الشركات تستنجد بالمستثمرين الأساسيين وسط سوق متقلبة
يقول المصرفيون إن الشركات تسعى بشكل متزايد للحصول على دعم المستثمرين "الأساسيين" قبل طرح أسهمها للاكتتاب العام في الأسواق الأمريكية، ما يسلط الضوء على صعوبة إبرام صفقات إدراج الأسهم في سوق هشة.
وقد تضمنت عديد من الاكتتابات العامة الأولية رفيعة المستوى هذا العام مستثمرين أساسيين، يوافقون على نشر أسمائهم في نشرة الاكتتاب الخاصة بالشركة مقابل الحصول على تخصيص مضمون للأسهم.
وكشفت شركة إنستاكارت لخدمات توصيل مشتريات البقالة، عند تسليم وثائقها الجمعة أن عديدا من المستثمرين، بقيادة صندوق الثروة السيادية النرويجي، خططوا للاكتتاب في أسهم بقيمة 400 مليون دولار في طرح عام أولي تقدر الشركة الخبيرة في الاكتتابات العامة رينيسانس كابيتال أنه سيجمع مليار دولار. وتسعى شركة آرم البريطانية لتصميم الرقائق إلى جذب العملاء من الأسماء الكبيرة بما فيها أمازون كمستثمرين رئيسين محتملين في اكتتابها العام الأولي في وقت لاحق من هذا الشهر، الذي من المتوقع أن يكون الأكبر في نيويورك هذا العام.
تعد كلا الصفقتين أساسيتين لإعادة فتح سوق الاكتتابات العامة الأولية بنجاح، التي لم تنشط إلا لفترة وجيزة هذا العام بعد 2022 المخيب للآمال. وهناك ثلاث شركات أخرى ذات نمو مرتفع تعد حاسمة لصحة السوق الأوسع - وهي مجموعة مستحضرات التجميل الإسرائيلية أوديتي تيك، وشركة كافا المالكة للمطاعم، ومشغل متاجر التوفير سيفرز فاليو فيليج - انضمت أيضا للمستثمرين الأساسيين.
يتوقع المصرفيون دورا متزايدا لهؤلاء الداعمين في الأشهر المقبلة، حيث يشجع تباطؤ السوق مزيدا من الشركات على تأمين الدعم المبكر من المستثمرين ذوي الأسماء الكبيرة قبل طرحها في الأسواق العامة.
قال إدي مولوي، الرئيس المشارك لأسواق رأس المال في الأمريكتين في مورجان ستانلي: "عندما تكون لديك أسواق تمر بفترة إعادة فتح صعبة كما هو الحال الآن، وعندما تكون نتائج التنفيذ غير مؤكدة، فسترى مزيدا من الصفقات حيث تقوم الشركات ببيع أسهمها مسبقا لأسماء كبيرة تحبها. وهذا من أشكال الحد من المخاطر".
حتى الآن هذا العام، جمعت الشركات 10.3 مليار دولار من الاكتتابات العامة الأولية في الولايات المتحدة، وفقا لشركة ديلوجيك. وفي حين أن هذا يتفوق بالفعل على إجمالي 2022 والبالغ 8.6 مليار دولار، فإنه ليس سوى جزء يسير من مبلغ 154 مليار دولار الذي تم جمعه في طفرة 2021.
قال ديفيد باور، رئيس أسواق المال في شركة كيه كيه آر للأسهم الخاصة: "كنا نتحدث بشكل متزايد عن (المستثمرين الأساسيين) كشيء نريد استكشافه لأي صفقة في الأشهر الستة إلى التسعة المقبلة. إنه ليس شرطا مسبقا، لكنني أعتقد أن أي مصدر سيبحث عن هذا النوع من الدعم والرعاية المالية".
تعد الاستثمارات من المستثمرين الأساسيين حديثة الوصول نسبيا إلى أسواق الاكتتابات العامة الأولية في الولايات المتحدة، وأصبحت سمة منتظمة بعد أن خففت هيئة الأوراق المالية والبورصات اختبارات تحليل الأوضاع قبل الاكتتاب لجميع الشركات في 2019، ما سمح لها بالاجتماع بحرية أكبر مع المستثمرين المؤسسيين حول تقديم تسجيلات الاكتتاب العام الأولي. حيث كانت في السابق تقتصر فقط على المجموعات الصغيرة، التي يطلق عليها اسم "شركات النمو الناشئة"، بموجب القواعد التي تم إدخالها في 2012.
