .. عمل أم لعب؟

ملعب الجولف مكان للمناقشات التجارية .. عمل أم لعب؟

لا يمكنني أن أدعي أنني مدمن عمل – فالكلمة قبيحة وسطحية. لكن مع دخولي العقد السادس من عمري، بدأت أخيرا في الاعتراف ببعض عادات العمل السيئة لدي. حيث على عكس والدي، الذي كان يتوجه إلى المكتب في الصباح، ويعود إلى المنزل في المساء ولا يعمل أبدا خارج تلك الساعات، فقد أعمل في أي مكان وفي أي وقت. أضع حدودي عند غرفة النوم.

لا أعمل أبدا في غرفة النوم. لكن بخلاف ذلك، فإنني أميل إلى ترك العمل يتسرب إلى كل شيء. أدرك أن هذا ليس مدعاة للفخر. لكنه ليس شيئا غير عادي أيضا. لقد كانت التكنولوجيا عاملا مساعدا كبيرا على سوء نقاء العمل. كان والدي، الذي كان يقوم بتركيب وبرمجة أجهزة الحاسوب الكبيرة، يجد صعوبة في إنجاز كثير من الأعمال المفيدة من طاولة غرفة الطعام. لكن بالنسبة لكثير من العاملين في مجال المعرفة اليوم، فإن هذا الخيار متاح دائما. لقد أصبحت الخطوط الفاصلة بين العمل واللعب غير واضحة لدرجة أن العمل ليس أقل إنتاجية فحسب، بل أصبح الترفيه أقل متعة. بالطبع، من المفيد أن تكون قادرا على العمل من أي مكان، أو الرد على رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بالعمل أثناء وقوفك في الطابور في السوبرماركت، أو إنجاز بعض المهام أثناء استقلالك للقطار، أو كتابة التقارير وحضور الاجتماعات أثناء أحد الإغلاقات بسبب الجائحة.

لكن الراحة تولد الإغراءات دائما. وسرعان ما لا نعمل في الوقت الميت فحسب، بل في الوقت الذي ينبغي أن نكون فيه مسترخين، أو ننتبه لأحبائنا أو نقضي وقتا ممتعا. يستفيد العمال ويخسرون بسبب هذا. قد يغريك صاحب العمل بالرد على رسائل البريد الإلكتروني أثناء طهيك لعائلتك أو يطلب منك إجراء بحث منتصف الليل لرئيسك في العمل بدلا من قضاء الوقت مع شريكك.

لكنك تجني ثمرة أفعالك. ردا على ذلك، يمكنك أن تضيع الوقت على مكتبك بلعب ألعاب الفيديو، أو التحديق بذهول في تطبيق تيك توك، أو التسوق عبر الإنترنت. أو يمكنك الذهاب للعب الجولف. لاحظ عدة من زملائي النتيجة الأكاديمية الأكثر روعة وإثارة للغضب هذا العام: اكتشف الباحثون في جامعة ستانفورد أن "العمل من المنزل أدى إلى حدوث طفرة هائلة في رياضة الجولف". تكون هذه الطفرة أكثر وضوحا في منتصف الأسبوع ومنتصف بعد الظهر. على سبيل المثال، ارتفعت نسبة ممارسة لعبة الجولف في أيام الأربعاء بنسبة 150 في المائة تقريبا بين عامي 2022 و2019، بينما ارتفعت نسبة ممارسة لعبة الجولف في الساعة الرابعة مساء بعد ظهر الأربعاء بأكثر من 275 في المائة.

