"سوني" ترى فرصا في الهند بالاندماج مع "زي"

"سوني" ترى فرصا في الهند بالاندماج مع "زي"

في أواخر الثمانينيات، أذهلت شركة سوني العالم باستحواذها على شركة كولومبيا بيكتشرز مقابل ثلاثة مليارات دولار وطموحها الكبير في اختراق هوليوود. بعد مرور ثلاثة عقود، تتبع عملاقة الترفيه اليابانية الاستراتيجية نفسها في بوليوود الهندية.
بدأت قصة "سوني" في الهند قبل 40 عاما، عندما رأت الشركات اليابانية أن جنوب آسيا مجرد سوق متنامية أخرى للإلكترونيات. لكن مع أكبر عدد من السكان في العالم، وطبقة متوسطة سريعة النمو، وشهية للترفيه يصعب إشباعها، الهند تستحق الآن أكثر من ذلك بكثير بالنسبة إلى "سوني".
مهدت موافقة الشهر الماضي على صفقة بين الشركة اليابانية العملاقة وشركة زي، أكبر مجموعة إعلامية مدرجة في الهند، الطريق لإنشاء تكتل ترفيهي بقيمة عشرة مليارات دولار يضم أكثر من 70 قناة تلفزيونية هندية وشركات إنتاج أفلام وقائمة أفلام سينمائية طويلة.
تواجه "سوني" تحديا لا يستهان به من "ديزني ستار"، أكبر شبكة تلفزيونية في الهند، وغيرها من المنافسين الأثرياء مثل خدمة البث جيو سينما العملاقة التابعة لرجل الأعمال المليونير الهندي موكيش أمباني، التي تتنافس من أجل الهيمنة على سوق الترفيه في دولة سكانها 1.4 مليار نسمة.
مع ذلك، فإن الرئيس التنفيذي لشركة سوني، كينيشيرو يوشيدا، مقتنع بالفرص أمام المجموعة المندمجة.
قال يوشيدا في مقابلة في مقر "سوني" في طوكيو: "إذا نظرت إلى التقدم الذي أحرزته دولة ما، فستجد أن مجال الترفيه يتوسع في النصف الأخير من مرحلة التطوير ونرى ذلك يحدث الآن في الهند".
يمكن للهند، التي تفوقت العام الماضي على المملكة المتحدة مصنفة خامس أكبر اقتصاد في العالم، أن تتفوق على ألمانيا واليابان لتصبح ثالث أكبر اقتصاد بحلول 2030، وفقا لبعض التوقعات.
نما قطاع الترفيه باللغات الهندية والإقليمية في الدولة ليصبح واحدا من أكبر صناعات الأفلام في العالم، حيث ينتج أفلاما أكثر من أي دولة أخرى كل عام منذ 2005، وفقا لـ"سوني".
تأمل الشركة أن تتمكن من تكرار نجاحها في الولايات المتحدة، سوقها الأكثر ربحية، في الهند. ساعدت الأعمال الإعلامية التي بنتها "سوني" هناك على الاستفادة من ملكيتها الفكرية في مجالات الألعاب والبرامج التلفزيونية والأفلام والرسوم المتحركة لتتطور من علامة تجارية للإلكترونيات إلى عملاق إعلامي عالمي بقيمة 105 مليارات دولار.
كان أحدث نجاح لها هو تحويل لعبة ذا لاست أوف أس على بلاي ستيشن 3 إلى برنامج تلفزيوني ناجح للغاية - ملحمة زومبي تبثها قناة إتش بي أوه في الولايات المتحدة. يتوقع محللون أن يتم تعزيز قسم بيكتشرز في "سوني" خلال العامين المقبلين باقتباس ألعابها الرائجة في أعمال تلفزيونية أخرى. هذا العام، تخطط لطرح فيلم سباق السيارات جران توريسمو، فيما تنتج شركتا نتفليكس وأمازون ستوديوز أفلام الحركة والمغامرة المقتبسة من لعبتي هوريزون زيرو دون وجود أوف وور، على التوالي.
تأمل شركة سوني الاستفادة من النمو السريع المتوقع في صناعات الأفلام والألعاب والموسيقى والرسوم المتحركة على مدى الأعوام القليلة المقبلة، حيث تتوقع مجموعة بوسطن الاستشارية أن الصناعة بأكملها في الهند قد تنمو إلى ما يصل إلى 65 مليار دولار بحلول 2030.
ستنتج عن صفقة شركة الترفيه مع "زي" قوة إعلامية مكونة من 74 قناة تمنح المجموعة اليابانية حصة سوقية تبلغ 24.8 في المائة، متجاوزة "ديزني ستار"، التي تملك حصة 24 في المائة. بمجرد اكتمال عملية الدمج، ستستحوذ "سوني" على حصة 53 في المائة في الكيان المدمج مع شركة زي وستستثمر نحو 1.6 مليار دولار.
