حلقة هلاك جديدة .. منطقة اليورو أمام أزمة التئامها صعب

حلقة هلاك جديدة .. منطقة اليورو أمام أزمة التئامها صعب

هل تقترب حكومات منطقة اليورو من منطقة خطرة جديدة اقترابا مقلقا؟ الإشارات موجودة، مع تجاوز الانكشاف السيادي على قطاع الشركات 20 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
يعزى ذلك إلى عمليات شراء البنك المركزي الأوروبي للأصول ودعم السياسة السخي لحماية الشركات من آثار الأزمات المتعاقبة.
أصابت ضمانات الائتمان للحكومة ودعم السيولة الهدف بالتأكيد، ما ساعد على إبقاء الشركات الضعيفة واقفة على أقدامها. لكنها تخفي ندوبا اقتصادية كبيرة. لم تتعاف بعض القطاعات والشركات بالكامل بعد، وقد لا يتعافى بعضها أبدا، خاصة تلك التي تضررت بشكل كبير من إجراءات الاحتواء المتعلقة بالجائحة والتغيرات المترتبة عليها في سلوك المستهلك.
في الوقت نفسه، ساعدت إجراءات الإعسار المتأخرة والركود السطحي (حتى الآن) على إبقاء تخلف الشركات عن السداد منخفضا. لكن حالات الإفلاس المقموعة هذه تخفي خسائر ضخمة قد تظهر سريعا مع تلاشي آثار دعم السياسة القوي نظرا إلى تراكم الرفع المالي للشركات والأساسيات التي لا تزال ضعيفة.
في الحقيقة، بعض الشركات الصغيرة بالكاد صامدة وستحتاج إلى تصفية أو إعادة هيكلة. ما لم تعالج مبكرا، قد تتحول ربحية الشركات المتدهورة سريعا إلى خسائر – وستصبح هذه الالتزامات خسائر حقيقية للجهات السيادية.
في أسوأ الحالات، يعني نظام الروابط المعقد بين النشاط الحقيقي والبنوك والجهات السيادية أن تداعي الشركات سينتشر سريعا، ما سيثير عملية إعادة تسعير أساسية للخطر في حلقة هلاك جديدة. قد يتحول عدد قليل من حالات التخلف عن السداد في بعض القطاعات المهمة والمتصلة جيدا سريعا ليصبح سيلا من التخلف، وسيصعق تحقق مفاجئ للخسائر أسواق رأس المال، ما يعجل بحدوث أزمة نظامية يتردد صداها عبر حلقات من الآثار المرتدة للشركات وحلقات من الآثار المرتدة المالية والسيادية – حيث تزيد انخفاضات الأسعار الضعف في المجالات ذات الصلة.
إذا كان يشبه الأزمات السابقة في شيء فهو أن هذا السيناريو الشديد قد ينتج عنه معدل تخلف عن السداد تراكمي يبلغ 10 في المائة على مدى العامين المقبلين. سينطوي هذا على زيادة حادة في حالات الإعسار بناء على احتمالية التخلف عن السداد السنوي الحالية التي تبلغ أقل من 1 في المائة. ستمحو الخسائر الناتجة في قطاع الشركات ما يقارب ثلاثة أعوام من الأرباح للبنوك التي ستستجيب عن طريق تقليل الإقراض الأكثر خطورة للحفاظ على رأس المال – في الأغلب للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تحتاج إليه أكثر.
بالنسبة إلى حكومات منطقة اليورو، قد تضيف الخسائر المباشرة وعائدات ضرائب الشركات الضائعة ما يصل إلى 5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في المتوسط، ما سيقلل بشدة ما تبقى من الحيز السياسي الضيق. في هذه الحالة، ستجد منطقة اليورو نفسها في ركود طويل، لكن هذه المرة بوجود ديون أكثر، وحد أدنى من الحيز السياسي أمام معركة أخرى.
في هذا السياق، يجب أن تكون سياسات القطاع المالي في منطقة اليورو أكثر تطلعا للمستقبل عندما يتعلق الأمر بمخاطر قطاع الشركات، خاصة في البلدان التي تؤدي فيها حالات الإعسار الأبطأ ومعدلات انتعاش الأصول المنخفضة إلى تضخيم الندوب الاقتصادية وتقويض النظام المالي والحيز السياسي القيم. لتقليل تراكم الديون، تحتاج منطقة اليورو أيضا إلى أطر عمل أكثر كفاءة وقوة لتسوية الديون، بما في ذلك إجراءات إعسار مبسطة للشركات الصغيرة والمتوسطة، وآليات إعادة هيكلة هجينة، وحل مشكلة الديون خارج إطار المحكمة.
في نهاية المطاف، سيكون أفضل دفاع هو إكمال الاتحاد المصرفي في الاتحاد الأوروبي بسوق على مستوى الكتلة للخدمات المصرفية، وتنظيم مشترك، وشبكة أمان أوروبية للمودعين.
دون ذلك، ستزيد أوقات الشدة دائما مخاطر الانقسام – حتى مع تكهنات بانسحاب دولة أو أكثر من منطقة اليورو. توقف التقدم فيما يتعلق بإغلاق فجوات مهمة، مثل تصميم شبكة أمان النظام الأوروبي للتأمين على الودائع وتنفيذها. يتطلب هذا دافعا جديدا للوصول إلى توافق في الآراء وتشجيع مزيد من الأعمال المصرفية عبر الحدود.
بينما تبنت المفوضية الأوروبية اقتراحا لتعديل إطار الاتحاد الأوروبي الحالي لإدارة أزمات البنوك والتأمين على الودائع وتعزيزه، فإنها تتجاهل دور أنظمة الحماية المؤسسية الوطنية الفعالة وأهمية النظام الأوروبي للتأمين على الودائع لإكمال الاتحاد المصرفي.
في الوقت نفسه، على صانعي السياسات النظر في طرق جديدة للعمل أكثر مع القطاع الخاص لإعادة هيكلة انكشافات القطاع العام على الشركات التي تمر بضائقة لكنها ذات جدوى. سيتطلب هذا طريقة تفكير جديدة للسياسة، بالتحول عن التفكير كدائن يسعى لجمع رأس المال أو تجديد الديون إلى التفكير كمستثمر في الأسهم يسعى لمضاعفة قيمة الانتعاش، عن طريق تحفيز إعادة هيكلة الديون من خلال الإعفاءات الضريبية وضخ أسهم جديدة مثلا.
لكن عدم اتخاذ أي إجراء على الإطلاق قد يجعل منطقة اليورو قريبة بشكل خطير من أزمة سيكون التعافي منها صعبا.
*كبير الاقتصاديين في أليانز

الأكثر قراءة