رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


التاريخ الموثق والمنافسة على القوة العالمية «2 من 2»

في أوائل العقد الأول من القرن الحالي، عندما كان أداء الاقتصاد الألماني هزيلا، تمسك المعلقون بفكرة مفادها أن ألمانيا كانت "رجل أوروبا المريض". لكن ألمانيا نظمت بعد ذلك عودة غير عادية، لتصبح واحدة من أكبر المستفيدين من التجارة في عصر جديد من العولمة. لكن مع ضعف أدائها الاقتصادي نسبيا، أصبحت تعد رجل أوروبا المريض مرة أخرى.
يركز المعلقون اليوم بشدة أيضا على مشكلات الصين الاقتصادية، خاصة معدل البطالة المرتفع بين الشباب، وانهيار سوق العقارات، الذي يتناقض مع طفرة الاستثمار والتصنيع الجديدة في أمريكا، في أعقاب صدور تشريعات جديدة مثل قانون خفض التضخم.
بطبيعة الحال، سيستنتج أولئك الذين يتبنون هذا المنظور قصير الأمد أن الصين بدأت تضعف، وأن أمريكا لا تزال على القمة. فهي على النقيض من توقعات الانحدار تستفيد من تفكك العولمة، في حين تعاني اقتصادات كبرى موجهة نحو التصدير "مثل الصين وألمانيا".
يعمل هذا التفاؤل الذي يعده بعض المراقبين غطرسة على تغذية مخاوف الصين بشأن تخريب نهضتها، لأنه يستحضر أوجه تشابه تاريخية قوية. الواقع أن القوى المهيمنة قادرة على الرد بشراسة على كل من ترى أنه يتحداها أو يباريها، وهي تفعل ذلك عادة، فقد دمرت بريطانيا الصين في أوائل القرن الـ19 بإغراقها بالأفيون، وكانت الولايات المتحدة حريصة على القضاء على التحدي الياباني في أواخر القرن الـ20.
من السهل أن ننسى أن مخاوف الولايات المتحدة في ثمانينيات وأوائل تسعينيات القرن الـ20، بشأن المنافسة الصناعية غير العادلة من جانب اليابان، كانت شديدة الوضوح إلى الحد الذي جعل معلقين مشهورين ينشرون كتبا تحمل عناوين مثل "الحرب القادمة مع اليابان". عندما انفجرت فقاعة أسعار الأصول اليابانية في 1991، ظن كثير من اليابانيين أن في الأمر مؤامرة أمريكية، خاصة بعد الدور الذي لعبته سياسة الولايات المتحدة في الديون غير المستدامة التي تراكمت على اليابان في ثمانينيات القرن الـ20. ومن السهل أيضا تحديث هذا السيناريو لينطبق على السياق الحالي.
في النهاية، ألم يكن ارتفاع أسعار الأصول بشدة في الصين في العقد الثاني من القرن الحالي "بما في ذلك فورة المضاربة في العقارات" راجعا بشكل جزئي إلى النظام النقدي الأمريكي المتساهل بعد الأزمة المالية العالمية؟
الحقيقة المحزنة هي أن كلا من الروايتين تشكل دليلا هزيلا للمعضلات السياسية في الوقت الحاضر. وعندما يفكر صناع السياسات في الأمد البعيد، يجب أن يتجنبوا إغواء مذهب الحتمية. فلا يوجد قانون تاريخي يملي مدة صلاحية المؤسسات الجديرة بالثقة. لقد دام التفوق المالي البريطاني أكثر من قرنين من الزمن، من أواخر القرن الـ17 إلى ما بعد الحرب العالمية الأولى. لكن هذا لا يعني أن التفوق المالي الأمريكي قد يدوم فترة مماثلة.
أما التقلبات القصيرة الأمد فتشكل دليلا أشد سوءا. فقد شهدت دول عديدة استفادت من العولمة صدمات وانتكاسات، لكنها تكيفت وعادت أقوى مما كانت. ولا ينبغي لفقاعة العقارات المنهارة أن تدمر الصين، تماما كما لم يدمر انهيار سوق العقارات في 2008 الولايات المتحدة. وقد تتعلم الصين من تجربة اقتصادات آسيوية أخرى سريعة النمو، مثل كوريا الجنوبية، التي شهدت ارتباكات شديدة في سبعينيات القرن الـ20 "أزمة النفط"، وفي أوائل الثمانينيات "أزمة الديون الدولية"، ومرة أخرى في أواخر التسعينيات "الأزمة المالية الآسيوية". وفي كل من هذه المناسبات نجحت في تكييف نموذج النمو وتحقيق الازدهار.
الجميع يريدون قصة بسيطة. لكن المهمة الحقيقية التي يجب أن يضطلع بها التحليل التاريخي لا بد أن تكون تفكيك الروايات الحتمية، وليس مسايرتها.خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2023.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي