بعد الهزة العقارية بكين تضغط على المليارديرات: أسهموا بحصتكم العادلة
في 2021، على خلفية الطفرة العقارية في الصين، كانت يانغ هويان أغنى امرأة في آسيا. وبوصفها المساهم الأكبر في أكبر شركة تطوير عقاري في البلد، كونتري جاردن، فقد بلغت ثروتها 30 مليار دولار.
بعد ذلك بعامين، تبخرت الأغلبية العظمى من هذه الثروة. حيث تهدد أزمة السيولة العقارية التي أسقطت بالفعل بالعشرات من أقران شركة كونتري جاردن الشركة التي أسسها والدها قبل ثلاثة عقود.
لقد فقدت أسهم الشركة نصف قيمتها في الشهر الماضي وحده. وألغت شركة التطوير العقاري طرحا خاصا للأسهم في اللحظة الأخيرة في أواخر يوليو وفشلت في سداد ديونها الدولية في أوائل أغسطس. وفي الإثنين، علقت التداول في عدد من سنداتها في البر الرئيسي الخاصة بها، ما جدد المخاوف العالمية بشأن قطاع العقارات في الصين واقتصادها المتعثر.
ستكون الأسابيع المقبلة اختبارا حاسما ليس للشركة فحسب، التي لديها مطلوبات تقارب 200 مليار دولار، بل بالنسبة إلى يانغ وعائلتها. ففي شركات التطوير العقاري الكبرى الأخرى المنهارة، خضعت أصول المؤسسين للتدقيق من قبل المستثمرين خلال مفاوضات إعادة الهيكلة المطولة.
ستلعب الحكومة الصينية، التي سعت في الأعوام الأخيرة إلى الحد من عدم المساواة عبر حملة "الرخاء المشترك" إضافة إلى كبح جماح صناعة التطوير العقاري، دورا حاسما في تحديد مصير شركة كونتري جاردن. وبالنسبة إلى العائلة التي تقف وراءها، فقد أصبح المناخ السياسي الآن مختلفا بشكل ملحوظ عن حقبة سابقة من التحضر السريع الذي أوجد ثروة هائلة.
قال فريزر هوي، خبير مستقل في الشؤون المالية الصينية: "لقد اختفى القطاع الخاص وهؤلاء الأفراد إلى حد كبير عن الأنظار من نواح كثيرة. وقد كبحت "الحكومة" بعض التجاوزات. لكن العلامات على حدوث شيء سيئ كان واضحا لفترة طويلة".
ولدت يانغ في 1981، قبل عقد من تأسيس والدها، يانغ غوكيانغ، شركة كونتري جاردن في مقاطعة غوانغدونغ الجنوبية. عندما كانت مراهقة، كانت تحضر اجتماعات الشركة بشكل متكرر، وفق تقارير وسائل الإعلام المحلية، وذهبت إلى الدراسة في جامعة ولاية أوهايو.
عندما تم إدراج شركة كونتري جاردن في هونج كونج 2007، نقل والدها معظم أسهمه إليها، ما جعلها أغنى امرأة في البلد. نجحت الشركة حتى أصبحت أكبر مطور عقاري في الصين، لديها آلاف المشاريع حول البلد وموظفون يرتدون ملابس أنيقة يبيعون العقارات بتقنيات بيع متقنة.
أصبحت يانغ، التي تتجنب التحدث علنا، رئيسة الشركة في مارس من هذا العام، في وقت كانت أزمة العقارات في الصين مستعرة منذ 18 شهرا بعد التخلف عن السداد في 2021 من قبل إيفرجراند، شركة التطوير العقاري الأكثر مديونية في العالم.
وفقا لتقارير وسائل الإعلام المحلية عن اجتماع للشركة في مارس، سعت يانغ إلى تبديد التصورات عن شركة كونتري جاردن كشركة عائلية، وروت مناقشة أجرتها مع والدها بعد عودتها من الولايات المتحدة حول كيفية اعتماد الشركة على مواهب أوسع من المجتمع.
في مقرها الرئيس في فوشان، وهي مدينة في مقاطعة غوانغدونغ، في الأغلب ما كان يتم اصطحاب كل من رئيس مجلس الإدارة السابق وابنته حول المدينة في سيارتين من طراز مايباخ كانتا مركونتين خارج المبنى، وفقا لما ذكره أحد الموظفين السابقين وموظف حالي.
