علاجات كوفيد طويل الأمد .. الانتظار يطول والصبر ينفد

علاجات كوفيد طويل الأمد .. الانتظار يطول والصبر ينفد

بينما أخلى كوفيد- 19 المدن وأوقف الصناعات سريعا، انتشر كوفيد طويل الأمد خلسة.
لكن تأثيره في العامين الماضيين كان ضخما. أظهرت دراسة نشرت الشهر الماضي أن الحالة منتشرة لدرجة أن "أعوام الحياة الصحية" التي فقدها السكان بسببه فاقت تلك التي فقدوها بسبب مرض السرطان أو أمراض القلب.
سلب كوفيد طويل الأمد 80 عاما من الحياة الصحية لكل ألف من السكان - الطريقة المفضلة لقياس جودة الحياة - في أول عامين بعد الإصابة به، مقارنة بـ50 عاما للسرطان و52 عاما لأمراض القلب، وفقا لباحثين من كلية الطب في جامعة واشنطن ونظام فيترن أفيرز للرعاية الصحية في سانت لويس.
يقول زياد العلي، المؤلف المشارك في الدراسة وعالم أوبئة في جامعة واشنطن، إنه يظهر "عبئا ثقيلا بشكل مذهل". كما أشار إلى أنه، على عكس السرطان وأمراض القلب، لا يوجد علاج لكوفيد طويل الأمد. "يبدو أن آثار كوفيد طويل الأمد بالنسبة إلى كثير من الأشخاص لن تؤثر في المرضى وجودة حياتهم فقط، بل من المحتمل أن تسهم في انخفاض متوسط أعمارهم وقد تؤثر أيضا في المشاركة في العمل والإنتاجية الاقتصادية والرفاهية الاجتماعية"، كما يقول.
يشير عدد ممن يعانون ذلك - الذي يقدر بشكل متحفظ عند 65 مليون حول العالم - إلى أنها حالة طارئة للصحة العامة. كما في بداية كوفيد- 19، الأطباء بعيدون عن فهم كيفية معالجة المرض. لكن، على النقيض من بداية الجائحة، يجري تمويل بعضهم لإيجاد خيارات جديدة سريعا.
في حين أنه يعرف على نطاق واسع بكوفيد طويل الأمد، تصفه منظمة الصحة العالمية بأنه "حالة ما بعد كوفيد- 19"، وتعرفه بأنه عادة ما يحدث بعد ثلاثة أشهر على الأقل من الإصابة الأولية وبأعراض تستمر لمدة شهرين على الأقل. تشمل الأعراض الشائعة الإرهاق وضيق التنفس والخلل الإدراكي الذي عادة ما يسمى "ضبابية الدماغ". لكن المرضى يعانون أيضا مجموعة أوسع بكثير من الأعراض وقد اكتشف العلماء آليات كثيرة محتملة وراء هذه الحالة. قد يعاني المرضى مشكلات في القلب ومرض السكري واضطرابات في الجهاز العصبي.
وجد باحثون اختلالات إشعاعية في الدماغ والقلب والرئتين، عبارة عن جلطات صغيرة تشير إلى استجابة التهابية، ودلائل على أنه قد يكون هناك بقايا من الفيروس مخزنة في أجساد بعض المرضى، وفقا لورقة علمية نشرت في يوليو في مجلة نيشتر ريفيوز إيميونولوجي. درس مقال آخر منشور في مجلة كيف يمكن أن يعوق الفيروس وظيفة الميتوكوندريا في الأشخاص، وهي مصنع الطاقة داخل الخلايا.
