لمواجهة شتاء طويل بارد .. بورصة لندن تحتاج إلى الابتكار

لمواجهة شتاء طويل بارد .. بورصة لندن تحتاج إلى الابتكار

وصل الخريف إلى لندن بالمزاج الكئيب نفسه الذي رحل فيه الربيع.
وافقت شركة أبكام، وهي شركة بريطانية رائدة في مجال التكنولوجيا الحيوية، كانت قد غادرت فعلا إلى ناسداك، على أن يتم شراؤها من قبل شركة داناهر الأمريكية. وتعد الاستعدادات الأولية للطرح العام لشركة آرم في الولايات المتحدة بمنزلة تذكير مؤلم بأن شركة التكنولوجيا المدرجة سابقا في المملكة المتحدة، تجنبت أسواق الأسهم البريطانية هذه المرة. ويظل اهتمام شركات الأسهم الخاصة بالصفقات المدرجة في لندن قائما، مع موافقة شركة أرشميد الفرنسية على شراء مجموعة إنستيم للبرمجيات المدرجة في وحدة السوق البديلة للاستثمارات في بورصة لندن. لا توجد علامات تذكر على الحياة في سوق الاكتتابات العامة.
هناك عدد لا يحصى من المجموعات والتقارير والمقترحات تتحسر على هذا الشعور الساحق بالانكماش.
وسط الإصلاحات التي تحاول زيادة جاذبية لندن كمكان للإدراج، هناك خطة واحدة تعدها البورصة على الأقل "تغييرا لقواعد اللعبة حقا". إنها تريد الاستفادة من الأسهم الخاصة عبر "منفذ تداول دوري"، وهو منصة للمؤسسين والمستثمرين والموظفين في الشركات الخاصة لبيع أسهمهم في غياب الإدراج في السوق.
من المنطقي أن ترغب بورصة لندن في الحصول على جزء من هذا الإجراء. وانفجار رأس المال الخاص يعني أن الشركات ستبقى خاصة لفترة طويلة للغاية. لم يكن التصور بأن سوق الاكتتابات الأولية القاسية عادلة بشكل تام، ولكن بغض النظر عن ذلك، فقد أصبحت الآن مغلقة بالتأكيد. وجد البحث الذي أجرته شركة بوهورست لمصلحة مجموعة تشارلز ستانلي عددا قياسيا من الشركات المدعومة بالأسهم في المملكة المتحدة، ما يقارب 20 ألف شركة، لم تتمكن بعد من إدارة عملية بيع أو تعويم. لكن المؤسسين والموظفين الذين تمت استمالتهم بأسهم الشركات الناشئة، يريدون طرقا لبيع استثماراتهم أو التربح منها وتحويلها إلى نقد في هذه الأثناء.
إن هذه حاجة حقيقية، حاجة يرغب عدد متزايد من الشركات في معالجتها. وقد ساعدت سوق ناسداك الخاصة الشركات الخاصة الأمريكية على حل هذه المشكلة منذ 2013. ستنطلق مجموعة فورج جلوبال، وهي مجموعة أمريكية تقدم خدمة مشابهة، في أوروبا بالشراكة مع بورصة دويتشه. وتعمل منصات التمويل الجماعي مثل كراودكيوب وسيدرز على تشغيل لوحات الإعلانات، وليس منصات كاملة، ما يتيح المبيعات الثانوية. وتريد شركة وينترفيلد سيكوريتيز للوساطة، بالاشتراك مع منصة شركة جيه بي جينكنز للشركات الخاصة، أيضا مساعدة المستثمرين للحصول على حصص في الشركات غير المدرجة.
بورصة لندن - التي تصف اقتراحها بأنه "أول سوق منظمة لتلاقي الشركات في العالم" - تتصور إقامة 12 مزادا في العام. وتتم دراسة التفاصيل. لكن الفكرة حاليا هي أن تقوم الشركات الخاصة بمشاركة المعلومات مع المستثمرين المحتملين عبر منفذ مغلق. وسيكون للشركات السيطرة على نوع المستثمرين الذين يمكنهم المشاركة، فضلا عن تحديد الأسعار والحجم. وسيستخدم المنفذ البنية التحتية للمزادات الحالية في بورصة لندن - رغم أنه لن يجمع أموالا أولية جديدة.
ليس من الواضح مدى الدعم الذي قد يمثله هذا لمجتمع "التوسع" في المملكة المتحدة البالغ عدده 34 ألف شركة من الشركات سريعة النمو التي انتقلت إلى ما بعد مرحلة البدء. ويبدو أنه من المرجح أن يجذب أكبر الشركات الخاصة التي توشك على الإدراج، والمستعدة للعمل مع المستشارين وتلبية متطلبات الإفصاح والتدقيق، التي قد تكون كبيرة جدا. ومن المرجح أن تثير تلك الشركات اهتمام المستثمرين المؤسسيين الذين تجتذبهم بورصة لندن بشكل طبيعي. لكن السوق المتوسعة تحتاج إلى حل كبير وواسع النطاق للسيولة الثانوية لتحقيق إعادة التدوير المرغوبة للأموال في استثمارات جديدة.
ماذا ستستفيد بورصة لندن؟ من المؤكد أن البورصة تحتاج إلى الابتكار - وقد اعتمد وزير الخزانة هذا المشروع في خطابه الذي ألقاه في مانشن هاوس. ولكن هناك بعض التوترات هنا. ففي الوقت الذي يتم فيه التركيز على إشراك مزيد من الأفراد في الأسواق، سيكون هذا مخصصا للمشترين المؤسسيين والمتطورين فقط. وعندما يتم بذل جهد كبير لجعل السوق العامة في لندن أكثر جاذبية، فهي في الأساس أداة لمساعدة الشركات على البقاء خاصة بشكل مريح لفترة أطول.
قد يكون أحد عوامل الجذب ببساطة هو تأخير لحظة الحساب عندما تختار أكبر الشركات الناشئة في المملكة المتحدة موقع إدراجها. فإحدى النظريات هي أن المكان يمكن أن يسمح للشركات الخاصة بفحص الأوضاع من حيث الإفصاحات والعمليات التي تأتي مع الإدراج، بينما تقيم علاقة بين البورصة والشركات التي ترغب في الفوز بها.
هل يغير ذلك أي شيء بالنسبة إلى لندن، أو البورصة، أو عالم التوسع؟ ربما لا. ولكن في مواجهة شتاء طويل بارد، فإن الحصول على موطئ قدم في عالم رأس المال الخاص ومحاولة بناء الجسور مع الأسواق العامة أمر يستحق المحاولة.

الأكثر قراءة