رؤية التجديد الحضري .. ضحية لإلغاءات روما
يبيع توماسو جامبينو الوجبات الخفيفة الصقلية التقليدية على شاطئ مونديلو، على مشارف باليرمو، منذ ستينيات القرن الماضي.
لفترة تقارب ذلك، ومالك الكشك الشهير البالغ من العمر 67 عاما يسمع عن خطط لإنشاء خط ترام وشيك لجلب الزوار من وسط المدينة إلى الشاطئ. ويقول: "مونديلو مكان صغير ولا يمكننا تحمل ضغط كل هذه السيارات".
أعرب جامبينو عن أمله في أن يتم تنفيذ خط ترام باليرمو-مونديلو الذي طال انتظاره أخيرا عن طريق خطة الإنعاش الاقتصادي الإيطالية لفترة ما بعد الجائحة التي يمولها الاتحاد الأوروبي بقيمة 191.5 مليار يورو، وهو أكبر برنامج مساعدة للبلد منذ إعادة إعماره في الحرب العالمية الثانية. ومن بين الأهداف الجريئة عديدة للخطة: بناء ما لا يقل عن 206 كيلومترات من البنية التحتية الجديدة للنقل العام الأخضر في 16 مدينة، من بينها باليرمو.
خططت روما مبدئيا لمنح باليرمو أموال التعافي من الاتحاد الأوروبي لتمويل مشروع خط ترام مونديلو. لكن روبرتو لاجالا عمدة المدينة أخبر روما أخيرا أن الأعمال – التي لم تبدأ بعد – لا يمكن أن تكتمل بحلول الموعد النهائي الصارم الذي حدده الاتحاد الأوروبي في منتصف 2026 وينبغي شطبها من المخطط.
يقول لاجالا لـ"فاينانشيال تايمز" في قاعة مدينة باليرمو: "هذه مهمة كبيرة – من المستحيل الانتهاء منها مع احترام الجدول الزمني. لقد قلنا بشكل مسؤول إن هذا المشروع الكبير لا يمكن إنجازه بحلول 2026 – لا يوجد وقت من الناحية العملية".
بالنسبة إلى الأشخاص الذين يعيشون ويعملون حول مونديلو، كان الأمر بمنزلة خيبة أمل مريرة. يقول جامبينو: "لقد عقدوا اجتماعات، وقطعوا وعودا، ومزيدا من الوعود، لكننا لم نحصل على أي شيء. لقد شبعنا كلاما".
يؤكد مصير خط ترام مونديلو على التحديات التي تواجه حكومة رئيسة الوزراء جيورجيا ميلوني، بينما تحاول تنفيذ برنامج إصلاح واستثمار واسع النطاق بتمويل من الاتحاد الأوروبي يهدف إلى إعادة تشغيل الاقتصاد الإيطالي الذي يعاني من ضعف الأداء بشكل مزمن.
وتهدف الخطة، التي تم الكشف عنها وسط ضجة كبيرة قبل عامين، إلى تعزيز البنية التحتية المادية والاجتماعية الهشة في إيطاليا، بينما تحفز روما على إجراء إصلاحات اقتصادية وإدارية صعبة لرفع مسار نموها الاقتصادي على المدى الطويل. ويشكل النجاح أهمية بالغة لوضع عبء الديون الثقيلة المستحقة على إيطاليا – نحو 144.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي – على أساس أكثر استدامة.
يتم تمويل هذا الجهد عبر برنامج بروكسل، نكست جينريشين أي يو الذي تبلغ قيمته 800 مليار يورو، الذي تم إنشاؤه في أعقاب جائحة كوفيد - 19 ويهدف إلى تحديث اقتصاد أوروبا بديون مضمونة بشكل مشترك من قبل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. إنها المبادرة الاقتصادية المشتركة الأكثر جرأة للكتلة منذ إنشاء العملة المشتركة.
لكن إيطاليا، التي من المقرر أن تكون أكبر متلق منفرد للأموال، تكافح من أجل مواكبة الجدول الزمني للإصلاح والاستثمار الذي تم الاتفاق عليه مع بروكسل في 2021، خاصة منذ أن تولى ائتلاف ميلوني اليميني السلطة العام الماضي. وقد أدى ذلك إلى إحياء المخاوف القائمة منذ فترة طويلة بشأن ما إذا كانت روما قادرة على تنفيذ الإصلاحات الموعودة والاستفادة بشكل فعال من هذه الثروة النقدية غير المتوقعة.
