قريبا .. بياناتك على رفوف المتاجر

قريبا .. بياناتك على رفوف المتاجر

إحدى مفارقات عاصفة التسعير حول محال السوبر ماركت في المملكة المتحدة هذا العام هي أنه إذا كانت البقالات "تضخم بجشع" طعام الأمة، فهي تفعل هذا برداءة ملحوظة.
خلصت هيئة مراقبة المنافسة في يوليو إلى أن المنافسة الضعيفة لم تكن سبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية، فقد انخفضت الأرباح التشغيلية في بقالة التجزئة 42 في المائة في السنة المالية 2022-23.
تبحث محال السوبر ماركت عموما عن مشاريع مربحة، مثل بيع الوقود، حتى تبقى منافسة في مجال الطعام. أحدثها يتضمن عينيك - وبياناتك.
فكرة "بيع متجر التجزئة لوسائط ومساحات إعلانية" فكرة قديمة. طالما استخدمت محال السوبر ماركت العروض الترويجية أو اللافتات أو إعلانات عبر مكبرات الصوت لزيادة مبيعات منتجات معينة - في الأغلب ما تمولها الشركة المصنعة المعنية. وطالما دار حديث عن الفرصة التي يتيحها النمو في التجارة الإلكترونية، إلى جانب بيانات عملاء محال السوبر ماركت خاصة من برامج الولاء. الفكرة هي بيع الإعلانات، سواء في المتجر أو عبر الإنترنت، لشركات السلع الاستهلاكية المستميتة للتسويق المستهدف والعوائد المرئية.
من ناحية، إن هذه الفكرة تشابه أسلوب أمازون، حيث يشكل ترويج شركة التكنولوجيا الأمريكية للمنتجات المعلنة ثلثي وسائط متاجر التجزئة الإعلانية في أمريكا في 2021، وفقا لمجموعة بوسطن الاستشارية.
مع انضمام آخرين الآن إلى هذا النشاط، تتوقع شركة شراء الوسائط والمساحات الإعلانية جروب إم، أن يقاوم هذا النوع من الإعلانات السوق الرقمية المتباطئة، متجاوزا إيرادات الإعلانات التلفزيونية بحلول 2028. التخلص التدريجي من ملفات تعريف الارتباط عبر مواقع الويب التي تتعقب تصفح المستخدمين يجعل مجال البيانات المقيد لمواقع تجار التجزئة وبرامج الولاء أكثر قيمة.
مجموعات المستهلكين تنقل أموالها. سلطت شركة نستله الضوء على توقعات بأن خمس الإنفاق على الوسائط في الصناعة سيكون في قطاع التجزئة الإلكترونية بحلول 2025، كما يذكر محللون في شركة إكسين، في حين إن الإنفاق على وسائط متاجر التجزئة في شركة يونيليفر للسلع الاستهلاكية قد تضاعف ثلاث مرات في الأعوام الثلاثة الماضية ويمكن أن يصل إلى ربع ميزانيتها الإجمالية.
أخبرني أحد تجار التجزئة أنه ضاعف مساحاته الإعلانية على الإنترنت خلال العام الماضي، فيما زادت داخل المتجر عشرة أضعاف. يمكن أن تتغير الشاشات داخل المتجر سريعا وفقا للوقت من اليوم أو الطقس، في حين يمكن أن يزيد تخصيص الإعلانات عبر الإنترنت المساحة الإعلانية بفاعلية.
مقارنة بـالعمل الشاق المتمثل في نقل الطعام، فهذه أشياء مربحة. تقدر مجموعة بوسطن الاستشارية أن هوامش الربح الإجمالية لوسائط متاجر التجزئة الإعلانية ستكون عند نحو 80 في المائة، مقارنة بتجارة البقالة بالتجزئة عند 20 في المائة. وربما التفاوت أكبر على مستوى التشغيل حيث تراوح هوامش المتاجر الكبرى بين 3 و4 في المائة.
"تيسكو" و"سينسبري"، سلسلتا محال سوبرماركت، اللتان تملكان خطط ولاء وعمليات تحليل بيانات معروفة، متواضعتان بشأن حجم هذا أو حجمه مستقبلا.
قالت "سينسبري": إن أعمال الولاء والتسويق، نكتار 360، يمكن أن تضيف أرباحا إضافية بقيمة 90 مليون جنيه استرليني (على أساس غير محدد) على مدى خمسة أعوام حتى مارس 2026.
رئيس "تيسكو"، كين مورفي، علق بأن وسائط متاجر التجزئة يمكن أن تكون "مساهمة مفيدة في الربح" في غضون ثلاثة أعوام، وهي كما يفسرها كلايف بلاك في شركة شور كابيتال الاستثمارية أنها ربما ستسهم فيما يراوح بين 200 و300 مليون جنيه استرليني في السنة المالية 2027، أو ما يعادل 8-12 في المائة من الأرباح التشغيلية للعام الماضي.
من السهل تسجيل أرقام كبيرة لاستهدافها. في السوق الأمريكية الأكثر تقدما، ذكرت "وول مارت" طموح تحقيق 6 في المائة تقريبا من المبيعات، مقارنة بأقل من 1 في المائة العام الماضي. يندرج دخل متاجر كروجر من الوسائط ضمن "تدفقات الربح البديلة"، التي تشمل شركات أخرى مثل الخدمات المالية. وشكلت ربع الأرباح التشغيلية العام الماضي.
لكن ثمة أسباب لتوخي الحذر. تحتاج محال السوبر ماركت إلى الاحتراس في استخدام بيانات العملاء، حتى حين تملك إذنا عبر برامج الولاء، مع توسيع وسائط متاجر التجزئة لآفاقها. محال السوبر ماركت تقدم بالفعل إعلانات "خارج الموقع" على شبكة الإنترنت الأكبر لعلامات تجارية. الأفق التالي، وهو شيء تستكشفه سلسلة أوكادو، هي ما يسمى بالإعلانات غير المتوطنة، حيث يتم استخدام مجموعات البيانات الغنية لمحال السوبر ماركت للإعلان عن منتجات لا تبيعها البقالة، مثل السيارات أو العطلات أو بطاقات الائتمان.
ثمة مسألة شائكة للمستثمرين وهي كم من أرباح الوسائط والمساحات الإعلانية يعاد استثمارها ببساطة في المنافسة على الغذاء. والأخرى هي كيف يؤثر هذا في علاقات محال السوبر ماركت المهمة (والمشحونة أحيانا) مع الموردين. إن الخط الفاصل بين ميزانيات التجارة التقليدية، للترويج للمنتجات، وحملات الوسائط الإعلانية لمتاجر التجزئة غامض حاليا.
لكن الامتحان الأكبر ربما يكمن فيما إذا كان بإمكان تجار التجزئة مقاومة إغراء مبيعات الإعلانات ذات الهامش المرتفع في سبيل تفادي سأم عملاء المواد الغذائية من التسويق، سواء في المتجر أو عبر الإنترنت. سيعتمد نجاح وسائط التجزئة الإعلانية على ما إذا كان بإمكان البقالات استخدام بيانات العملاء لبيع الإعلانات دون جعل المتسوقين يشعرون كأنهم سلعة.

الأكثر قراءة