لا تزال الصفقة تواجه عقبات تنظيمية. حظرت هيئة تنظيم الأسواق الهندية، هيئة الأوراق المالية والبورصات، سيبي، في يونيو، رئيس "زي" التنفيذي، بونيت جوينكا، من قيادة شركات مدرجة رائدة، بسبب مزاعم تورطه في تحويل أموال من "زي" وكيانات المجموعة المدرجة الأخرى إلى مساهمين مؤسسين.
كان من المقرر أن يقود جوينكا المجموعة المندمجة ولم ينجح في الاستئناف ضد الأمر الصادر عن هيئة سيبي. لكن "سوني" على استعداد لاستبدال جوينكا إذا لم يتم رفع الحظر، وفقا لمطلع على المناقشات.
يقول محللون إن خطوة كهذه ستكون إيجابية نظرا إلى أن "سوني" تتمتع بالفعل بقيادة محلية قوية في الهند وستعالج مخاوف حوكمة الشركات في "زي". رفضت "سوني" التعليق. قال مكتب جوينكا في بيان إنه "حرص دائما على ضمان تحقيق المصالح المثلى للمساهمين" وسيواصل "اتخاذ الخطوات اللازمة وفقا للقانون سعيا لتحقيق العدالة".
تعتزم "سوني" تكرار خططها واستراتيجياتها التي تتبعها في الولايات المتحدة باعتمادها استراتيجية "تاجر الأسلحة" حيث توزع البرامج التلفزيونية على منصات بث متنافسة متعددة لتحقيق أقصى قدر من الأرباح، بدلا من إطلاق خدمة بث خاصة بها.
قال يوشيدا: "ثمة منافسات مختلفة هناك - في الهند - لكن بدلا من ملاحقة أرقام المشتركين فقط، نريد إنشاء محتوى أيضا. وإذا لزم الأمر، فسنفكر في تقديم محتوانا إلى منصات أخرى".
يأتي رهان "سوني" الطموح على الهند في الوقت الذي تصبح فيه بيئة الأعمال أصعب في أماكن أخرى. لقد تعثرت شركات إنتاجها في هوليوود بسبب أكبر إضراب للكتاب والممثلين منذ 60 عاما، في حين أن منافستها اللدودة مايكروسوفت على وشك إبرام أكبر صفقة لألعاب الفيديو في التاريخ بشراء شركة أكتيفيجن الناشرة لألعاب الفيديو.
لكن في الهند، يأتي اندماج "سوني" مع "زي" في توقيت مثالي، وفقا لأتول جويال، المحلل في بنك جيفريز. تسعى "ديزني" الرائدة إلى خفض التكاليف في جميع المجالات وتدرس خيارات لأعمالها التلفزيونية في الهند، حيث فقدت حقوق بث مباريات الكريكيت في الدوري الهندي الممتاز العام الماضي لمصلحة شبكة جيو سينما التلفزيونية المملوكة لأمباني في مزاد قياسي بقيمة 6.2 مليار دولار.
قال جويال: "الملكية الفكرية لسوني في وضع جيد ومع دمجها مع زي، قد تصبح أكثر قيمة بكثير. سوني في مكانة جيدة للغاية".
كما تتمتع "سوني" بحضور رياضي كبير في الهند، حيث تبث كل شيء من مباريات الكريكيت الدولية إلى دوري أبطال أوروبا لكرة القدم.
لكن يوشيدا يظل متحفظا بشأن فرص نجاح صفقة سوني-زي في مجال الرياضة: "الرياضة جذابة للغاية لنا، لكن لا توجد ملكية لذا، شخصيا، أرى من الأفضل أن نكون قادرين على الاحتفاظ بالملكية الفكرية ونشرها من أجل تحقيق نمو مستدام طويل الأجل".
باستغلال قوة علامتها التجارية من الأفلام والتلفزيون، تريد "سوني" في النهاية زيادة مبيعات وحدة تحكم بلاي ستيشن في الهند.
لا تزال مبيعات وحدات التحكم الإجمالية في الدولة صغيرة، شحنت 300 ألف وحدة فقط في العام المالي الماضي، وفقا لبرابهو رام، رئيس قسم تحليل الصناعة في مجموعة الأبحاث سايبر ميديا ريسيرش. باعت "سوني" 19.1 مليون وحدة بلاي ستيشن 5 على مستوى العالم في 2022.
لم تثن هذه الأرقام يوشيدا. قال: "90 في المائة من الألعاب موجودة على الهاتف المحمول. بعبارة أخرى، نرى فرصة في وحدة التحكم".

الأكثر قراءة