كروموسوم آدم
مكون متناهي الصغر داخل نواة خلايا الرجل كان سببا في عديد من القضايا الاجتماعية والتفرقة العنصرية، بل حتى الجرائم، فقد فضل البشر ولقرون إنجاب الذكور وحزنوا لميلاد الإناث حتى بلغ بهم الأمر إلى وأدها كما كانت العرب تفعل في الجاهلية خوفا من الفقر أو للتخلص من عارهن الذي قد يحدث أو لا يحدث أو تقتل معنويا بإهمالها وسلب حقوقها حتى أنها كانت قبل الإسلام تورث كأي ممتلكات للمتوفى وما زالت كذلك في بعض الدول.
كروموسوم آدم أو Y الغامض، هو واحد من اثنين من الكروموسومات الجنسية في الثدييات، بما في ذلك البشر وعديد من الحيوانات ويكون موجودا فقط لدى الذكور، والكروموسوم الآخر هو X ويوجد لدى الذكور والإناث. وظل السؤال قائما، ما الذي يتحكم في جنس الجنين؟ وكان اللوم يقع في الأغلب على الأم بناء على رأي كلارنس ماكلونج الذي نشره عام 1890، حيث كان يعتقد أن الكروموسوم X هو الذي يحدد جنس المولود، إلى عام 1905 حين أعلنت ستفينس ميتيي عالمة علم الوراثة الأمريكية اكتشافها لدور كروموسوم آدم أو Y في تحديد جنس المواليد بعد تجربتها على الديدان ولم تكن هي الوحيدة فقد توصل العالم الأمريكي إدموند ويلسون إلى نفس ما توصلت إليه ميتي في العام نفسه، ولكن باستخدام الفراشات بدل الديدان.
هنا عرفت ستيفنز أن فكرة ماكلونج بأن الكروموسوم X يحدد الجنس كانت خاطئة وأن تحديد الجنس هو في الواقع، بسبب وجود أو عدم وجود كروموسوم Y، الذي ينتقل من الأب للابن ويحتوي على جين محدد يحفز نمو الذكور.
ورغم صغر حجمه وقلة عدد جيناته مقارنة بكروموسوم X إلا أن المعلومات عنه قليلة جدا، ومنها دوره الرئيس في التحكم بالوظائف التناسلية المهمة، بما في ذلك إنتاج الحيوانات المنوية، والاستعداد الوراثي للإصابة بالسرطان وشدته وبعض الأمراض الأخرى، لكن ثبت أن هذا الكروموسوم يصعب التعرف عليه بسبب بنيته المعقدة بشكل استثنائي. وحديثا تمكن العلماء من كسر هذا الحاجز وفك شفرة كروموسوم Y، تقول كارين ميجا أستاذة الهندسة الجزيئية الحيوية في جامعة كاليفورنيا، التي شاركت في الدراسة "يوفر ذلك أخيرا أول نظرة كاملة لشفرة الكروموسوم Y، إذ يكشف أكثر من 50 في المائة من طول الكروموسوم الذي كان مفقودا في خرائط الجينوم البشري السابقة". ويأمل العلماء أن يكون ذلك فتحا في مجال علاج العقم لدى الرجال.