قالت سارة كارلسون، النائب الأول للرئيس في وكالة موديز للتصنيف الائتماني: "إنها فرصة لا تتاح إلا مرة واحدة في كل جيل". وأضافت: "كان سؤالنا دائما هو هل ستستفيد إيطاليا من هذه الفرصة إلى أقصى حد؟"
ستتردد أصداء الإجابة عن هذا السؤال خارج حدود إيطاليا وعبر الاتحاد الأوروبي، حيث قد تؤدي الشكوك الجديدة حول استدامة ديون إيطاليا الثقيلة في الأمد البعيد إلى إعادة إيقاظ المخاوف بشأن الاستقرار المالي في منطقة اليورو بالكامل.
تضيف كارلسون: "تتمثل مشكلة الائتمان المركزية في إمكانات النمو في إيطاليا. فمن دون نمو اقتصادي أقوى من الناحية الهيكلية، سيكون من الصعب للغاية أن يتمكن أي بلد من تقليص عبء الديون الذي يعادل حجم عبء الديون في إيطاليا".
في نهاية فبراير، أنفقت إيطاليا 25.7 مليار يورو فقط من أموال نكست جينريشين أي يو البالغة 66.9 مليار يورو التي تلقتها حتى الآن. تعثرت مدفوعات بروكسل لروما مع تأجيل الدفعة الثالثة من الأموال البالغة 19 مليار يورو لعدة أشهر بسبب المشاحنات حول ما إذا كانت إيطاليا قد أوفت بأحد التزاماتها، وهو إنشاء مساكن جديدة لـ7500 طالب جامعي.
ورغم أنه من المتوقع دفع 18.5 مليار يورو في أوائل الخريف – مع خصم 500 مليون يورو للأهداف غير المحققة – يحذر زعماء المعارضة الإيطالية من أن روما قد تخسر بعض رصيدها المستحق البالغ 124.6 مليار يورو في شكل منح وقروض ميسرة ما لم يعد البرنامج إلى مساره الصحيح.
قال إيلي شلاين، زعيم الحزب الديمقراطي المعارض، الشهر الماضي: "إيطاليا تخاطر بخسارة الموارد التي عملت جاهدة للحصول عليها من الاتحاد الأوروبي". واشتكى رئيس الوزراء السابق جوزيبي كونتي، زعيم حركة النجوم الخمس الشعبوية، لمؤيديه من أن حكومة ميلوني "لا تملك القدرة على إنفاق هذه الأموال".
حث صندوق النقد الدولي روما أخيرا على تسريع وتيرة الصرف أيضا، محذرا من نمو أبطأ من المتوقع ما لم يتم استخدام الأموال بسرعة أكبر – وهو مصدر قلق متزايد بعد انكماش الناتج المحلي الإجمالي في إيطاليا بشكل غير متوقع بنسبة 0.3 في المائة في الربع الثاني.
وحتى الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا – الذي يبعده دوره الشرفي إلى حد كبير عن السياسة اليومية – أعرب عن قلقه من أن عدم قدرة إيطاليا المحتملة على استثمار الأموال بالكامل ستكون بمنزلة انتكاسة كبيرة.
قال ماتاريلا الشهر الماضي: "لن يكون أي فشل – أو أي نتيجة جزئية – بمنزلة هزيمة للحكومة فحسب، بل لإيطاليا. هكذا سيتم النظر إلى الأمر وتفسيره خارج حدودنا – وهذا ما سيكون عليه الأمر في الواقع".
مراجعة الخطة
من جانبها، تصر ميلوني على أن ائتلافها ملتزم بالاستفادة الكاملة من المكاسب النقدية غير المتوقعة التي يجنيها الاتحاد الأوروبي. وتنفي مسؤوليتها عن الصعوبات الأخيرة. وبدلا من ذلك، تقول هي وحلفاؤها إن الخطة التي ورثوها عن رئيس الوزراء السابق ماريو دراجي كانت معيبة للغاية، حتى قبل ارتفاع معدلات التضخم والقيود على سلسلة التوريد التي أطلقتها الحرب الروسية الأوكرانية.
وانتقدت ميلوني أيضا المفوض الاقتصادي للاتحاد الأوروبي، باولو جنتيلوني، قائلة إنه كان ينبغي عليه ممارسة "مزيد من الحرص" قبل الموافقة على البرنامج الإيطالي.
الآن، تطلب روما من بروكسل الموافقة على إجراء إصلاح شامل، مع إجراء تغييرات على 144 من أصل 63 إصلاحا و235 استثمارا كانت قد وعدت بها في الأصل. وتجادل بأن التغييرات – التي تسميها ميلوني "تصحيحات" – مطلوبة لجعل الخطة أكثر جدوى نظرا للرياح الاقتصادية المعاكسة الحالية، ولضمان قدرة إيطاليا على تحقيق الأهداف للإفراج عن أموالها المتبقية.
في تجديده – الذي تم إرساله إلى بروكسل في وقت سابق من هذا الشهر – اقترح ائتلاف ميلوني إلغاء 16 مليار يورو من الاستثمارات العامة التي يعدها إما يستحيل استكمالها في الوقت المحدد، أو غير ذات صلة من الناحية الاستراتيجية. ويتضمن ذلك 5.8 مليار يورو لتجديد الأحياء الحضرية المهجورة والبنية التحتية العامة المتداعية، و1.8 مليار يورو للحد من مخاطر الانهيارات الأرضية والفيضانات، و725 مليون يورو لتعزيز الخدمات الاجتماعية في المناطق الأكثر إهمالا في إيطاليا.
وبدلا من ذلك، تعتزم روما إعادة توجيه هذه الأموال لتعزيز البنية التحتية للغاز والكهرباء وتقديم إعفاءات ضريبية للشركات والأسر التي تستثمر في توليد الطاقة المتجددة وتحسين كفاءة استخدام الطاقة، وهو التوجه الذي يدعمه لوبي الأعمال القوي، كونفيندوستريا.
"لقد وعدنا ألا تخسر إيطاليا يوروا واحدا من هذه الموارد، وأنها ستنفقها بشكل جيد وأن الأمور تسير على هذا النحو بالضبط"، كما قالت ميلوني في مقطع فيديو نشر أخيرا على وسائل التواصل الاجتماعي، موضحة أن هذه الاستثمارات من شأنها أن "تنشئ الظروف اللازمة لضمان النمو الاقتصادي في المستقبل".
وبينما أثار التخفيض الكبير في الأموال المخصصة للمشاريع على مستوى المدن احتجاجات سياسية داخلية، يقول المحللون: إن بروكسل من المرجح أن تقبل معظم التغييرات. ويسمح برنامج نكست جين أي يو بمراجعة خطط الاستثمار في منتصف الطريق إذا كان ذلك مبررا عبر "تغير موضوعي للظروف"، وتقوم بلدان أخرى أيضا بإجراء تغييرات، وإن لم يكن أي منها جذريا مثل إيطاليا.
يقول فيليبو تادي، كبير الاقتصاديين الأوروبيين في بنك جولدمان ساكس: "نظرا إلى كل ما حدث فيما يتعلق بأزمة الطاقة منذ الحرب، فمن العدل والصواب أن يقول البلد المتلقي، نريد مراجعة الخطة".
ومن الممكن أن يساعد تخصيص مزيد من الأموال للإعفاءات الضريبية إيطاليا على تسريع استخدام هذه الأموال، حيث تميل الكيانات الخاصة إلى أن تكون أكثر ذكاء من الوكالات العامة الغارقة في البيروقراطية المرهقة.
يقول تادي: "لقد ركزت الخطة الأصلية كثيرا على الاستثمار العام، لكن هناك طرقا كثيرة لتمويل الاستثمار. يعد تحفيز الاستثمار الخاص في المجالات التي تم تحديدها على أنها استراتيجية بمنزلة ثمرة سهلة المنال (...) يتعلق الأمر بالحصول على التوازن الصحيح".
لكن لا تقتصر التعديلات التي تقترحها روما على الإنفاق. حيث تريد حكومة ميلوني أيضا من بروكسل أن تغير أهداف الإصلاح الهيكلي المتطلبة التي تهدف إلى تعزيز المالية العامة في إيطاليا، وتحسين الكفاءة الإدارية، وتعزيز المنافسة وتسهيل الاستثمار والقيام بالأعمال.
وعلى وجه الخصوص، يريد ائتلاف ميلوني خفض الأهداف المتعلقة بتقليص حجم القضايا المتراكمة أمام المحاكم في إيطاليا، والحد من "الميل" إلى التهرب الضريبي، وهي مشكلة سيئة السمعة تحذر روما من أنها قد تتفاقم في العام المقبل بسبب التوقعات العالمية القاتمة وأزمة السيولة في القطاع الخاص.
كتبت الحكومة في عرضها لتعديل الخطة: "يتأثر سلوك دافعي الضرائب أيضا بعوامل خارجية – خاصة ظروف الاقتصاد الكلي – خارجة عن سيطرة السلطات المسؤولة عن الإدارة الفعالة للنظام الضريبي".
