أسباب ارتفاع التضخم .. ما الحلول؟ «2 من 3»

قد يرد بعض الخبراء على هذه الحجة بأن حماية الهوامش من صدمات التكلفة سلوك عادي تمارسه الشركات، وبهذا لا يصبح لدينا أي سبب لإعادة النظر في التضخم اليوم. لكن لا أحد ينكر أن الشركات تسعى إلى حماية أو حتى توسيع هوامشها "ومن ثم فإن مسمى (التضخم الناتج عن الجشع) مغلوط". بالأحرى، النقطة المهمة هنا هي أن الشركات اليوم، وفقا للمعايير التاريخية، كانت ناجحة بدرجة مذهلة في القيام بهذا. كانت إيزابيل شنابل رائدة في هذا النوع من تحليل التضخم في البنك المركزي الأوروبي، وعندما سئلت أخيرا ما إذا كان التضخم اليوم مدفوعا حقا بالأرباح، جاء ردها واضحا: "إذا أجريت التحليل الكلي، فستجد أن جزءا (من التضخم) كان مدفوعا بالأرباح قطعا. هذه حقيقة".
لنتأمل هنا المقارنة بـأولى صدمات أسعار النفط في 1973. في ذلك الوقت، كما يوضح صندوق النقد الدولي، كانت العمالة هي التي تمكنت من حماية نفسها ودرء الصدمة، بخلاف النفط ذاته، كانت الزيادة في الأسعار مدفوعة بالكامل تقريبا بارتفاع تكاليف وحدة العمل، وقد انخفضت الأرباح. اليوم، على النقيض من ذلك، يرى صندوق النقد الدولي أن الأرباح تشكل 40 في المائة من التضخم، إلى جانب أسعار الواردات، حلت محل تكاليف العمل بوصفها المحرك الرئيس.
علاوة على ذلك، كما يؤكد بنك التسويات الدولية، انخفضت الأجور الحقيقية بدرجة أكبر كثيرا مما كانت عليه الحال في نوبات التضخم السابقة. وتوضح لاجارد، "لقد خسر العمال حتى الآن بسبب صدمة التضخم،... ويؤدي هذا إلى إشعال شرارة عملية مستدامة من اللحاق بالأجور".
من أين يأتي البنك المركزي الأوروبي، وصندوق النقد الدولي، وبنك التسويات الدولية، وغير ذلك من المؤسسات الرائدة، بمثل هذه الأفكار؟ من المؤكد أنها لا تأتي من افتراضات قديمة تستند إلى منحنى فيليبس، وفجوات الناتج، التي تسير النقد، و"الطلب الزائد". ربما لعب عملي الذي حظي بتغطية إعلامية واسعة، دورا ما، أو ربما يلقي الناس الآن نظرة جديدة على الحقائق.
أيا كان الأمر، فليس من المفيد أن نتوصل إلى التشخيص الصحيح ما دام العلاج غير فاعل أو حتى ضارا. في ظل الوضع الراهن، تظل الوصفة القياسية لمعالجة التضخم تتلخص في رفع أسعار الفائدة، رغم أن هذا من شأنه أن يـفضي إلى زيادة معدلات البطالة وارتفاع مخاطر الركود وعدم الاستقرار المالي. يقترح صندوق النقد الدولي أن "توقعات التضخم في أوروبا تعتمد على كيفية امتصاص أرباح الشركات لمكاسب الأجور". لكن لا توجد قناة مباشرة من أسعار الفائدة المرتفعة إلى ضغط الهوامش. الواقع أن أي زيادة في تكاليف الاقتراض تقلل من قدرة الشركات على امتصاص زيادات الأجور... يتبع.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2023.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي