اعترف بالخطأ لتغير مسارك .. إذا لم تفشل فأنت لا تنمو

اعترف بالخطأ لتغير مسارك .. إذا لم تفشل فأنت لا تنمو

كانت أوائل أبريل عام 2020 وقتا قاتما لكثير من الشركات. لكن ستيف سكويري الرئيس التنفيذي لشركة أمريكان إكسبريس، وجد نفسه في مواجهة ظروف مقلقة بشكل خاص. لقد تراجعت مدفوعات بطاقات الائتمان بنسبة 50 في المائة، وكانت الشركة تخشى أن ما يصل إلى 11.5 مليار دولار من القروض وديون بطاقات الائتمان كانت معرضة لخطر التخلف عن السداد، وأدت عمليات الإغلاق الناجمة عن كوفيد إلى تدمير فوائد السفر والترفيه التي يقدرها عملاؤها للغاية.

حتى لو اتخذت الشركة إجراءات لحماية نفسها، وقامت بتسريح العمال وخفضت الإنفاق بشكل حاد، بدا أنها في طريقها لخسارة كبيرة. لم يكن سكويري، الذي مضى حينها على توليه منصب الرئيس التنفيذي عامان، يميل إلى اللعب بطريقة آمنة. لقد أراد إبقاء الجميع على كشوفات الأجور، ومراقبة فرص الاستحواذ، وإنفاق مليار دولار على أنواع جديدة من المكافآت لحاملي البطاقات الذين كانوا عالقين في المنزل. يتذكر سكويري قائلا: "لقد كان الأمر يعتمد على فلسفة مفادها أننا لم نكن نلعب لعبة قصيرة الأجل. في أي انكماش، هناك دائما ارتفاع. وإذا لم تكن مستعدا للارتفاع، فقد أضعت فرصة للمضي قدما". لكن كان عليه أولا أن يحذر أكبر مساهم في المجموعة من الخسائر المحتملة ويشركه في الأمر. "اتصلت بوارن بافيت وقلت: من المحتمل أن نخسر أربعة دولارات في السهم، ولست متأكدا متى ستعود المدفوعات.. لكنني أعتقد أن ما يتعين علينا فعله هو الاهتمام بزملائنا والاهتمام بعملائنا. إذا فعلنا ذلك، أعتقد أننا سنحظى باستمرارية على المدى الطويل من مساهمينا". اقتنع بافيت، الذي اشترى معظم أسهم شركة بيركشاير هاثاواي في أمريكان إكسبريس في التسعينيات ويمتلك الآن حصة 20 في المائة. وأجاب: "أهم شيء يجب العناية به هو عملاؤك وعلامتك التجارية.

من الصعب استعادة العملاء. وبمجرد أن تلحق الضرر بالعلامة التجارية، فهذه نهايتها". بعد أن تأكد من الدعم، مضى سكويري قدما في قراره. بدأت شركة أمريكان إكسبريس في تقديم حسومات لحاملي البطاقات على رسوم البث والشحن، الأمر الذي لم يبن الولاء فحسب، بل شجع العملاء الذين استخدموا البطاقة سابقا في الغالب للسفر والترفيه على البدء في استخدامها للتسوق عبر الإنترنت، والاشتراكات والإنفاق اليومي. استحوذت شركة أمريكان إكسبريس على كابيج، وهي منصة للخدمات المصرفية عبر الإنترنت، لتوسيع قسم الأعمال الصغيرة المتنامي لديها. وكان السعر المبلغ عنه البالغ 850 مليون دولار هو نصف قيمته في وقت عملية جمع الأموال السابقة التي قامت بها عام 2017.

وقال سكويري: "لقد حولتنا الجائحة إلى شركة ذات نمو أعلى". قبل كوفيد، كانت شركة أمريكان إكسبريس تهدف إلى تحقيق نمو في الإيرادات بنسبة 8 إلى 10 في المائة، وفي العام الماضي، مع تعافي المدفوعات من الركود الناجم عن عمليات الإغلاق، سجلت زيادة بنسبة 25 في المائة. وهذا العام، في ظل ظروف أكثر طبيعية، توقعت الشركة قفزة أخرى بنسبة 15 إلى 17 في المائة على خلفية نجاحها في توظيف العملاء الأصغر سنا، جيل الألفية والجيل زد، الذين يمكنهم تعزيز النمو لعقود مقبلة.