لكن كثيرا من الاقتصاديين يعتقدون أن بروكسل سترفض أي تخفيف للإصلاحات التي تستهدف المشكلات التي تم تحديدها منذ فترة طويلة على أنها عائق كبير أمام النمو. يقول فرانشيسكو جيافازي، أستاذ الاقتصاد في جامعة بوكوني، الذي ساعد، باعتباره المستشار الاقتصادي لدراجي، على صياغة البرنامج: "إن الإصلاحات هي الجزء المركزي من الخطة. لقد تم تصميم الخطة بأكملها لتعطيك بعض التسهيلات، لكن عليك القيام بالإصلاح. وكانت تلك هي الاستراتيجية السياسية. ولن يقبلوا أي إلغاء للإصلاحات".
المخاطر عالية. تريد ميلوني إبراز نفسها كمديرة اقتصادية حكيمة قادرة على التعامل مع التحديات التي تواجهها إيطاليا، خاصة بعد أن أحدثت حكومتها اضطرابا في الأسواق أخيرا بالإعلان الصادم عن فرض ضريبة غير متوقعة على البنوك. إن التنفيذ الناجح لبرنامج الاتحاد الأوروبي أمر أساسي، نظرا لأن المستثمرين يعولون على تسلم روما 35 مليار يورو من أموال الاتحاد الأوروبي هذا العام، و26 مليار يورو في العام المقبل، في حساباتهم للنمو والمالية العامة في إيطاليا.
أي تلميح للخطر قد يزعزع استقرار الأسواق، التي يقول تادي إنها اتخذت حتى الآن "موقفا متسامحا" تجاه تقدم إيطاليا "الأبطأ من المتوقع" هذا العام، لكنها لن تكون متسامحة في العام المقبل.
يقول: "في 2024، سيكون من المهم للغاية مدى جودة هذه الفرصة ومدى استغلالها. سينظر الجميع في الأسئلة: هل يعززون الإنفاق الرأسمالي؟ وهل يرفعون النمو المحتمل؟"
"خسارة فادحة للمجتمعات المحلية"
يحمل أداء روما أيضا آثارا على آمال بروكسل في تعميق التكامل المالي للاتحاد الأوروبي وإمكانية وضع خطط تمويل مشتركة مشابهة لمواجهة التحديات المستقبلية. سيكون لهذه الاعتبارات وزنها في الوقت الذي يقوم فيه مسؤولو المفوضية بتقييم خطة تجديد إيطاليا.
يقول لورنزو كودوجنو، وهو مسؤول كبير سابق في وزارة الخزانة الإيطالية: "إن خطر عدم تنفيذ هذه الخطة على الإطلاق ضئيل للغاية. هناك توافق في المصالح (...) لجعلها تنجح".
لكن روما وبروكسل تواجهان الآن احتمال إجراء مفاوضات شاقة للتوصل إلى اتفاق يعتمده أعضاء الاتحاد الأوروبي الآخرون، خاصة عواصم شمال أوروبا المحافظة التي تشك في الاقتراض المشترك واستعداد إيطاليا للإصلاح.
يقول كارلسون من وكالة موديز: "سيكون قرارا صعبا على مستوى الاتحاد الأوروبي – الحوافز تسير في اتجاهين مختلفين. من الصعب أن نتصور أن مؤسسات الاتحاد الأوروبي حريصة على القيام بسابقة في حال حدث تغيير في الحكومات، تقوم البلدان بإعادة كتابة برامجها بالكامل. لكن لديهم أيضا كثيرا من الثقة في أن برنامج إيطاليا يسير بشكل جيد".
ولم يتصور أحد قط أنه سيكون من السهل على إيطاليا تنفيذ هذه الخطة الجريئة، نظرا لسجلها السيء في الماضي في استخدام أموال الاتحاد الأوروبي. لقد أنشأ دراجي، الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي، وحدة خاصة في وزارة المالية لمراقبة التقدم وتقديم المشورة الفنية للحكومات المحلية.
لكن الانهيار غير المتوقع لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة دراجي في الصيف الماضي – والانتخابات المبكرة – دفع وكالة موديز إلى خفض آفاق التصنيف الائتماني لإيطاليا إلى سلبية، مشيرة إلى مخاطر سياسية جديدة على تنفيذ البرنامج.
فقبل توليها منصبها في أكتوبر، دعت ميلوني، زعيمة حزب إخوان إيطاليا اليميني، إلى إجراء تعديلات في ضوء حرب أوكرانيا. وفي السلطة، قامت بحل وحدة وزارة المالية التي تشرف على الخطة، وأسندت المهمة لحليفها رافاييل فيتو، وزير الشؤون الأوروبية، الذي اشتكى من أن الاستثمارات العامة الضخمة لم تكن واقعية على الإطلاق، نظرا للقيود العمالية في إيطاليا، والبيروقراطية، وضعف القدرة الإدارية.
لكن المدن التي كانت تتوقع التمويل تعترض الآن. إذ من بين الاستثمارات البالغة 16 مليار يورو التي تريد روما إلغاءها، كانت 13 مليار يورو مخصصة للحكومات المحلية، ويشكو رؤساء البلديات من أن المشاريع الجاري تنفيذها بالفعل ستترك في طي النسيان أو أن الموارد المالية للمدن ستتعرض لضغوط شديدة بسبب الالتزامات التي تم التعهد بها.
قالت شلاين، زعيمة المعارضة، في نقاش برلماني محتد هذا الشهر: "يجب أن تشرحوا لنا ما الذي تحملونه ضد البلديات". قالت إنها "خسارة فادحة للمجتمعات المحلية (...) أنتم تسرقون مستقبلنا بطريقة حقيقية للغاية".
وقد وصف فيتو التخفيضات بأنها ضرورية لضمان قدرة إيطاليا على الالتزام بالمواعيد النهائية الضيقة، على الرغم من أنه وعد بأن روما ستجد أموالا أخرى لتمويل الأعمال المتضررة من خطة التعافي.
وقال للبرلمان: "إننا لا نقبل الرواية غير المسؤولة من حكومة منشغلة بوقف تمويل المشاريع المفيدة"، مضيفا أن الحكومة "تفكر وترتأي الحلول بشعور من المسؤولية".
لكن في باليرمو، التي من المتوقع أن تتلقى ما يقارب 200 مليون يورو من أموال التجديد الحضري، يجادل الناقدون بأن حديث حكومة ميلوني المتكرر عن إصلاح الخطة نفسها أدى إلى تباطؤ على أرض الواقع.
ويقول ليولوكا أورلاندو، عمدة المدينة السابق، الذي صاغ خطة التجديد الحضري الأصلية: "كان هناك شعور بعدم اليقين. هذا النقص في الوضوح ينتج عنه نقص في الحماس، ما يخاطر بضياع الوقت وتعريض العمل للخطر".
ويرى آخرون أن الإيديولوجية السياسية تلعب دورا في قرارات الائتلاف الذي كانت شخصياته الرئيسة معادية تاريخيا للاتحاد الأوروبي. وقال ماركو بيكون، أستاذ الهندسة المعمارية في جامعة باليرمو، الذي كتب بتوسع عن تطوير المدينة: "أعتقد أن حكومة ميلوني ستحاول إنفاق أموال أقل مما تستطيع من أموال (التعافي من كوفيد). إنهم يريدون أن يكونوا قادرين على القول إنهم ليسوا عبيدا للاتحاد الأوروبي".
أنتونيلا دي بارتولو هي مديرة مدرسة في حي سبيروني الذي تنتشر فيه الجريمة حول الساحل الجنوبي لباليرمو، وهو شاطئ رملي واسع يستخدم منذ عقود كمكب لأنقاض البناء، وهو الآن فارغ بقدر الاكتظاظ في حي مونديلو.
وكان مسؤولو مدينة باليرمو يخططون لاستخدام 47 مليون يورو من أموال نيكست جين أي يو لاستعادة الشاطئ وإنشاء بنية تحتية ترفيهية، ما يوفر فرصا جديدة للمجتمع المضطهد. ويبدو الآن أن هذه الرؤية ستصبح ضحية لتحركات روما لإلغاء جميع خطط التجديد الحضري.
ترى دي بارتولو أن تلك الخطة هي الأحدث في سلسلة طويلة من الوعود التي تم قطعها - التي انتهكت لاحقا - لتحسين الظروف في أفقر المناطق وأكثرها إهمالا في إيطاليا، الذي يبدو ظاهريا أنه أحد الأهداف الرئيسة للخطة.
وتقول: "عندما كانت هناك فرصة للحصول على أموال التعافي هذه، بدأ الناس يتحدثون عن هذه المشاريع السحرية كما لو كانت الأرض الموعودة. لقد استمعت إلى هذه الخرافات لمدة عشرة أعوام. أنا أؤمن بالقصص الخيالية. لكني أرغب في الحلقة الأخيرة".