رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


إمكانات اقتصادية بيئية وسياحية

تولي المملكة العربية السعودية أهمية بيئية وجغرافية وسياحية للمحميات الملكية، التي ترسم دورا اقتصاديا مستقبليا مهما في تعزيز المفهوم الجديد للمحميات، وتدعم هذه المستهدفات الاستراتيجيات الشاملة للمحميات الملكية، وتركز على حماية الحياة الفطرية وأنشطة التشجير وتعزيز السياحة البيئية وتوفير فرص العمل. وتسهم المستهدفات المعتمدة للمحميات الملكية في دعم جهود المملكة في الاستدامة والحفاظ على البيئة عبر الإسهام في أهداف مبادرة السعودية الخضراء. وتمثل المحميات الملكية وجهات متميزة للسياحة البيئية، وترسخ مكانة المملكة كوجهة سياحية رائدة، حيث تستهدف المحميات استقطاب أكثر من 2.3 مليون زائر سنويا، إضافة إلى إعادة تأهيل وحماية أكثر من 15 موقعا من المواقع الأثرية والتاريخية بحلول 2030.
ولتحقيق هذه الأهداف الاستراتيجية، أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في رمضان عام 1439هـ أمرا ملكيا بإنشاء مجلس للمحميات الملكية، ويعين رئيسه وأعضاؤه بأمر ملكي، على أن يكون لكل محمية مجلس إدارة وجهاز يتولى الإشراف على تطويرها ويتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، كما صدر الأمر الملكي بتعيين الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيسا لمجلس المحميات الملكية وتم تعيين أعضاء المجلس في الأمر الملكي كذلك، وهذا تعبير شديد الوضوح عن اهتمام القيادة بالمحميات ودورها المهم في النهضة الحديثة التي انطلقت مع "رؤية 2030"، وقد جاء الأمر الملكي بالنص مباشرة على مستهدفات أساسية للمحميات الملكية بوصفها ثروة وطنية، وأنها بحاجة للتطوير كمحميات طبيعية بما يحقق الحفاظ على مكوناتها البيئية والطبيعية وإعادة توطين الحياة الفطرية فيها وتعزيز سبل إنمائها، وتنشيط السياحة البيئية.
فالمحميات الملكية قد أخذت مسماها الملكي من هذا الاهتمام الكبير الذي لم تحظ به من قبل، فالقيادة ترى أن كل شبر من هذه الأرض هو مسؤولية وطنية اجتماعية لا بد من رعايته والاهتمام به، وكل كائن على هذه الأرض له حق الحياة الكريمة والعيش في بيئة داعمة، كل ذلك من منطلقات إسلامية حض عليها الكتاب والسنة، وحضت عليها كل الأعراف والقوانين البشرية، لكن تطبيق ذلك يتطلب إرادة سياسية أولا، وعملا صادقا وفريقا مخلصا، ولهذا فإن تعيين الأمير محمد بن سلمان على رأس الفريق الذي سيتولى هذا كله هو أيضا رسالة لها مدلولاتها المهمة، فلم تكن أرض الكائنات الفطرية، والبيئة الطبيعة بأقل أهمية من المدن الكبرى والمشاريع الاقتصادية العملاقة. ومن الجدير بالذكر هنا أن الأمر الملكي قد حدد المحميات الملكية وتم تعيين مجلس إدارة كل منها، وهي محمية روضة خريم ومحازة الصيد وتسمى محمية الإمام سعود بن عبدالعزيز والتيسية وتسمى محمية الإمام تركي بن عبدالله، والتنهات، والخفس وتسميان محمية الملك عبدالعزيز والخنفة، والطبيق، وحرة الحرة وتسمى محمية الملك سلمان بن عبدالعزيز، كما تمت إضافة المنطقة الواقعة بين مشاريع نيوم والبحر الأحمر والعلا كمحمية ملكية تسمى محمية الأمير محمد بن سلمان.