وفي لفتة لمدى إعادة ضبط التوقعات، أعلنت شركة أمريكان إكسبريس إيرادات وأرباح قياسية للربع الثاني، لكن سعر سهمها انخفض في ذلك اليوم. ويقول بعض المراقبين في شركة أمريكان إكسبريس: إنهم فوجئوا بسرور بجرأة سكويري. مع أنه ينظر إليه على نطاق واسع على أنه رجل عمليات، إلا أنه لم يكن في الأصل مرشحا لخلافة الرئيس التنفيذي السابق كين تشينولت، رغم أنه أمضى عقودا في الشركة. بعد أن قضى فترات في منصب كبير مسؤولي المعلومات ورئيس قسم البطاقات المؤسسية، اعترف سكويري بأنه كان يخطط للتقاعد في سن الـ60، في عام 2019 تقريبا. بدلا من ذلك، لجأ تشينولت إليه عندما توفي الوريث بلا منازع، إيد جيليجان، بنوبة قلبية عام 2015، في الوقت الذي كانت فيه الشركة تواجه منافسة أشد وخسارة شراكتها مع كوستكو، شركة مستودع المستهلك.

يقول ريان ناش، المحلل في بنك جولدمان ساكس: "كان أحد الأسئلة الكبيرة عندما جاء هو، هل سيكون قادرا على أخذ تركيزه التشغيلي.. وهل لديه رؤية استراتيجية حول المكان الذي سيقود الشركة إليه؟ أعتقد أنه أثبت على مدى الأعوام الخمسة أو الستة الماضية أنه يمكنه القيام بذلك". ارتفعت أسهم شركة أمريكان إكسبريس بنسبة 80 في المائة تقريبا منذ تولى سكويري زمام الأمور في الشركة، ومنحه مجلس الإدارة مكافأة خاصة العام الماضي، ما رفع إجمالي أجره لعام 2022 إلى 48 مليون دولار.

وقد وضعته الجائزة بين الرؤساء الأعلى أجرا في مؤشر إس أند بي 500. كما أثارت قلق المستثمرين. أثار القرار غير الملزم هذا العام بشأن خطة الأجور في الشركة معارضة بنسبة 46 في المائة، حيث اشتكى المساهمون، بمن فيهم صندوق بلاك روك، من أن الأجور لم تكن متوافقة بشكل كاف مع الأداء. أن تكون شخصا ذا امتيازات غير مستحقة في الشركات يتعارض مع صورة سكويري لنفسه كشخص يجلس خارج حشد ذوي الامتيازات الذي يهيمن على الخدمات المهنية. إنه حفيد مهاجرين إيطاليان وأيرلنديان وابن محاسب كان يعمل في الليالي وعطلات نهاية الأسبوع في متجر بلومينجديلز متعدد الأقسام لتغطية النفقات.

أثناء دراسته في كلية مانهاتن، عاش سكويري في منزله، ولم يستقل طائرة قط حتى انضم إلى برنامج تدريبي فيما يعرف الآن بمجموعة أكسنتشر الاستشارية. يوم في حياته • الساعة 5:45 صباحا أستيقظ • الساعة السادسة صباحا أغادر المنزل وأعمل في السيارة. لا يرغب كثير من الأشخاص في التحدث في ذلك الوقت، لكن يمكنني الاطلاع على رسائل البريد الإلكتروني • الساعة 6:45 صباحا أقوم بالتمرين لمدة نصف ساعة في المكتب على دراجة ثابتة، يتبع ذلك احتساء الشاي وتناول الفاكهة • الساعة الثامنة صباحا تبدأ الاجتماعات ولا يوجد شيء آخر معتاد. الأيام مجهدة • الساعة 12 ظهرا أتناول السلطة نفسها كل يوم إلى حد كبير، من مطعم تشوبت.

أتناول الطعام على مكتبي • الساعة 12:30 ظهرا - إلى 5:30 مساء تحدث الأمور تلو الأخرى.. أحاول أحيانا الذهاب إلى الكافتيريا لشراء وجبة خفيفة، حتى يتمكن الناس من رؤيتي ولكسر الرتابة • الساعة 5:30 مساء - إلى 7:30 مساء أتلقى مكالمات هاتفية في طريق العودة إلى المنزل ثم أتناول العشاء • الساعة 7:30 مساء - إلى 10:30 مساء أتلقى ما بين 150 إلى 200 رسالة بريد إلكتروني من العملاء يوميا. أقرأ وأجيب على كل واحدة منها. نقول إننا نموذج يهتم بالعضوية. كيف نتجاهلهم؟ • الساعة 10:30 مساء إلى 11:30 مساء أسترخي لمدة ساعة قبل النوم. أحاول ألا أعمل في ليالي الجمعة لكني أعمل من الساعة السادسة مساء حتى الساعة 11 مساء أيام الأحد. يتعلق الأمر بالاستعداد للأسبوع المقبل. إنها وظيفة على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع.

