الهدية الأخيرة .. عودة اليابان بقيادة توشيبا
في وقت ما خلال الأسابيع القليلة المقبلة، سيتحسر شخص ما على حقيقة أن شراء المستثمرين الأجانب الأسهم اليابانية ليس قويا كما كان في وقت سابق من العام. قد يزعم بعض أن الأموال السهلة قد تم جنيها بالفعل. حتى إن بعضا آخر قد يعلن انتهاء احتفالات "عودة اليابان".
لكن شركة توشيبا، التي تستعد لأكبر عملية شراء في اليابان على الإطلاق وشطب تاريخي من البورصة بعد ثمانية أعوام من التسبب في الضرر لصورة طوكيو بوصفها سوقا مالية أكبر من نفعها لها، قد تقدم هدية أخيرة مضحية بنفسها.
هدأت الإثارة حول السوق اليابانية بالفعل بعد بضعة أشهر محمومة، ولكن ليس بشكل كارثي. منذ أواخر مارس، مفتونين باحتمالية التغيير المتسارع للشركات والين الرخيص على الدوام والدورة الاستثمارية الواسعة بعيدا عن الصين، أصبح مديرو الصناديق الذين تركوا اليابان خفيفة في محافظهم لأعوام، مهتمين بها فجأة مرة أخرى.
منذ أواخر مارس الماضي، اشترى المستثمرون الأجانب، تراكميا، ما قيمته الصافية 77 مليار دولار من الأسهم اليابانية وساعدوا على تعزيز ارتفاع يبلغ 20.6 في المائة في مؤشر توبيكس القياسي هذا العام. إنهم لم يشتروا بهذه الوتيرة، أو بهذا المستوى المستمر من اليقين، منذ الأشهر الوفيرة الأولى لعصر "أبينوميكس" (مجموعة سياسات اقتصادية تبناها رئيس الوزراء السابق شينزو آبي) قبل عقد. وفي استطلاع أجراه بنك أوف أمريكا الأسبوع ما قبل الماضي لمديري الصناديق العالمية، قال المشاركون إن ما خصصوه لليابان في محافظهم كان الأعلى منذ ما يقارب عامين.
لكن وتيرة الشراء الأجنبي قد تباطأت - كما هو الحال دائما - خلال الصيف، ولأسباب فنية، من المؤكد تقريبا أن تنعكس على مرحلة البيع الصافي الحاد في سبتمبر حيث يقوم مديرو صناديق التحوط بعملية تصفية سنوية ذات ضرائب أقل للاستثمارات قبل فترة توزيع الأرباح المرحلية.
ودائما ما يعود الشراء مرة أخرى بالحدة نفسها بعد فترة وجيزة، حيث تعيد الصناديق شراء الأسهم من الوكلاء الذين يحتفظون بها، ولكن هناك فترة فتور سنوية حيث تتحول سردية السوق إلى الوضع الكئيب والتحدي الذي يواجه الوسطاء دائما هو إعادة إحياء الاستثمارات التي فقدت زخمها من ذلك الوضع.
هذا العام، بالنظر إلى مدى جودة أداء السوق اليابانية حتى الآن، ستكون المخاطر في هذا الجهد مرتفعة. يشعر الوسطاء بالقلق بالفعل من أنه للحفاظ على استمرارية الزخم بعد سبتمبر، سيحتاجون إلى الإشارة لبعض المحفزات المقنعة التي ستبقي إعادة تقييم السوق في المسار الصحيح. إن المشكلات الاقتصادية التي تواجهها الصين، ومشكلات الصادرات اليابانية، وعوامل أخرى، تعني أن هناك عددا أقل من المحفزات الواضحة القريبة.
تدخل، بشكل غير متوقع إلى حد ما، توشيبا: التكتل الصناعي المضطرب الذي انحدر بؤسها كمشهد ماطر منذ 2015، متضمنا فضيحة محاسبية، وتأرجح على حافة الإفلاس، وأشد معركة مع المساهمين في تاريخ اليابان. وصف رئيس الشركة أخيرا هذه المحنة بأنها "نفق امتد لثمانية أعوام"، لكن المخرج على الأقل يلوح في الأفق. قدم تحالف بقيادة صندوق جابان إندستريال بارتنرز وبدعم من أكبر البنوك اليابانية، عرضا لشراء الشركة تمت الموافقة عليه بقيمة تريليوني ين ياباني (14 مليار دولار)، ولا توجد عوامل تذكر في هذا المرحلة تشير إلى أن الصفقة لن تنجح.
وذلك لأن نسبة لا بأس بها من المساهمين يتوقون إلى البيع. كانت إحدى أكبر مشكلات توشيبا (إلى جانب إعادة هيكلة أعمالها) أنه في خضم أزمتها المالية في أواخر 2017، دفعت جولدمان ساكس إلى طرح 600 مليار ين ياباني من الأسهم الجديدة مع المستثمرين. كان التركيز على السرعة وكان حل جولدمان هو بيع الأسهم المعروضة لصناديق التحوط الأجنبية - وإحضار سلسلة من النشطاء المعروفين إلى سجل المساهمين في توشيبا الذي كان هادئا من قبل.
في الأعوام التالية، ضغطت هذه الصناديق، التي لا تزال تشمل" إفيسيمو" و"فارالون" و"3دي" و"إليوت"، على شركة توشيبا بقوة، ما أجبرها على التصرف لمصلحة المساهمين وقيادتها إلى إتمام عملية الشراء. استغرقت هذه العملية، ووصول عرض جابان إندستريال بارتنرز، وقتا أطول بكثير مما توقعه أي شخص، لكنها أصبحت المخرج الوحيد الممكن لكبار المساهمين، لذلك كان عليهم التحلي بالصبر. قيم الطرح الأصلي في 2017 الأسهم بـ2682 ين، أما عرض جابان إندستريال بارتنرز فيقيم الأسهم بمبلغ 4620 ين.
الآن، يقدم الوصول المفاجئ لـ14 مليار دولار في أيدي المستثمرين الذين يركزون على اليابان إمكانات مثيرة للسوق: يمكن أخيرا إعادة استخدام صناديق التحوط وأموال الناشطين التي تم احتجازها لمدة ستة أعوام في سوق طوكيو حيث يحقق الاستثمار النشيط عوائد أكثر اتساقا مما كان عليه الوضع في 2017.
يقدر الوسطاء أن أكبر خمسة ناشطين في سجل توشيبا يمتلكون نحو 25 في المائة من أسهم الشركة فيما بينهم، أو ما يقارب 3.5 مليار دولار. لن تتم إعادة استخدامها كلها تلقائيا في اليابان بالطبع، لكن نسبة كبيرة جدا قد تجد طريقها إلى سجل عشرات من الشركات اليابانية الأخرى حيث يمكن للنشطاء أن يروا سبيلا لتحقيق عوائد أسرع. كما خصص جميع النشطاء الكبار في توشيبا فرقا يابانية، وأوضحوا أنهم ما زالوا يرون أنها سوقا تقدم فرصا كثيرة.
ولكن حتى بعيدا عن النشطاء، فإن إطلاق العنان لمقدار كبير من الين من توشيبا إلى أيدي كثير من المستثمرين الحاليين يمكن أن يوفر حافزا قويا للشراء في الأشهر الأخيرة من العام. ربما تكون توشيبا متوقفة ولكن اليابان، على الأقل، قد تعود لفترة أطول قليلا.