ترجمة الذكاء الاصطناعي قد تغني عن دروسه

ترجمة الذكاء الاصطناعي قد تغني عن دروسه

"هل يمكن لأحد أن يتعلم لغة باستخدام دولينجو؟"، كان هذا رد فعلي قبل عامين عندما ذكر صديقي ديمتري عرضا أنه بدأ دراسة اللغة الإسبانية على تطبيق اللغات.
ربما علي تغيير هذا الرأي. تستخدم الشركات مثل دولينجو الذكاء الاصطناعي لتحسين تطبيقاتها لتعلم اللغة. النتائج غير مكتملة حتى الآن. لكن التكنولوجيا واعدة.
هذا أمر مهم في مسقط رأسي نيويورك، التي لا زالت بوتقة تنصهر فيها اللغات والثقافات. ديمتري هو طبيب شاب يعمل في أحد أحياء ذوي الدخل المنخفض في نيويورك. كثير من مرضاه من أمريكا اللاتينية. أراد أن يتعلم اللغة الإسبانية حتى يتمكن من التواصل معهم تواصلا أفضل.
لكني لم أكن مقتنعة بأن تطبيقا مبهرجا يستخدم رسمة بومة باللون الأخضر الليموني كجالب حظ يناسبني. حينها كنت أتعلم الإسبانية أيضا، لكن على يد إنسان. كانت معلمتي امرأة مفعمة بالحيوية وجذابة من كولومبيا تدعى دانييلا. كانت تجعل طلاب الفصل يفعلون حركات يد سخيفة لمساعدتنا على حفظ المفردات الجديدة. وفي بعض الأحيان، تمكنت حتى من جعلي أنطق صوت "را" معقول.
النتائج العشوائية أحيانا التي تبدر من الطلاب بتشجيع معلمي اللغة البشر تمد الكتاب مثل ديفيد سيداريس بالكوميديا. حيث وصف كتابه "سأتحدث بلباقة يوما ما" معركته الخاسرة مع الفرنسية.
تطبيق دولينجو، الذي أسسه في 2011 عالم الحاسوب لويس فون آهن المولود في جواتيمالا، يتخذ نهجا مختلفا تماما. برسوماته ونقاطه وشاراته وجوائزه المبهجة، يحول التطبيق تعلم اللغة إلى لعبة بلا خجل.
ربما الدروس الصغيرة التي يقدمها التطبيق مفيدة في تعلم المفردات والقواعد الأساسية. لكن عندما يتعلق الأمر بالطلاقة، هل يمكن حقا أن يتفوق على المعلم المتمرس والمتفاني في عمله؟ إنه سؤال بمليارات الدولارات.
وفقا لشركة هولون أي كيو لبيانات التعلم، من المتوقع أن يبلغ إنفاق المستهلكين على تعلم اللغات عبر الإنترنت وخارجها إلى 115 مليار دولار في 2025، ارتفاعا من 61 مليار دولار في 2019. يعد التعلم عبر الإنترنت القطاع الأسرع نموا من بينها.
في حالتي، أوقفت دروسي مع دانييلا بعد نحو عام. فالعمل ووجود طفلين صغيرين جعل من الصعب علي إيجاد وقت للدروس الأسبوعية، التي لم تكن رخيصة. من ناحية أخرى، لا يزال ديمتري يقضي عشر دقائق يوميا في دروس دولينجو. إنه غير طليق أبدا، لكنه تعلم ما يكفي ليتمكن من التواصل مع مرضاه.
إمكانية استخدامه ويسره تساعدان على تفسير سبب نمو شعبية "دولينجو" بسرعة فائقة في الأعوام الأخيرة. مهد ارتفاع حاد في عدد المستخدمين خلال جائحة فيروس كورونا الطريق لطرح عام أولي ناجح في 2021. أغلق السهم مرتفعا 36 في المائة في اليوم الأول من التداول ليعطي الشركة تقييما سوقيا يقارب خمسة مليارات دولار.
في أحدث مجموعة من النتائج، أبلغت الشركة عن 74.1 مليون مستخدم نشط شهريا نهاية يونيو. من بين هؤلاء، كان 5.2 مليون مشترك من دافعي رسوم الاشتراك. يأتي ذلك مقارنة بـ27.3 مليون مستخدم نشط شهريا و900 ألف مشترك برسوم سجلتهم الشركة نهاية 2019. حققت ما يقارب 127 مليون دولار من الإيرادات و3.7 مليون دولار من صافي الدخل خلال هذا الربع. والشركة في طريقها لتحقيق أول أرباحها السنوية هذا العام.
