"آرم" تنقب عن فرص نمو خارج أرض الهواتف الذكية

"آرم" تنقب عن فرص نمو خارج أرض الهواتف الذكية

تستطيع بضع شركات من التي تستعد لتحقيق نجاح في طرحها العام الأولي في سوق الأوراق المالية أن تطالب بحصة سوقية تبلغ 99 في المائة من قلب العنصر الأساسي للمنتج الاستهلاكي الأكثر ربحية وانتشارا في العالم.
لكن بالنسبة إلى شركة آرم لتصميم الرقائق والمملوكة لشركة سوفت بنك، فإن هيمنتها الساحقة على معالجات الهواتف الذكية هي أكبر أصولها وأكبر تحد تواجهه لتحقيق تقييم مفترض يزيد على 60 مليار دولار في طرحها العام الأولي الشهر المقبل.
حذرت الشركة في نشرة الطرح العام التي نشرتها الأسبوع الماضي من أن "الحصة السوقية الحالية الكبيرة" لـ"آرم" في أسواق الأجهزة المحمولة والإلكترونيات الاستهلاكية "قد تحد من فرص النمو مستقبلا".
في حين إن الأسواق الأخرى، مثل سوق رقائق السيارات والمعالجات الخاصة بالحوسبة السحابية، توفر فرصا واعدة لـ"آرم"، لكن محللين يقولون إنها لا يمكن أبدا أن تأمل في إعادة إحداث احتكارها شبه الكامل في مجال الهواتف المحمولة.
وفي الوقت نفسه، تم استبعاد "آرم" إلى حد كبير من أهم قطاع في سوق أشباه الموصلات هذا العام، وهو ابتكار رقائق لمعالجة نماذج الذكاء الاصطناعي الضخمة، مثل جي بي تي 4 من شركة أوبن أيه آي، وهي سوق تهيمن عليها شركة إنفيديا.
قال جيف بلابر، الرئيس التنفيذي لمجموعة سي سي إس إنسايت لأبحاث التكنولوجيا: "من الصعب أن نتوقع أن تشهد شركة آرم أي نمو كبير في الهواتف المحمولة يتجاوز ما هي عليه اليوم. لن يكون هناك شيء كبير بكبر الآيفون، لذا آرم ضحية لنجاحها، بالطريقة نفسها التي آلت إليها شركة أبل".

معضلة شركة أبل
لقد كانت أقدار "آرم" و"أبل" متشابكة منذ ثلاثة عقود. تأسست شركة تصميم الرقائق البريطانية في 1990 مشروعا مشتركا بين "أبل" وشركة أكورن كمبيوترز البريطانية لتصنيع أجهزة الحاسوب الشخصية، إلى جانب شركة في إل إس أي لتصنيع الرقائق ومقرها وادي السيليكون.
كانت الشركة الناشئة التي تقع في كامبريدج رائدة في نوع جديد من بنية الرقائق التي أعطت الأولوية للسرعة والبساطة على قوة المعالجة الأولية. وقد أثبتت مخططاتها للرقائق منخفضة الطاقة أنها مثالية للهواتف المحمولة التي تعمل بالبطاريات، أولا في عصر نوكيا، وبعدها عندما أشعل الآيفون موجة أكبر من النمو بدءا من 2007.
ومع أن "أبل" ساعدت على تمويل إنشائها، إلا أن علاقة "آرم" بصانعة الآيفون اليوم معقدة.
على الرغم من كونها واحدة من أنجح مطوري الرقائق المبنية على "آرم"، إلا أن "أبل" لا تذكر إلا ذكرا عابرا معدودا في ملف الطرح العام لـ"آرم"، ولم يذكر الآيفون إلا مرة واحدة.
تمتلك "آرم" عدة نماذج لترخيص تكنولوجيتها. فمن ناحية، هناك إمكانية الوصول غير المحدود إلى حقيبتها الكاملة من الملكية الفكرية بموجب ما تسميه "اتفاقيات الوصول الشامل".
من ناحية أخرى، يوجد ترخيص للتصميم الهندسي محصور أكثر، الأمر الذي يمنح العملاء اللبنات الأساسية التي يحتاجون إليها لتطوير رقائق مخصصة للغاية لكنه عادة ما يحقق إيرادات أقل لـ"آرم". تمتلك "أبل" ترخيصا طويل الأمد للتصميم الهندسي، حيث تضخ مليارات الدولارات في تطوير معالجاتها المتقدمة المستندة إلى رقائق "آرم" لأجهزة الآيفون والآن حواسيب الماك المحمولة.
قال ديلان باتيل، كبير المحللين في شركة سيمي أناليسيس الاستشارية: "الشيء الذي أضر بمصالح آرم هو أنها قدمت بعض الصفقات الجيدة".
تقول "آرم" إنها يمكن أن تنمو من خلال بيع مزيد من التكنولوجيا في كل هاتف ذكي. قال جاي جولدبيرج، مؤسس شركة دي 2 دي الاستشارية لاستشارات الرقائق، في مذكرة بحثية الثلاثاء، إن الشركة تحصل فقط "حصة صغيرة من القيمة التي تسهم بها". مشيرا إلى رسم حقوق الملكية بنسبة 2.7 في المائة الذي تتقاضاه شركة آرم من 30 مليار رقاقة تعمل بالطاقة التي اشتراها عملاؤها في العام المالي الماضي، أي 0.11 دولار لكل رقاقة.
قال باتيل إن صفقات مثل تلك التي أبرمتها مع "أبل"، وتركيز صناعة الهواتف الذكية على حفنة من كبار مصنعي الهواتف، تحد من قوة تسعير "آرم" على الرغم من غياب البدائل للتكنولوجيا التي تملكها.
هؤلاء العملاء لن يذهبوا إلى أي مكان. تقدر "آرم" أن 46 في المائة من إيراداتها من رسوم حقوق الملكية للسنة المالية الماضية جاءت من المنتجات التي أطلقتها بين 1990 و2012، ما يشير إلى القدرة على الاستمرارية الكامنة في نموذج أعمالها. لكن هذا قد لا يكون كافيا لإغراء المستثمرين لتقدير الشركة التي انخفضت إيراداتها 1 في المائة إلى 2.7 مليار دولار في العام الماضي، بانخفاض أكثر من 60 مليار دولار.
قال مالكولم بن، الرئيس التنفيذي لشركة فيوتشر هورايزونز الاستشارية في مجال الرقائق: "عليها الدخول في أسواق جديدة. إنها ليست في الوضع نفسه الذي كانت عليه في عصر الهاتف المحمول. الأمر ليس بسهولة ذلك الوقت لأنه لا يوجد عميل نهائي رئيس واحد يقودها".

مستقبل ما بعد الهواتف الذكية
عندما اشترت شركة سوفت بنك في 2016 "آرم"، التي كانت حتى ذلك الحين شركة عامة مدرجة في لندن ونيويورك، أعلن الرئيس التنفيذي للمجموعة اليابانية ماسايوشي سون أنها ستدفع الشركة إلى قلب "إنترنت الأشياء".
بعد سبعة أعوام، يقول محللون إن هذه المبادرة فشلت في تحقيق النمو الجديد المنشود. تقول نشرة الطرح العام لـ"آرم" إنها تمتلك حصة 65 في المائة من سوق إنترنت الأشياء الصناعية وأشباه الموصلات المدمجة، لكن الطبيعة الصغيرة والأقل قيمة للمنتجات في هذا المجال جعلتها أقل ربحا مما كان سون يتصوره.
إن أحدث هوس للمستثمر الملياردير هو الذكاء الاصطناعي، الذي تحرز "آرم" فيه بعض التقدم. هي تعمل مع شركات السيارات ذاتية القيادة مثل كروز من شركة جنرال موتورز. تستخدم "نفيديا" وحدة المعالجة المركزية من "آرم" في "الرقاقة الفائقة" المسماة جريس هوبر، المستخدمة لمعالجة نماذج الذكاء الاصطناعي في مراكز البيانات.
لكن بدلا من الجلوس في قلب هذه الأجهزة، تلعب تكنولوجيا "آرم" دورا داعما للرقائق الأكثر قوة مثل رقاقة إتش 100 من "نفيديا" عندما يتعلق الأمر بالذكاء الاصطناعي.
مع ذلك، قال باتيل إن "آرم" ستكون مستفيدة من تحول أوسع في كيفية تصميم مراكز البيانات حول حجم أعمال الذكاء الاصطناعي. تعمل جميع شركات الحوسبة السحابية مثل أمازون وجوجل ومايكروسوفت على وحدات معالجة مركزية مستندة إلى "آرم" لمراكز بياناتها.
تقدر شركة "آرم" أن لديها حصة 10 في المائة من سوق المعالجات السحابية البالغة 18 مليار دولار، ارتفاعا إلى من 7 في المائة في 2020، ومن المتوقع أن ينمو القطاع بنسبة مئوية من خانتين خلال الأعوام القليلة المقبلة.
من مجالات النمو الرئيسة الأخرى سوق السيارات، حيث تواصل شركات صناعة السيارات زيادة قوة الحوسبة داخل سياراتها، بدءا من إدارة المحرك إلى تكنولوجيا القيادة المساعدة. تستحوذ "آرم" على حصة تبلغ 41 في المائة من سوق السيارات، ونمت إيراداتها من رسوم حقوق الملكية 36 في المائة العام الماضي.
ومع ذلك، في سوق إجمالية مستهدفة بقيمة 200 مليار دولار لـ"جميع الرقائق التي يمكن أن تحتوي على معالج"، تقدر "آرم" أنها استحوذت على نصف إمكانات السوق تقريبا. بعد اجتياح سوق الهواتف المحمولة، ربما تجد "آرم" أن المائة مليار دولار الثانية هي الأصعب.

الأكثر قراءة