أفسدها التفاني .. خدمات اليابان لا ترقى إلى التوقعات

أفسدها التفاني .. خدمات اليابان لا ترقى إلى التوقعات

صباح الأحد، في مطعم كبير في الضواحي، كانت حركة الوجبات البطيئة تضفي بسحرها الخامل على حشد ينتظر الإفطار المحلي. خدمة طاولة بطيئة. انتظار فطائر البانكيك لمدة 22 دقيقة. مشاعر مفاجئة من التقدير عندما وصلت.
مبهج إذا كان هذا المشهد في جنوة أو سانتوريني، لكنه غير متوقع في مطعم ماكدونالدز الصاخب خارج يوكوهاما.
كان البطء غير مقصود وقدموا اعتذارا، والنقطة هنا ليست الشكوى، بل التناقض. كان المطعم واقعيا مشغولا بالعملاء، لكنه فارغ على نحو غير واقعي من جهة الموظفين. يمكنك معرفة مدى قلتهم ليس فقط من الانتظار الطويل غير المعهود تحت الأقواس الذهبية، بل من اللافتة البارزة عند المحاسب التي تعلن عن نقص القوى العاملة لكل دورية وترجو أن يملأ الفجوات موظفون جدد.
المشكلة، بما أن اليابان لا تستطيع حتى الآن الاعتراف بها تماما بنفسها، هي أن الموظفين اللازمين ربما لن يأتوا وأن الحل المؤقت - أسلوب ربما من الأفضل القول عنه "انكماش الخدمة التضخمي" - لا يمكن أن يخدع العملاء إلى الأبد.
كانت القوة العظمى ونقطة الضعف ذاتها في اليابان، لأعوام عديدة، هي جودة الخدمة، ولا سيما في مجال الأغذية وتجارة التجزئة. بمرور الوقت ومن خلال احتدام المنافسة، رفع المعيار فيها توقعات العملاء من النظافة والالتزام بالمواعيد والكفاءة والمعرفة والاهتمام بالتفاصيل ارتفاعا خياليا يفوق العالم. لكنه جعل غياب هذه المعايير فشلا ملحوظا فيها أكثر من أي مكان آخر.
حتى العلامات التجارية العالمية مثل ماكدونالدز التي تسعى إلى تكرار تجربة تقديم طعام معينة في جميع أنحاء العالم تعرف أنه يتعين عليها رفع مستوى لعبتها في اليابان، وقد فعلت على مدى التاريخ.
المتغير هذه الأيام هو النقص المتواصل في العمالة في اليابان - أزمة بطيئة الاحتراق في التركيبة السكانية والتردد بشأن الهجرة التي، كما تبرز أمثلة كل يوم تقريبا، تترك بصماتها في جميع أنحاء الاقتصاد. في الأسبوع الماضي، في استطلاع أجرته وكالة كيودو شمل 114 من أكبر الشركات في اليابان، قال 49 في المائة منها إنها تعاني نقصا في الموظفين. من ناحية أخرى، ذكرت طوكيو شوكو للأبحاث أنه في الأشهر الستة الأولى من هذا العام، كانت وقائع الإفلاس الناجمة مباشرة عن نقص الموظفين أعلى مرتين ونصف من الفترة نفسها من 2022.
نسخ من الأزمة موجودة في كل مكان، بعضها مقلق. في دولة حيث معظم كتلة اليابسة عبارة عن تلال ووديان، ينتاب أعضاء الجمعية اليابانية للمهندسين المدنيين القلق إزاء النقص الوطني الهائل في الخبرة في الجسور والإنفاق.
لكن في الوقت الحالي على الأقل، تدخل أجزاء كبيرة من اليابان التي تواجه المستهلك في تمثيلية معقدة يبدو أنها تستمد الإلهام من جزء آخر من ألعاب الشركات. بعد أعوام عديدة من الانكماش وفقدان قوة التسعير، أصبحت شركات الأغذية اليابانية سادة مستبدة في الفنون المظلمة لـ"الانكماش التضخمي" - تقليل كمية المنتج مع الحفاظ على أحجام مألوفة من التعبئة والتغليف. لم تكن اليابان وحدها في هذه الممارسة، لكن تأثرها الحساس حول رفع الأسعار تعني أنها أصبحت عادة مترسخة فيها أكثر من أي مكان آخر.
مواقع الويب اليابانية الغاضبة تتعقب بتفصيل كبير الطرائق والمقاييس والإطار الزمني الذي أدى فيه الانكماش التضخمي إلى تقليل طول المثلجات المحبوبة، أو عدد شرائح الجبن المطبوخ في العبوة، أو عدد شوكولاتة ميلتي كيس في الكيس. تدور النكتة المفضلة حول بسكويت كونتري مام برقائق الشوكولاتة الشهير في متاجر فوجيا والتوقعات بأنه في ظل معدلات الانكماش التضخمي الحالية، ستكون كل قطعة أصغر من عملة الين المعدنية بحلول 2040.
يستخدم خداع الانكماش التضخمي التناسق المرئي في العبوة لترسيخ توقعات مع تقديم كمية أقل. كما أنه يؤجل لأطول فترة ممكنة تغييرا جوهريا في العلاقة مع العملاء.
قطاع الخدمات في اليابان - المتاجر والمطاعم الرائعة التي تعمل على مدار 24 ساعة، والمتاجر التي يعمل فيها ذوو خبرة، وآلات البيع في كل مكان، والقطارات المنتظمة للغاية وما إلى ذلك - يبدو كما لو أنه سيتعين عليه لعب جزأي لعبة الانكماش التضخمي هذه. فيما قد لا تكترث الشركات في دول أخرى وتقدم خدمة أسوأ حسب ما تمليه الظروف، فإن الشركات اليابانية هي سجينة رفضها التاريخي لفعل ذلك.
بقدر الإمكان، سيبقى تغليف العبوة كما هو، لكن التجربة المقدمة التي أمضت اليابان وقتا طويلا في إتقانها وتقديم وعود لها ستضعف شيئا فشيئا - ساعات عمل أقصر، وطوابير أطول، ووجبات سريعة أبطأ، وعدد أقل من القطارات، ومزيد من عمليات الدفع ذاتية الخدمة. في النهاية، ستبلغ نقطة لا يمكن بعدها أن تبقى متخفية.
حين لا تسع تمثيلية انكماش المنتج خداع العملاء، تضرب شركات الأغذية العملاء بأسعار أعلى. حين لا يعود انكماش الخدمات التضخمي نافعا في اليابان، يجب إعادة ضبط مجموعة أوسع بكثير من التوقعات في مجتمع أفسده التميز.

الأكثر قراءة