شهد السهم صعودا وهبوطا منذ الطرح العام الأولي. بلغت القيمة السوقية ذروتها في نوفمبر 2021 عند نحو 7.6 مليار دولار. بحلول مايو من 2022، انخفضت إلى 2.5 مليار دولار فقط وسط عمليات بيع كثيفة واسعة في أسهم شركات التكنولوجيا. لكن الأسهم ارتفعت 83 في المائة منذ بداية هذا العام.
ما مصدر هذه الإثارة؟ إنه الذكاء الاصطناعي التوليدي. في مارس، طرحت الشركة فئة اشتراك جديدة تسمى دولينجو ماكس. مقابل 30 دولار شهريا، يحصل المشتركون على ميزتين جديدتين: لعب الأدوار والأخرى "اشرح إجابتي". كلاهما مدعوم بالذكاء الاصطناعي جي بي تي - 4 من شركة أوبن أيه آي.
الميزة الأولى تتيح للمستخدمين ممارسة الدردشة (لكن كتابيا) باللغة التي يتعلمونها مع شخصيات وسيناريوهات يولدها الذكاء الاصطناعي. تزعم "دولينجو" أنه: "لا توجد محادثتان متشابهتان وذلك لتعزيز تجربتك في التعلم إلى الحد الأقصى ومحاكاة سيناريوهات العالم الحقيقي".
من الناحية العملية، هذه الميزة (التي تتوافر فقط باللغتين الفرنسية والإسبانية في الوقت الحالي) يمكن أن تنجح أو تفشل. فمن ناحية، هذه الميزة رائعة في اكتشاف الأخطاء وتصحيحها. بعد الدردشة، تقدم أيضا اقتراحات حول صياغة ردود أكثر تفصيلا. أما الجانب السلبي فهو أن المستخدمين لا يمارسون التحدث. الدردشات المكتوبة قصيرة ويبدو أنها - على الأقل في البداية - تتبع نصا محددا.
خذ مثلا محادثتي بالفرنسية مع "الجارة لوسي". لقد أرادت أن تحدد موعدا لتلعب كلابنا معا. شرحت لها أن كلبي كسر قدمه وهو حاليا في المستشفى. مع هذا، كان موضوع الحديث بعدها عن مطاردة كلابنا لسنجاب.
في محادثة أخرى، محاولة الخوض في مناقشة فلسفية مع "ليلي موظفة المبيعات" أعطتني تذكيرا حادا بأننا في متجر أزياء. وانتهت المحادثة بتسليمي مشترياتي وتمنيها حظا سعيدا لي مع أسئلتي.
بدأ البرنامج في النهاية التكيف مع ردودي غير التقليدية. عندما أخبرت "إيدي بائع الطعام" كم كان سخيفا لأنه يبيع فقط الخبز الفرنسي والكرواسون في مباراة كرة قدم، انتهت المحادثة بكشفه عن كمية مخبأة من رقائق البطاطس والجعة ليبيعها لي.
لا يقفز الجميع على عربة الذكاء الاصطناعي. حتى عندما تتحدث "دولينجو" عن إمكانات التعلم القائم على الآلة، سعت شركة بابل ومقرها برلين، وهي خدمة منافسة لتعلم اللغات، إلى إبراز الجانب الإنساني لمنتجاتها. يمكن للمستخدمين استكمال التعلم المستند إلى التطبيق بدروس تبث مباشرة. أصبحت ميزة بابل لايف أحد أسرع الأعمال نموا في الشركة، مع زيادة نمو المستخدمين 300 في المائة على أساس سنوي في 2022 وزيادة الإيرادات 400 في المائة.
كما يمكن أن يكون الذكاء الاصطناعي سيفا ذا حدين. لديه القدرة على تسهيل تعلم لغة جديدة، لكن تطوره يمكن أن يساعد للقضاء على الحاجة إلى التعلم في المقام الأول.
يستخدم تطبيق جوجل للترجمة، جوجل ترانزليت، الآن مسافرون كثر. تتيح خاصية وورد لينس للمستخدمين توجيه كاميرا أجهزتهم على بعض النصوص الأجنبية، مثل لافتة الشارع، والحصول على ترجمة فورية على الشاشة. يوفر وضع المترجم الفوري ترجمة مباشرة بين شخصين يتحدثان لغتين مختلفتين.
يمكن للذكاء الاصطناعي في نهاية المطاف أن يزيل أي مطلب عملي للناس لتعلم اللغات الأجنبية. ذلك اليوم بعيد قليلا. لكنه أمر يستحق أن يفكر فيه المستثمرون مع تهافتهم على أسهم "دولينجو".
استمتع فيما تبقى من أسبوعك، مهما كانت اللغة التي تتحدثها في المنزل.

الأكثر قراءة