قال الموظف السابق: "لا أعرف ما إذا كان ذلك مخيفا أم ملهما". وأضاف الشخص أنه كان يتم تشجيع الموظفين في الشركة على "الاعتقاد بأن الانضمام إلى هذه الشركة سيجعلني ثريا في غضون خمسة إلى عشرة أعوام طالما يمكنني بدء مشروع".
حتى وقت قريب، كانت يانغ أيضا أكبر مساهمة في كونتري جاردن سيرفيسيز، وهي شركة منفصلة تولد دخلا من إدارة المباني السكنية.
في أواخر يوليو، اليوم نفسه الذي أصدرت فيه شركة كونتري جاردن تحذيرا بشأن الأرباح، تبرعت يانغ بنحو 20 في المائة من شركة الخدمات، التي تبلغ قيمتها مليار دولار، إلى مؤسسة مسجلة في هونج كونج تم إنشاؤها كمؤسسة خيرية قبل أسابيع فقط من قبل يانغ جيينغ، أختها الصغرى.
ووفقا لإيداع إحدى الشركات، تم التبرع لأغراض خيرية، بما في ذلك مساعدة المجموعات الضعيفة، وتمويل الإغاثة في حالات الكوارث وتعزيز إحياء الريف في الصين القارية.
فسر بعض المحللين والمستثمرين توقيت التبرع، الذي جاء قبل أسبوع من عدم إجراء مدفوعات السندات، على أنه محاولة محتملة لحماية الأسهم. لقد لعبت أذرع خدمات شركات التطوير الأخرى أدوارا مهمة في إعادة هيكلة الديون، مثل شركة إيفرجراند، التي تقدمت هذا الأسبوع بطلب لإعلان إفلاسها في نيويورك.
أشارت سيندي لي، المحللة في بنك سيتي، إلى أن الدافع وراء هذه الخطوة "الأغراض الخيرية، وإعادة تخصيص الأصول العائلية، والميراث، وأغراض الفصل بين المخاطر"، وأشارت إلى أن التبرعات الخيرية تشجعها سياسة الازدهار المشترك للحكومة الصينية.
أخبر الموظف الحالي في شركة كونتري جاردن صحيفة فاينانشال تايمز أنه عندما يزور ممثلو الحكومة أو رجال الأعمال مقر الشركة، يتم اصطحابهم أولا إلى مدرسة مقابل المبنى تم تمويلها من قبل يانغ ووالدها للتأكيد على نهجهم الخيري.
في الصين، تلعب شركات التطوير العقاري دورا مهما في تمويل الحكومات المحلية عن طريق شراء الأراضي. قال الموظف السابق في شركة كونتري جاردن، إن كبار المسؤولين في الشركة "أكدوا دائما مدى أهمية فهم السياسة الصينية".
قال فيكتور شيه، أستاذ الاقتصاد السياسي الصيني في جامعة كاليفورنيا، سان دييغو، إن شركات التطوير العقاري الكبرى الصينية "لديها قدر كبير من رأس المال السياسي في الحزب". وقال شيه إنها "كانت عناصر أساسية لمستقبل المسؤولين المحليين المهني بالنظر إلى دورها في دفع عجلة النمو المحلي".
وأضاف، أما الآن، فإن المسؤولين المحليين "يركزون على استرضاء المركز بدلا من الاهتمام باحتياجات المصالح الاقتصادية المحلية، بما في ذلك شركات التطوير العقاري". لقد توقفت بكين، التي تتمتع بسلطة مركزية على مدى الأعوام الأخيرة، عن أي عمليات إنقاذ عقارية، وبدلا من ذلك شجعت على استكمال المشاريع غير المكتملة.
رفضت شركة كونتري جاردن ويانغ هويان التعليق.
اشترت يانغ هويان وشقيقتها في السابق عقارات في هونج كونج. شهد هوي كا يان، مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة إيفرجراند، الذي كان سابقا أغنى رجل في الصين، ثروته الشخصية تخضع لتدقيق شديد من قبل المستثمرين وسط إعادة الهيكلة المستمرة لشركة التطوير العقاري.
يتوقع هاوي أن يتعرض المليارديرات الصينيون مثل يانغ لضغوط من بكين للمساعدة على دعم النمو الاقتصادي - وهو طلب يزداد صعوبة.
وقال: "من الواضح أن الحزب الشيوعي الآن يتطلع إلى القطاع الخاص، سواء أكان ذلك في مجال التكنولوجيا، أو العقار، ويقول إن "عليك" المساهمة بحصتك العادلة".