بينما من الواضح أن كوفيد طويل الأمد معقد، يشعر بعض المرضى والعلماء بالإحباط بسبب الوقت المستغرق في إعداد قائمة بالمشكلات قبل المضي بإيجاد العلاجات. يقول تود دافينبورت، أستاذ في العلاج الطبيعي في جامعة باسفيك، إن إحدى المشكلات هي عدم وجود عدد كاف من الإخصائيين في "مجال أمراض ما بعد العدوى، المكروه سابقا"، مثل متلازمة الأمراض المزمنة، لذا فقد تدفق عدد من الباحثين الجدد إلى المجال، "الأشخاص الذين كانوا نشطين في مجالات أخرى من الأبحاث الطبية الحيوية ويكملون في مجال أمراض ما بعد العدوى سريعا نوعا ما".
بغض النظر عن قائمة الآليات المحتملة الطويلة، فإنه لا توجد فحوص لكوفيد طويل الأمد. لكن وجدت ورقة علمية حديثة استخدمت بيانات من دراسة حول كوفيد- 19 بعد دخول المستشفى في المملكة المتحدة أن فحوص الدم التي تؤخذ عندما يكون المريض المصاب بالعدوى في المشفى يمكن أن تساعد على التنبؤ بما إذا كان سيعاني لاحقا مشكلات إدراكية كجزء من كوفيد طويل الأمد.
يقول إيريك توبول، طبيب قلب شارك في تأليف ورقة علمية عن هذه الحالة في مجلة نيتشر ريفيوز مايكروبايولوجي، إن التشخيصات مهمة لصناعة العلاجات، حيث تسمح بقياس التعافي. "ليس لدينا دلالة حيوية، مقايسة مخبرية ملائمة لتتبعها داخل الأفراد، وذلك يعوق تقدمنا"، كما يقول. يدرس الباحثون استخدام الأشعة لاكتشاف الجلطات الصغيرة، وتخطيط كهربائية القلب لتحديد مشكلات القلب، وأشعة الرنين المغناطيسي لفحص ديناميكيات التنفس.
كانت تجارب إيجاد العلاجات بطيئة في الانطلاق. يعطي العلماء الأولوية لإيجاد أدوية موجودة وإعادة استخدامها على أمل أن يكون ذلك أسرع من البدء من الصفر. تتضمن هذه الأدوية دواء ميتفورمين لمرض السكري، ومضادات الهيستامين التي عادة ما تستخدم للحساسية، ودواء كولشيسين المضاد للنقرس. يدرس إعطاء دواء نالتريكسون، الذي يستخدم لعلاج اضطرابات استخدام الكحول والمواد الأفيونية، بجرعة منخفضة حيث أعطي أيضا لمتلازمة الإرهاق المزمن.
لكن في الأغلب ما تكون الدراسات صغيرة لدرجة لا تصل إلى استنتاج قوي. وكثير من الأدوية خارج براءات الاختراع، لذلك من غير المحتمل أن يستثمر صناعها في التجارب. اعتمد الباحثون على التمويل من جهات مثل معاهد الصحة الوطنية الأمريكية والمعهد الوطني لأبحاث الصحة والرعاية في المملكة المتحدة. أما الآن فالأموال تنضب.
تقول ديانا جاث، مؤسسة مجموعة سرفايفر كوربس للمرضى، إن أبحاث معاهد الصحة الوطنية كانت "متأخرة ولم تبذل كثيرا من الجهد" "وتهتم فقط بوصف كوفيد طويل الأمد، ولا تهتم بحله ولا صناعة علاجات وأدوية". من جانبها، تقول معاهد الصحة الوطنية إن "التقدم بسرعة من فهم الحالة بالكامل إلى فحص المرشحين للعلاجات، كوفيد طويل الأمد أولوية عالية".
في الوقت نفسه، يجرب المرضى أدوية غير مثبتة على أنفسهم أو يقعون في أيدي المحتالين الذين يقدمون علاجات مكلفة. يقول توبول إنه يجب بذل الجهود لتحديد 100 ألف مريض عبر الإنترنت وإنشاء تجارب رقمية. "بعد ثلاثة أعوام ونصف من خوضنا هذا لا نزال لا نملك الكثير لنظهره من العمل على العلاجات"، كما يقول. "يجب ألا نستسلم، إنه أمر مهم للغاية".

الأكثر قراءة