متوارون عن الأنظار .. مقدمو الرعاية الموظفون بحاجة إلى تقدير

متوارون عن الأنظار .. مقدمو الرعاية الموظفون بحاجة إلى تقدير

لا أتذكر بالضبط متى خطرت ببالي هذه الفكرة، لكن في وقت ما من هذا العام أدركت أنه إذا أجرى أصحاب العمل تدقيقا لمعرفة عدد موظفيهم الذين يحاولون العمل أثناء رعاية قريب مسن لهم، فستظهر النتائج صاعقة.
بين عشية وضحاها تقريبا، بدا لي أن نصف الذين أعرفهم في الأربعينيات أو الخمسينيات من أعمارهم يكافحون من أجل التوفيق بين واجبات الرعاية والعمل اليومي المزدحم، بنتائج مختلفة تماما لكل واحد منهم.
فهذا الرجل تعرض للتوبيخ من رئيسه بسبب خلل في العمل فيما كان يهرع إلى مستشفى في الخارج محاولا ترتيب مسألة الرعاية لوالدته في السبعينيات من العمر بعد سقوطها.
وهناك المرأة التي حافظت على التزام بالتحدث في اجتماع عبر الإنترنت فترة طويلة وهي جالسة على الأرض في غرفة نوم بلا مكتب، فيما كان حموها يحتضر في الطابق العلوي.
وهناك عدد من الأزواج، بعضهم لديه أطفال في سن ما قبل المراهقة، الذين أصبحت إجازات نهاية الأسبوع وعطلاتهم حافلة بخطوط الطرق السريعة ورحلات القطار لرعاية زوجين من الآباء الذين تردت أحوالهم الصحية.
ما يلفت النظر لم يكن أن كل هذا الكم من الرعاية كان يبذل. كلما طالت حياة الناس، لا بد أن يحتاجوا إلى مساعدة أقاربهم الذين يودون تقديمها. يقدر باحثون أن ما يعادل 600 شخص يوميا يتخلون عن العمل مدفوع الأجر في المملكة المتحدة من أجل الرعاية. معظمهم من الإناث.
لدى النساء احتمالية نسبتها 50:50 في أن يصبحن مقدمات رعاية في سن 46 عاما، في حين يواجه الرجال الاحتمالات نفسها عند بلوغهم 57 عاما، وتشير الأرقام الرسمية إلى وجود ما لا يقل عن 5.7 مليون مقدم رعاية لا يتقاضى أجرا في المملكة المتحدة.
لكن الجانب الأكثر إثارة للاهتمام فيما كان يفعله أصدقائي هو القدر الإضافي من التوتر الذي جاء من فعله خفية.
كانوا يأخذون إجازة متكررة من أجل رعاية أحد ما، التي لم تكن أبدا الإجازة التي يحتاج إليها كثير منهم.
قليل منهم لديه مدير يعرف ما يجري. يخشى بعضهم أن يضر إشعار رئيس بوضعهم الوظيفي. وشكك آخرون في أن مديرهم سيساعدهم.
قال رجل أخذ إجازة لأسبوع هذا العام بعد سقوط والدته المسنة: "على الشركات أن تتابع هذا الأمر متابعة أفضل". وأخذ أسبوعا آخر عندما اصطدمت بسيارتها، وآخر عندما خضعت لسلسلة طويلة من فحوص الخرف استمرت يوما كاملا في المستشفى.
"سأنهك بالكامل. ينبغي أن يعرف المديرون ما يحدث في حياة الناس"، كما أضاف.
نعم ينبغي عليهم، لكن هناك سببا وجيها واحدا وراء تولية تركيز أقل للإجازة من أجل الرعاية، فعلى عكس الأنواع الأخرى من الإجازات العائلية، فإن أصحاب العمل في الأغلب غير ملزمين بتقديمها قانونا.
إن الإجازة لمساعدة الوالدين العاملين على رعاية أطفالهم موجودة منذ أعوام في عديد من أنحاء العالم، كما هي الحال مع الإجازة بعد الولادة أو التبني. بعض الدول تمنح إجازات أكثر من هذه.
في اليابان، التي يوجد فيها أحد أكبر السكان سنا في العالم، يتمتع الموظفون بالحق القانوني في الاستئذان لرعاية أحد ما، إضافة إلى أيام إجازة إضافية لتقديم الرعاية.
لقد استغرق الأمر حتى هذا العام كي يقر برلمان المملكة المتحدة قانون إجازة لمقدمي الرعاية، الذي يسمح بإجازة غير مدفوعة الأجر لأسبوع واحد سنويا للعاملين الذين يعكفون على رعاية قريب أو معال. لن يكون أسبوع واحد كافيا لمقدمي الرعاية الذين أعرفهم، لكن سيحدث القانون الجديد فرقا كبيرا.
تقول إميلي هولزهاوزن، مديرة السياسات في مؤسسة كيررز يو كيه الخيرية: "سيجعل القانون هذا النوع من الرعاية أكثر وضوحا". ومن المفترض أن يسهل هذا الوضوح طلب إجازة من أجل الرعاية وترتيبها.
سيكون من الأفضل أن تحذو مزيد من الشركات حذو شركات مثل مجموعة سنتريكا للطاقة في المملكة المتحدة.
لأكثر من عقد، منحت المجموعة إجازة رعاية مدفوعة الأجر لمدة عشرة أيام، وفي 2019 سمحت بـعشرة أيام أخرى إذا تصادف أخذها مع إجازة سنوية، لذا إذا احتاج موظف إلى يومي إجازة، فسيكون أحدهما إجازة رعاية والآخر إجازة سنوية.
هل هي مكلفة بجنون ومعرضة لإساءة استخدامها؟ حسبما تقول "سنتريكا" هي ليست كذلك. كان موظفوها يحصلون على 3.4 يوم فقط في المتوسط من الإجازة المرتبطة مع الإجازة السنوية قبل تفشي الجائحة. وتقدر أن السياسة وفرت عليها 1.8 مليون جنيه استرليني سنويا بتجنب حالات الغياب غير المخطط لها وضعف الأداء، و1.3 مليون جنيه استرليني أخرى من الاحتفاظ بالذين ربما كانوا سيغادرون لولاها.
ليست كل شركة كبيرة مثل سنتريكا، لكن الحجة التجارية لمصلحة تقديم إجازة رعاية أكثر سخاء مقنعة. من ناحية، فإن الحجة الإنسانية دامغة ومتنامية.

الأكثر قراءة