الارتفاع الطويل .. الاحتياطي الفيدرالي مصمم على نهجه
حاول جاي باول لأشهر أن يضع حدا للآمال بأن الاحتياطي الفيدرالي سيقوم بتغيير كامل مفاجئ عندما يصل إلى ذروة حملته التاريخية لرفع أسعار الفائدة.
أكد رئيس البنك المركزي الأمريكي الأربعاء هذه النقطة في مؤتمر صحافي بعد قرار الاحتياطي الفيدرالي بتثبيت معدل الفائدة الأساسي عند أعلى مستوى منذ 22 عاما. أرسلت تصريحاته، التي عززتها مجموعة جديدة من التوقعات الاقتصادية، رسالة واضحة: أي تخفيف لتكاليف الاقتراض العالية لن يكون عاجلا أو سخيا.
أظهرت التوقعات، التي تضمنت أيضا "مخططا بيانيا نقطيا" لتقديرات أسعار الفائدة الفردية، أنه بعد زيادة إضافية واحدة هذا العام – ترفع سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية إلى ما بين 5.5 و5.75 في المائة – يرى معظم المسؤولون مسارا أبطأ بكثير لتخفيضات أسعار الفائدة في 2024 و2025. على الرغم من استمرار الاحتياطي الفيدرالي في تشديد السياسة النقدية، فقد تنبؤوا بأن النمو الاقتصادي سيبقى قويا نسبيا وأن معدلات البطالة لن ترتفع بشكل ملموس.
أظهرت التوقعات تشديد صانعي السياسات التزامهم باتباع نهج أسعار فائدة "مرتفعة فترة أطول". كان متوسط التقديرات لصانعي السياسات في الاحتياطي الفيدرالي البالغ عددهم 19 هو أن ينخفض معدل الفائدة الأساسي للبنك إلى 5 في المائة وإلى 5.25 في المائة فقط العام المقبل. يعد ذلك أعلى بكثير من 4.5 إلى 4.75 في المائة التي أشاروا إليها عندما حدث المخطط النقطي آخر مرة في يونيو. بحلول 2026، لا يزال من المتوقع أن يكون بين 2.75 و3 في المائة.
قال داليب سينج، مسؤول سابق في الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك يعمل الآن كبير الاقتصاديين العالميين في شركة بي جي أي إم فيكسد إنكوم، "ما يقولونه هو أنه إذا كان هناك نمو قوي لهذا العام والعام المقبل، فذلك يزيد خطر عدم انخفاض التضخم الأساسي بالقدر الذي يأملونه ويتوقعونه".
"لذلك هناك احتمالية الحاجة للإبقاء على أسعار الفائدة الاسمية أعلى نوعا ما مما توقعوه سابقا"، كما أضاف.
يرى الاقتصاديون في المجمل أن نهج أسعار الفائدة "المرتفعة لوقت أطول" معقول. لكنهم أقل اقتناعا بتحذير باول بأن الاحتياطي الفيدرالي قد ينفذ زيادة أخرى في أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة هذا العام، حيث يبحث في إطار سياسة نقدية "مقيد بدرجة كافية".
تحذير باول بأن الاحتياطي الفيدرالي سيستمر في قرارات أسعار الفائدة المستقبلية "بحذر" إضافة إلى الرياح الاقتصادية المعاكسة الوشيكة – بما في ذلك تعطل الحكومة المحتمل عن العمل واستئناف سداد القروض الطلابية – أمور أثارت شكوكهم.
"ستفاجئهم بيانات التضخم في اتجاه موات، كما أعتقد أن نمو الربع الرابع من المحتمل أن يبدو أضعف قليلا من الربع الثالث"، كما قال جان هاتزيس، كبير الاقتصاديين في جولدمان ساكس، وهو من بين الذين يعتقدون أن الاحتياطي الفيدرالي انتهى من رفع أسعار الفائدة.
لكن قال هاتزيس إنه أكثر "تأييدا" لفكرة أن أسعار الفائدة ستبقى مرتفعة فترة طويلة من الزمن.
يدعم تلك الحجة الاقتصاد الذي أثبت أنه مرن أكثر مما كان متوقعا أمام تكاليف الاقتراض المرتفعة.
قال باول عندما ضغط عليه بشأن توقعات المسؤولين بأن تخفيضات أسعار الفائدة ستكون أقل العام المقبل رغم أن مسار التضخم المتوقع لم يصبح أسوأ مقارنة بيونيو، "بشكل عام، يعني النشاط الاقتصادي القوي أن علينا فعل المزيد فيما يتعلق بأسعار الفائدة".
يتوقع صانعو السياسة أن التضخم، بعد استبعاد أسعار الغذاء والطاقة، سيخف إلى 3.7 في المائة بحلول نهاية العام قبل أن ينخفض إلى 2.6 و2.3 في المائة في 2024 و2025 على التوالي. بدءا من يوليو، كان هذا المقياس، الذي يعرف بمؤشر سعر نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي، يحوم حول 4.2 في المائة.
إضافة إلى ذلك، لمح باول إلى أن نهج أسعار الفائدة المرتفعة لفترة أطول له مبرر، لأن تقديرات ما يسمى بسعر الفائدة "المحايد" – مستوى لا يسرع النمو ولا يبطئه – يمكن أن تكون أعلى من المتوقع في المدى القصير على الأقل.
يعتقد سينج أن سعر الفائدة المحايد قد يرتفع حتى 3.5 في المائة. الارتفاع في عدد العمال الذين يعودون إلى القوى العاملة والانحلال المستمر لتعقيدات سلاسل الإمداد الأخرى في فترة الجائحة ربما يمهدان الطريق لزيادة الإنتاجية، وفي المقابل، سيكون هناك "توازن أعلى في النمو"، كما أضاف.
أما الاقتصاديون الآخرون فهم أقل تفاؤلا بكثير، محذرين بأن توقعات المسؤولين للنمو والبطالة متفائلة للغاية. يعتقد صانعو السياسات أن الاقتصاد سيتوسع 2.1 في المائة هذا العام متبوعا بتوسع يبلغ 1.5 في المائة في 2024 و1.8 في المائة في 2025. في حين من المتوقع أن يرتفع معدل البطالة إلى ذروته عند مستوى لا يزيد على 4.1 في المائة على مدى الأعوام القليلة المقبلة.
قال أديتيا بهافي، كبير الاقتصاديين الأمريكيين في بنك أمريكا، إن تلك كانت "أكثر التوقعات التي يمكن تخيلها اعتدالا".
من جانبها، قالت دايان سونك، كبيرة الاقتصاديين في كيه بي إم جي، "لقد شجعهم مدى هدوء الاقتصاد وقوته في الوقت نفسه. آمل أنهم على حق، لكني أخشى أن يكونوا مخطئين".