لا تتعلق هذه الزيادة في شعبية لعبة الجولف المتزايدة بقدر ما تتعلق بالتغير في عادات لعب الجولف: كانت ممارسة الجولف في أيام السبت أقل شعبية قليلا عام 2022 عما كانت عليه عام 2019. وكتب الباحثان أليكس فينان ونيك بلوم: "التفسير الأكثر ترجيحا هو أن الموظفين يلعبون الجولف كفترات استراحة أثناء العمل من المنزل". حسنا، هذا حقا ما يحدث. هذا الاكتشاف يجلب فرحة مريرة. حيث تفوح رائحة الامتياز من الجولف، وبما أن القدرة على العمل من المنزل هي أيضا امتياز، فإن هذه القصة عبارة عن شطيرة امتياز ذات طابقين. من ناحية أخرى، هناك شيء ماتع في فكرة أن يجد أي عامل طريقة للتهرب من العمل. كثير منا يكافح من أجل الحصول على وقت فراغ كاف في حياتنا. اللعب، والاسترخاء، الاستمتاع بأنفسنا.. يبدو أن هذه الأشياء لم تعد تأتي بشكل طبيعي. من الجيد أن نرى لاعبي الجولف يدافعون عن حقهم في الاستمتاع. خلال فترة الإغلاق الأولى أدركت مدى سوء عادات العمل الخاصة بي وعدد المرات، قبل الجائحة، التي تم إنقاذي فيها من الذهاب نحو المكتب بسبب عادتي للموازنة المتمثلة في وضع خطط ثابتة للقيام بأشياء أخرى، مثل الخروج لتناول العشاء أو مشاهدة حفلة موسيقية. في كثير من الأحيان أثناء فترة الإغلاق، كنت آخذ استراحة لتناول العشاء ثم أعود مباشرة إلى العمل. صحيح، كنت أحاول إقناع نفسي خلال الأوقات الصعبة بأن تحليل الأرقام كان مهما لسبب ما. لكن، في الأغلب، كان العمل يتسلل عندما لم آخذ الوقت الكافي للتفكير في شيء أفضل للقيام به.

وعندما بدأ العالم في الانفتاح مرة أخرى، كنت مصمما على تذكر الدرس. لقد كنت أحاول ملء وقت فراغي بأنشطة ممتعة لدرجة لا تطرح معها مسألة العمل، هكذا ببساطة. من الصعب، فضلا عن أنه من غير اللائق، تفقد هاتفك وأنت تمشي أو تتناول العشاء مع الأصدقاء. تعد الرياضة الشاقة مثالية، كما هي الحال مع الذهاب إلى مكان حيث لا يمكن إلا للأحمق أن يتفقد هاتفه، سواء كان حمام سباحة أو قاعة سيمفونية. وكما كتب بنجامين هوف في كتابه ذا تاو أوف بوه (1982): "إنه لأمر ماتع حقا أن تذهب إلى مكان لا توجد فيه أجهزة لتوفير الوقت، لأنك عندما تفعل ذلك، ستجد أن لديك كثيرا من الوقت". الذي تغير منذ تفشي الجائحة هو السؤال المحرج حول ماهية ساعات العمل. في السابق، إذا كان لديك عمل، كنت تسبح في الصباح، أو المساء أو عطلة نهاية الأسبوع.

أما الآن فقد ترغب في السباحة بعد ظهر الخميس. من يمكنه أن يقرر ما إذا كان بإمكانك القيام بذلك أم لا؟ من سيعرف حتى؟ في عالم حيث يتابع كثير من الناس رسائل البريد الإلكتروني في الساعة 6 صباحا أو منتصف الليل أو كليهما، فمن غير الواضح بالنسبة لي أن العامل الذي يمارس اليوجا أو الجولف في منتصف يوم العمل يفعل أي شيء غير معقول. (هذه ليست مشورة قانونية!) ما يثبط عزيمتي بشأن لاعبي الجولف هو أن بعضهم يخذلون جانبهم. من المؤكد أن إحدى فوائد ممارسة لعبة جيدة – مثل الجولف أو أي شيء آخر – هي الابتعاد عن مهام مكان العمل لبعض الوقت.

لكن ملعب الجولف كان دوما مكانا للمناقشات التجارية، ويبدو أن هذا لم يتغير: نقل فينان وبلوم عن أحد المديرين التنفيذيين في مجال التكنولوجيا الذي كان زميله "يتلقى مكالمة "زووم" من ملعب الجولف. لقد كان في وضع كتم الصوت ومتوقف عن تشغيل الفيديو، لكن ذات مرة عندما كان يتحدث سمعت شخصا يتحدث عن الممر والضربات". إن حضور اجتماع "زووم" من ملعب الجولف يخاطر بإفساد الاجتماع واللعبة، وفي الوقت الذي نسي فيه عدد كبير للغاية من العاملين في مجال المعرفة الفرق بين العمل واللعب، يتعين علينا أن نرسم حدودا مدروسة بين الاثنين.

الأكثر قراءة