وبعد أربعة أعوام انتقل إلى شركة أمريكان إكسبريس. هناك، برزت لهجته من كوينز وبدلاته الرخيصة بشكل سيئ لدرجة أن أحد المسؤولين التنفيذيين أخذه جانبا. وقال: "لديك عقل حاد حقا، لكن الباقي يحتاج منك إلى كثير من العمل. يميل (كبار المديرين) إلى استخدام جميع الحروف الأبجدية عندما يتحدثون". اصطحب المرشد سكويري للتسوق، ونظم دروسا في فن الخطابة، بل ونظم جلسات مع أحد علماء الأنثروبولوجيا الثقافية حتى يشعر المدير صغير السن بالارتياح عندما يتم إرساله إلى مكاتب المجموعة في الخارج. يقول سكويري: "أنا مثال على كيف يمكن لأي شخص أن يصل إلى القمة عن طريق كثير من العمل الشاق وبوجود أشخاص يديرون الشركة ممن ينظرون إلى الأفراد على نطاق واسع ولا يحكمون على الكتب من غلافها".

وبصفته رئيسا تنفيذيا، كان يسترشد بمثال والده. "لقد كان يعامل الجميع بالطريقة نفسها، بغض النظر عما إذا كانوا من أصحاب الأسهم، أو رئيسا، أو نظيرا. لقد عاملهم جميعا باحترام كامل. ونتيجة لذلك، حصل على احترام كامل". قبل توليه منصبه في شركة أمريكان إكسبريس، التقى سكويري بشكل فردي 80 من كبار المسؤولين التنفيذيين في الشركة، وسألهم عما كانوا يأملون أن يفعله وما هو أكثر ما يخشونه. كما عمل مع أستاذ في كلية هارفارد للأعمال وكبار المسؤولين التنفيذيين في شركة أمريكان إكسبريس لصياغة ما يسميه "إطار العمل للفوز" – صفحة واحدة تحدد رؤية الشركة واستراتيجيتها، وما زالت تدفع قراراته اليوم.

يقول جيف كامبل، المدير المالي المغادر للشركة: "ستيف مدرب عظيم. لديه موهبة هائلة في اكتشاف كيفية الانسجام مع جميع أنواع الأشخاص والحصول على أفضل النتائج منهم". قام سكويري بإعادة هيكلة المكافآت في جميع أقسام الشركة، ما أدى إلى إلغاء التصنيفات الخاصة بوحدات الأعمال ووسع برنامج المكافآت بشكل كبير. والآن أصبحت القوة العاملة بأكملها التي يبلغ عددها 77 ألف شخص مؤهلة للحصول على دفعة سنوية كبيرة بناء على أدائهم الفردي والنتائج على مستوى الشركة.

ويقول سكويري إنه قبل التغيير، "كان هناك عدد كبير من الأشخاص الذين كان دافعهم هو أن تستمر الشركة في العمل فحسب. والآن، دافعهم هو، كيف يمكننا أن نجعلها أفضل؟" ويجادل بأن نهاية نتائج وحدات العمل قد حسنت التفكير الاستراتيجي، لأن كبار المسؤولين التنفيذيين يمكنهم التركيز على ما سيؤدي إلى أفضل النتائج للمجموعة، بدلا من محاولة بناء الإمبراطوريات. يقول "إننا نستفيد أكثر من نموذج عملنا عندما تسير جميع المجاديف في الاتجاه الصحيح". يخضع هذا التكامل بالفعل للاختبار عبر مجموعة جديدة من التحديات. حيث في هذا العام، ضاعفت شركة أمريكان إكسبريس مخصصات خسائر الائتمان أكثر من ثلاث مرات، مع تزايد المخاوف من تباطؤ الاقتصاد.

ورغم استمرار الشركة في الإعلان عن إيرادات وأرباح قياسية، إلا أنها خالفت توقعات المحللين في الربعين الأول والثاني، ما أدى إلى انخفاض سعر السهم. يقول ماكري سايكس، مدير محفظة في شركة جابيلي فندز، التي تدرج شركة أمريكان إكسبريس ضمن أكبر عشرة استثمارات لديها: "لقد قام ستيف بعمل رائع.. لكنه مجال تنافسي للغاية. في بيئة اقتصادية أكثر صعوبة، بالطبع ستنكمش أرباحها".

يشعر سكويري، البالغ من العمر الآن 64 عاما، بالتفاؤل بشأن التقلبات اليومية. ويقول: "عليك أن تراقب ما يحدث بالفعل وأن تكون على استعداد للاعتراف بأنك مخطئ، وأن تغير مسارك. أنا ارتكب الأخطاء كل يوم.. إذا لم تفشل فهذا يعني أنك لا تنمو".

الأكثر قراءة