ماذا يمكن أن يتعلم المستثمرون من التنس؟
إن فهم الفرق بين التحكم في المخاطر وتجنبها أمر ضروري للمستثمرين. فالاستثمار يتكون في جوهره من تحمل عدم اليقين سعيا لتحقيق عوائد جذابة.
إذا كنت ذا رؤية واقعية، فيمكن تحمل بعض المخاطر بحكمة وبربح.
لذلك، التحكم في المخاطر يتمثل في الامتناع عن خوض المخاطر التي تتجاوز الكم الذي ترغب في التعايش معه أو تلك التي لا تكافئك بسخاء مقابل تحملها.
من الناحية الأخرى، تجنب المخاطر - أو عدم فعل أي شيء حيث النتيجة غير مؤكدة ومن المحتمل أن تكون سلبية - عادة ما يعادل تجنب العوائد. إن الاستعداد للتعايش مع بعض الخسائر هو عنصر أساسي لنجاح الاستثمار. باختصار، هناك شيء يسمى خطر الإقدام على أدنى قدر من الخطر.
إن إحدى الطرائق لفهم ذلك أفضل، هي النظر إلى لعبة التنس، التي تقدم كثيرا من المقارنات المناسبة للاستثمار. كما رأينا في بطولات جراند سلام هذا الصيف، على لاعبي التنس تحمل بعض المخاطر إذا كانوا يأملون في النجاح. إذا لم تقع أي كرة تضربها خارج منطقة الإرسال، فعلى الأرجح أنت تلعب بحذر شديد لتحقيق الفوز. لكن إذا حاولت ضرب ضربات لا تستطيع تسديدها باستمرار، فستهزم نفسك. المفتاح هو وجود علاقة إيجابية بين الإرسالات الفائزة والخاسرة. فلا الإكثار من الفائزة ولا تقليل الخاسرة كاف بالضرورة. كل شيء يكمن في التوازن.
ينطبق الشيء نفسه على الاستثمار. عندما تطمح إلى عوائد أعلى بكثير من تلك المتاحة على السندات ذات الدرجة الاستثمارية، فلا يكفي أن تتجنب الاستثمارات الخاسرة، عليك في الواقع العثور على استثمارات فائزة من وقت لآخر (أو إنشاؤها). لكن مع إقدامك على مخاطر أكثر، لن يزداد عائدك المتوقع فحسب، بل سيصبح نطاق النتائج المحتملة أوسع وستصبح الاحتمالات السيئة أسوأ. اتساع توزيع الاحتمالات مع صعود منحنى المخاطرة يعني أنه حتى أكثر المستثمرين نجاحا لا بد أن يكون لديهم بعض الاستثمارات الخاسرة. السؤال هو، كم عددها وما مدى سوئها بالنسبة إلى الاستثمارات الرابحة.
عند محاولة إيجاد التوازن المناسب بين السعي إلى الاستثمارات الرابحة وتجنب الخاسرة، من المهم أن تتذكر أنه لا يكفي أن تكون لديك استراتيجية. إنك أيضا بحاجة إلى المهارة اللازمة لتنفيذها.
مرة أخرى، يمكن للتنس أن تساعد على تفسير التبعات الأكبر هنا. في مقال تشارلز إليس "لعبة الخاسر" الذي نشر في مجلة المحللين الماليين عام 1975، أشار إلى أن هناك نوعين من مباريات التنس. يلعب المحترفون مباراة الفائزين: فهم يفوزون بضربات تحرز نقاطا. ونظرا إلى أن مباراتهم تحت تحكمهم بشكل كبير، فيمكنهم عادة تنفيذ الضربات التي يريدونها، وأفضلهم من يحرز نقاطا.
لكن تنس الهواة هي لعبة الخاسرين: الفائز عادة هو الذي يضرب أقل عدد من الضربات الخاسرة. إذا تمكنت من الاستمرار في وضع الكرة فوق الشبكة فترة كافية، فسيضربها خصمك في النهاية خارج الملعب أو داخل الشبكة. عندها، لا يتعين على الهاوي أن يضرب ضربات فائزة ليفوز، وهذا أمر جيد، لأنه عموما غير قادر على ضربها بثقة.
هذا له أوجه تشابه واضحة مع الاستثمار. إنني مقتنع أن بعض المستثمرين يتمتعون بألفا – وهي القدرة على كسب عوائد أعلى من السوق بالمهارة أو بتحقيق عوائد متوسطة دون تحمل جميع المخاطر المعتادة للمستثمرين الآخرين. بعبارة أخرى، يمكنهم تعديل شكل التوزيعات الاحتمالية لعوائدهم بحيث لا تكون متماثلة – تكون حصص التوزيعات التي تمثل النتائج الأقل استحسانا أصغر من حصص النتائج الأفضل.
بطبيعة الحال، حتى المستثمرون القادرون على توليد ألفا لن يملكوا سجلات مثالية، تماما كما لا يزال أفضل لاعبي التنس يرتكبون أخطاء سهلة. فالمفتاح هو إنتاج عدم التماثل - وجود عوائد إيجابية أكثر من السلبية.
مثلما يملك عدد قليل فقط من الأشخاص الموهبة والتصميم ليكونوا لاعبي تنس محترفين، فإن عددا قليلا فقط من المستثمرين يمكنهم توليد ألفا باستمرار. لا ينبغي لأولئك الذين يفتقرون إلى هذه القدرة أن يتوقعوا أن يتمكنوا باستمرار من تحقيق عوائد عالية معدلة بحسب المخاطر. أعتقد أنهم سيكونون أحسن حالا بالتركيز على الاستمرار في الاستثمار ومواكبة المؤشرات، التي أنتجت عوائد مواتية طويلة الأجل على مدى القرن الماضي.
يمكن للمستثمرين القلائل الذين لديهم القدرة على تحقيق ألفا أن يفعلوا ذلك إما بالحد من المخاطر مع التضحية بعوائد أقل أو بزيادة العوائد المحتملة مع زيادة غير متناسبة في المخاطر. لا يمتلك أي مستثمر تقريبا القدرة على إنتاج كلا الشكلين من ألفا.
الاختيار الصحيح بين هذين النهجين - عدد أقل من الاستثمارات الخاسرة أو عدد أكبر من الاستثمارات الرابحة – يعتمد على مهارة المستثمر، وطموحه في العوائد، وتحمل المخاطر. وكما هي الحال مع أشياء كثيرة في عالم الاستثمار، لا توجد إجابة صحيحة هنا. هذا مجرد خيار.
*المؤسس المشارك والرئيس المشارك لأوك تري كابيتال مانجمينت ومؤلف كتاب إتقان دورة السوق