جاء التحول في الأسواق الأمريكية بعد أن استفادت عديد من الشركات من طفرة رأس المال الخاص لتجنب طرح أسهمها للاكتتاب العام إلى أن تكون قد نمت بشكل أكبر بكثير، الأمر الذي زاد من المخاطر بالنسبة إلى الشركات الضامنة المكلفة بملء دفاتر طلبات الاكتتاب العام. وكانت أكثر من ثلث مبيعات أسهم شركة ريفيان أوتوموتيف لصناعة السيارات الكهربائية البالغة 14 مليار دولار قبل عامين قد ذهبت إلى مستثمرين أساسيين، كما فعل ما يقارب نصف مبلغ 2.6 مليار دولار التي باعتها المجموعة المصرفية البرازيلية نيو هولدينغز في العام نفسه.
وكانت هذه الاستثمارات شائعة منذ فترة طويلة في الصفقات الآسيوية، وفي الأغلب في هونج كونج، حيث اكتسبت سمعة في دعم الصفقات الصينية الضعيفة، وسيولة التداول ضعيفة.
قال كيث كانتون، رئيس فريق أسواق المال للأمريكتين في بنك جيه بي مورجان: "تاريخيا، في الاكتتاب العام الأولي في الولايات المتحدة، كان المستثمرون يلتقون الشركة مرة واحدة في الحملة الترويجية ثم يقدمون طلبية. أما الآن فلدينا الديناميكية حيث يلتقي المستثمرون الشركات عدة مرات قبل الاكتتاب العام - وأحيانا قبله بأعوام. لقد رأوا أداء الشركات في السوق الخاصة، وبالتالي لديهم قناعة كبيرة عندما يتعلق الأمر بالاكتتاب العام".
وقد جاء طرح شركة أوديتي تيك بقيمة 487 مليون دولار في يوليو مع 100 مليون دولار من مستثمرين من بينهم شركتي بايلي غيفورد وفرانكلين تيمبلتون، في حين باعت شركة كافا مسبقا قدرا مشابها إلى كابيتال جروب وتي رو برايس كجزء من صفقتها البالغة 365 مليون دولار في يونيو. وفي وقت لاحق من ذلك الشهر، باعت شركة سيفرز فاليو فيليج ثلث صفقتها البالغة 400 مليون دولار لصندوق الثروة السيادية النرويجي وخطة المعاشات التقاعدية للرعاية الصحية في أونتاريو. ولا تزال الشركات الثلاث تتداول فوق أسعار الاكتتاب العام.
قال مولوي من مورجان ستانلي لقد كان بناء سجل طلبيات الاكتتاب العام، ومن ضمنها للمستثمرين الأساسيين، بمنزلة عمل موازن في السوق الأمريكية.
قال: "في حين أن ذلك يساعد على بناء الدعم والزخم للصفقة، إذا ذهب كثير منه إلى المستثمرين الأساسيين، فقد يؤدي ذلك إلى تقييد المستثمرين الجدد والتعويم على نطاق أوسع. كما أن الاعتماد المفرط على المستثمرين الحاليين كمستثمرين أساسيين يمكن أن يبعث إشارات متضاربة للسوق. ولكن حتى في الأسواق القوية، فإن المستثمرين الأساسيين باقون نظرا إلى أن المستثمرين الذين يتمتعون بأوراق اعتماد قوية عند الإطلاق هم مصدر فخر لك".
وخلافا للممارسة المتبعة في هونج كونج، لا يواجه المستثمرون الأمريكيون أي قيود على ممتلكاتهم، على الرغم من افتراض أنهم مستثمرون على المدى الطويل.
قال لورانس بيرنز، مدير المحفظة في شركة بايلي غيفورد، إن شركة إدارة الصناديق لم تأخذ سوى أدوار أساسية في الشركات التي تعرفها جيدا بالفعل.
قال: "طيلة الوقت تقريبا، لا يكون ذلك ممكنا إلا إذا كانت لديك بعض المعرفة والعلاقة مع الشركة. إذا كانت شركة ما ستطرح أسهمها للاكتتاب العام وجاءت إلينا بينما لم نلتق بها مطلقا من قبل وقالت "هل تريدون أن تكونوا مستثمرين أساسيين؟" فسيكون من الصعب جدا علينا أن نشعر بالارتياح - حتى بالنسبة إلى الاكتتاب العام، فضلا عن الاضطرار إلى اتخاذ قرار بشكل أسرع حول أن تكون مستثمرا أساسيا.