كحوكمة دقيقة للعمل، فإن كل رئيس مجلس إدارة لهذه المحميات هو عضو مجلس إدارة في مجلس المحميات الملكية، ما يتيح لمجلس المحميات رسم التوجهات الاستراتيجية العامة للمحميات بما يضمن تحقيق مضامين الأمر الملكي، ولأن لكل محمية حالتها الخاصة وتكويناتها التي ميزتها عن سواها، فقد حافظت الحوكمة المنشودة على استقلالية كل محمية من حيث إدارة شأنها الداخلي دون ارتباط بغيرها من المحميات، ما يسمح بمرونة كافية تشجع على التنافسية بين المحميات في تحقيق المستهدفات الكبرى، وتحقيقا لكل هذا فقد تم اعتماد المستهدفات الاستراتيجية للمحميات الملكية، إذ المستهدفات تمثل الخطوط العامة والتوجهات الاستراتيجية التي سيعمل مجلس إدارة كل محمية على تحقيقها في المحمية بحسب الحالة الخاصة لها، وهذه التوجهات تركز على القضايا الأساسية التي وردت في الأمر الملكي بوصفها ثروة وطنية أولا، والعمل على تطوير المحمية بما يحقق الحفاظ على مكوناتها البيئية والطبيعية وإعادة توطين الحياة الفطرية فيها وتعزيز سبل إنمائها، وتنشيط السياحة البيئية.
فالاستراتيجية الشاملة للمحميات، تقدم دليلا إرشاديا لكل محمية على أن تعمل من أجل تطوير المحمية، فلم يكن المغزى من الأمر الملكي هو إغلاق هذه المحميات وعزلها عن محيطها، بل الهدف كان حماية هذه المحميات من العبث بها والاستيلاء على أراضيها، وتهديد الحياة فيها بشتى أشكالها، ولو حدث ذلك -لا سمح الله- فإن ذلك هو العزل الحقيقي لها، لذا فإن حماية هذه المحميات قد جاء لتحقيق رعايتها وصونها من العبث، وتطويرها لتشكل بيئة صالحة للحياة بأشكالها كافة، وبيئة حاضنة للتعايش بين الكائنات الحية والإنسان، بل حتى بين الكائنات الحية ومن بينها الإنسان وبين التكوينات الجيولوجية المختلفة للمحمية، والتطوير المنشود ليس مطلقا بلا توجيه ولا دليل، بل مخطط له بعناية بحيث يضمن دعم جهود المملكة في الاستدامة والحفاظ على البيئة عبر الإسهام في أهداف مبادرة السعودية الخضراء في حماية 30 في المائة من المناطق البرية والبحرية بحلول 2030، فهذه المحميات تشكل 13.5 في المائة من إجمالي مساحة السعودية، إضافة إلى الإسهام في مستهدفات زراعة الأشجار في المملكة بما يزيد على 80 مليون شجرة بحلول 2030.
وكما أن الأمر الملكي قد شدد على أمرين معا هما حماية الكائنات الفطرية وإعادة توطينها ومفهوم السياحة البيئية، فإن التوجهات الاستراتيجية قد أكدت هذا الدور من حيث قيام المحميات الملكية بحماية وإعادة توطين أكثر من 30 نوعا من الحيوانات المحلية المعرضة للخطر والمهددة بالانقراض. وأن تمثل المحميات الملكية وجهات متميزة للسياحة البيئية، وترسخ مكانة المملكة كوجهة سياحية رائدة، حيث تستهدف المحميات استقطاب أكثر من 2.3 مليون زائر سنويا، إضافة إلى إعادة تأهيل وحماية أكثر من 15 موقعا من المواقع الأثرية والتاريخية بحلول عام 2030.
ولأن هذين الموضوعين بالذات من الموضوعات التي تتطلب موارد بشرية ذات تدريب عال متخصص، فإنه من المتوقع أن يظهر الدور الاقتصادي بجلاء للمحميات الملكية، إذ ستعمل كعامل جذب قوي للسياحة العالمية التي تستهدف هذا النوع من المتنزهات الوطنية، كما أن العمل مع هذه الكائنات والتكوينات يتطلب تنوعا واسعا في الموارد البشرية، فمن المتوقع أن تسهم هذه المستهدفات البيئية والسياحية في توفير عديد من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة للمجتمعات المحلية في المحميات الملكية، خاصة أن وصول أكثر من 2.3 مليون زائر سنويا لهم عديد من المتطلبات، وعليهم مسؤوليات لا بد من مراقبتها لامتداد حماية الحياة في هذه المحميات وعدم العبث بها، فالمحميات الملكية لم تعد معزولة ولا بعيدة، بل هي جزء لا يتجزأ من هذا الوطن، لها حقوق ولها دور، وكل ذلك ضمن أطر استراتيجية واضحة رسمتها الرؤية مع تطبيق مفهوم حوكمة بكفاءة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي