أفلام البقاء على قيد الحياة .. واقع اقتصادات التمثيل
حصلت على أول وظيفة مدفوعة الأجر عندما كنت في التاسعة من عمري، لعبت دورا صغيرا في الدراما البوليسية التلفزيونية البريطانية الطويلة "ذا بيل". كانت ممتعة أكثر من المدرسة، لذلك مزقت خطتي المهنية السابقة (مغنية أوبرا و/ أو أمينة مكتبة) ورسمت مساري إلى جائزة الأوسكار. لكن على مدى الأعوام القليلة التالية، بعض قصات الشعر السيئة وحب البسكويت ونقص الموهبة أدت إلى تلاشي أحلامي.
ربما كان ذلك للأفضل، مع نزاع اليوم بين ساج أفترا، اتحاد ممثلي هوليوود، وتحالف منتجي الأفلام والتلفزيون. مع أنه كان سيكون من الرائع كسب الملايين مثل مارجو روبي أو ريان جوسلينج، فإن كسب الحد الأدنى من الأجر الذي توجبه الشروط المتنازع عليها ليس هينا. لمعظم الممثلين، اقتصادات التمثيل وحشية، وربما تشتد وحشية.
مشكلة هذه المهنة هي أن كثيرا من الناس يريدون الانضمام إليها. يقدم على مدرسة الدراما في لندن "رادا" 121 متقدما لكل مقعد. أما جامعة كامبريدج، التي تتطلب درجات أعلى، فيأتيها نحو ستة متقدمين لكل مقعد. الحظ المبكر يزيد الفرصة. الأدوار المرموقة مفتوحة فقط لمن معهم أفضل الوكلاء. وكبار الوكلاء يستكشفون المواهب فقط في عديد من العروض الأخيرة.
غالبا ما تتضمن الحياة بعد مدرسة الدراما كثيرا من تجارب التمثيل، ربما 15 أو 20 أو حتى 60 لنيل وظيفة واحدة فقط. في حين كان يعني هذا في الماضي التعجل والركض حول لندن أو نيويورك أو لوس أنجلوس، فإنه يعني اليوم تسيير استوديو منزلي وإنتاج "تسجيلات ذاتية".
هذا لا يزال عملا كثيرا غير مدفوع الأجر - ربما عملا أكثر من ذي قبل حيث لدى وكلاء اختيار الممثلين متسع من الوقت لرؤية مزيد من الممثلين لتلك الجولة الأولى من تجربة الأداء – التي تحاول نقابة ساج أفترا الحد منها. تريد النقابة قصر قراءات النصوص على 5.5 صفحة على الأكثر، في حين اقترح المنتجون ثماني صفحات.
يبدو أن النجاح لا يتعلق بمن هو الأفضل بقدر ما يتعلق بمن يمكنه النجاة، كما يقول الممثل المقيم في المملكة المتحدة أوبيوما أوجولا.
إذن في معظم الحالات، يعني الحفاظ على مهنة شغل نوع من "وظيفة البقاء على قيد الحياة".
يعتقد بوب شرودر، وكيل مقيم في شيكاغو، أن نحو 15 في المائة فقط من الممثلين الذين يمثلهم يكسبون عيشهم حصرا من التمثيل. بصرف النظر عن الوظائف الجزئية المعروفة، نادل أو نادلة أو حتى مغني زفاف، العمل كومبارسا متاح دائما. يدفع هذا العمل 187 دولارا في اليوم بموجب معدلات النقابة، إضافة إلى 19 دولارا إضافية إذا كان وجود لحية طبيعية كاملة من شروط لعب الدور.
الوظيفة التي تبقي صاحبها على قيد الحياة مهمة، لأن بعض أعمال التمثيل مقابلها ليس نقدا. قد تأتي المكافأة على شكل أمل ضئيل في شغل وظيفة في المستقبل، أو ربما مقطعا لنفسك تسجله وأنت تؤدي للحصول على عمل في المستقبل. ثمة قيمة في ذلك الوقت أمام الكاميرا مع إضاءة جيدة أو مع مخرج ماهر، كما يقول الممثل المقيم في لوس أنجلوس كريس سميث، مضيفا: "لكونك ممثلا فأنت تبحث عن قيمة حيثما يمكنك الحصول عليها".
على الأقل لأولئك المحظوظين بما يكفي ليحصلوا على دور بأجر مدفوع، يجب أن تكون رزمة النقد لائقة، فالمعدل الأدنى في الولايات المتحدة مقابل الظهور يوما واحدا على شاشة التلفاز هو 1082 دولارا، أي أقل بقليل من متوسط الأجر الأسبوعي في أمريكا، ويمكن لممثلي المسلسلات الأساسيين المساومة لتقاضي أجر أعلى. لكن الوكلاء يأخذون شريحة 10 في المائة. أما لمعظم الممثلين من غير قائمة الصف الأول من الممثلين، فلا يوجد عمل كثير لشغله.
يشير تحليل من قاعدة بيانات الأفلام على الإنترنت " أي إم دي بي"، أجراه الأكاديمي السابق أوليفر ويليامز، إلى أنه بين 2000 و2016، من بين الممثلين الذين كان لهم ظهور في عام واحد، كان لدى الربع فقط تقريبا ظهور آخر في العام التالي. ما يقارب 70 في المائة حظوا بظهور واحد فقط.
تدعي ساج أفترا أن الظروف قد تدهورت.
على مدى الأعوام الخمسة الماضية، انخفضت الزيادة التي يمكن للوكلاء التفاوض عليها للممثلين الأساسيين لسلسلة، كما يقول ديفيد فيفيانو، كبير الاقتصاديين في النقابة. ولم تواكب الرسوم المقدمة ولا العوائد التضخم.
في حين يحصل الممثلون على 100 في المائة من رسومهم المقدمة مرة أخرى عندما تتم إعادة بث مسلسل تلفزيوني، إذا انتقل العرض إلى خدمة بث أخرى، فيحصلون على 10 في المائة فقط تقريبا، كما أضاف.
في بعض الحالات، اختفت العوائد تماما حيث تم دفعها مع الرسوم المقدمة. (نادرا ما يتم تقدير هذا على أنه انخفاض في المخاطر المالية لفشل العمل).
ربما يؤدي حل الإضراب إلى بعض التحسن. يريد الاتحاد حد أجور دنيا أعلى، وكذلك أموال أكثر من خدمات البث. في المحادثات حتى الآن، عرض المنتجون زيادة 22 في المائة في العوائد من أكبر خدمات البث، لكنهم رفضوا طلبا "لتقاسم الإيرادات"، بحجة أن النقابة تطلب شريحة من نصيب شخص آخر.
يتقاتل الجانبان أيضا على حقوق العمال نظرا إلى تهديد الذكاء الاصطناعي، على الرغم من أن حدسي يقول إن الأتمتة ستهاجم كتاب الأعمدة في الصحف قبل أن تهاجم الممثلين.
سأراقب النتيجة بإمعان، وأتساءل عما إذا كنت قد قررت قرارا خاطئا بشأن مهنتي في النهاية.