رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


هل بدأت حمى الدمج الأمريكية تخف؟ «2 من 2»

هناك حاجة ماسة إلى إعادة التوجيه هذه. إذ في إطار رعاية المستهلك، تجاهل القضاة بقدر كبير القوة السوقية بل حتى المنافسة. وتركز محاكم اليوم على تأثيرات الأسعار. ولمنع عمليات الدمج، يجب على الحكومة أن تثبت، استنادا إلى نماذج اقتصادية معقدة، أنه سيؤدي إلى زيادات في الأسعار على المدى القريب. وفي الأغلب ما تنطوي قضايا الدمج حاليا على قيام القضاة بالتدقيق في تحليلات الاقتصاد القياسي المتناقضة، وفوز الشركات إذا أقنع الخبراء الاقتصاديون الذين تستأجرهم بأجور مرتفعة أحد القضاة بأن الدمج سيحقق وفورات قليلة في التكلفة، بغض النظر عن آثاره السلبية في المنافسة.
والواقع أن النماذج المعقدة التي هيمنت على سياسة مكافحة الاحتكار الأمريكية غير مقيدة بالقانون والواقع. فقد أظهرت دراسة شاملة أنجزها جون كووكا، الخبير الاقتصادي والمستشار السابق للجنة التجارة الفيدرالية، أن أكثر من 80 في المائة من عمليات الدمج الكبيرة التي سمح بها المنظمون الأمريكيون أدت إلى زيادات في الأسعار. ولكن هذه الزيادة ليست النتيجة الوحيدة، بل مكن التوحيد الشركات من خفض الأجور عن طريق الحد من المنافسة على العمالة، ما يكلف العامل الأمريكي المتوسط ما يقدر بنحو عشرة آلاف دولار من الدخل المفقود سنويا. وأصبحت بعض الصناعات مركزة لدرجة أن قدرة أمريكا على إنتاج السلع والخدمات الأساسية قد تعرضت لخطر شديد.
لقد انحرفت مراجعات الدمج عن الفطرة السليمة. وإلا كيف يمكن للمرء أن يفسر عديدا من عمليات الدمج التي حصلت على الموافقة خلال العقد الماضي؟ وبموجب الإرشادات الحالية، وافق المنظمون على الدمج الكارثي لـ2010 بين Live Nation، "لايف نيشن" أكبر مروج للحفلات الموسيقية وأكبر إدارة للفنانين في البلاد، وشركة Ticketmaster تيكيت ماستر التي تحتكر التذاكر. وسمح لشركة فيسبوك بالاستحواذ على "إنستجرام"، "واتساب" وهما منافسان محتملان نشيطان لهيمنتها على الشبكات الاجتماعية. والقائمة طويلة.
وتسعى إرشادات خان وكانتر الجديدة إلى إصلاح هذا النظام المعطل، وتوجيه الوكالات بشأن تقييم عمليات الدمج بناء على هيكل السوق. فهل سيؤدي الدمج إلى عدم كفاية عدد المنافسين؟ هل سيعزز هيمنة شركة مهيمنة بالفعل؟ وهل ستقضي على منافس مغرور؟ إذا كانت الإجابة عن أي من هذه الأسئلة "وغيرها" بنعم، فيجب حظر عمليات الدمج.
إن الإرشادات الجديدة تصحح زلات السياسة الأخرى. فعلى مدى عقود من الزمان، أغفلت مراجعات الدمج إلى حد بعيد قوة الشركات الكبرى كمشتر للسلع والعمالة. ويقدم مشروع الاقتراح إلى وكالات مكافحة الاحتكار والمحاكم إرشادات بشأن التدقيق في عمليات الدمج التي من شأنها زيادة التركيز في أسواق العمل أو منح شركة معينة ما يكفيها من النفوذ على الموردين لحرمان الشركات الصغرى من فرص المنافسة العادلة. وتتناول الإرشادات أيضا قضايا المنافسة المتميزة التي أوجدتها المنصات عبر الإنترنت.
وإذا نجحت إرشادات الدمج الجديدة في تنشيط إنفاذ قوانين مكافحة الاحتكار في الولايات المتحدة، فإنها ستوجد مجالا أكثر تكافؤا للشركات الصغرى والمزارعين والعمال.
وقد تتجاوز آثار تحول كهذا المجال الاقتصادي. فخلال عامين من النقاش الذي سبق إقرار قانون مكافحة الدمج لعام 1950، شدد المشرعون مرارا وتكرارا على فكرة أن الديمقراطيات تزدهر فقط عندما تتشتت السلطة على نطاق واسع. ولاحظ السناتور إستس كيفوفر، الراعي المشارك لمشروع القانون، أن التركيز يسمح لعدد قليل من المديرين التنفيذيين "بتقرير سياسات المجتمعات النائية وما يجعل "الملايين من الناس يعتمدون على أحكامهم من قلة حيلتهم" وبالتخفيف من هذا العجز، يمكن أن تساعد الإرشادات الجديدة في الحفاظ على الأسس الاجتماعية للديمقراطية الأمريكية.
خاص بـ«الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2023.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي