رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


شح الطاقة وموضوعية الإعلام

في الوقت الذي يحتاج فيه العالم إلى رفع كفاءة واستهلاك جميع مصادر الطاقة، دون استثناء، من أجل استدامة الأمن الطاقي العالمي وسلامة الإمدادت حاضرا ومستقبلا، في هذا الوقت نجد -وبكل أسف- من يتحركون بمنهجية وباستغلال مواردهم الإعلامية والمالية لخدمة أجندات قاصرة مبنية على رؤية ضيقة لا تمت للواقع بأي صلة.
موجات إعلامية لا تهدأ، وأقلام مأجورة لا تكل ولا تمل، لقلب الحقائق وتضليل الرأي العام العالمي، وتوجيه آرائهم لتقبل ما يبثونه من معلومات مضللة أو غير دقيقة حول مصادر الطاقة من الوقود الأحفوري، وعلى رأسها النفط.
قبل الوقوف على بعض قليل من القضايا المتعلقة بالطاقة وإمداداتها التي تلوثت بكثير من التضليل الإعلامي الممنهج، قبل ذلك يجب أن نعي يقينا أن أمن الطاقة العالمي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتحقق بصورة مثالية دون تعاون جميع المنتجين والمستهلكين بلا استثناء، ولا يمكن تحميل دولة أو جهة هذا الحمل الثقيل الذي يهم العالم بأسره ويهم الأجيال المقبلة، بل يرتقي لأن يكون قضية وجودية لا تحتمل قرارات استراتيجية غير مسؤولة اليوم سيعاني العالم تبعاتها وآثارها العنيفة في المستقبل القريب والمتوسط.
الوقفة الأولى التي أود أن أسلط الضوء عليها في هذه السلسلة من المقالات على قضية الحرب الضروس التي تشن على الوقود الأحفوري، وعلى رأسه النفط، ومحاولة تقويض صناعة المنبع، وآثار ذلك في قطاع الطاقة وموثوقية إمداداتها.
جميع مصادر الطاقة ليست بمنأى عن الظروف الطبيعية والتقنية والأمنية والسياسية والجيوسياسية وغيرها، التي قد تتسبب في انقطاعها بنسب متفاوتة، وبأثر متباين، فالظروف الطبيعية والفنية التي تؤثر في إمدادات الوقود الأحفوري، تنسحب أيضا على طاقة الرياح والطاقة الشمسية والنووية وغيرها. مزيج الطاقة ورفع كفاءة استخراجها واستهلاكها هو الخيار الأنسب -في اعتقادي- وهذا نهج المملكة التي قدمت نموذجا مميزا وفاعلا في ذلك دون تهديد مستقبل الأمن الطاقي، ودون إغفال الجوانب البيئية.
هذا يقودنا إلى حقيقة لا يمكن تجاوزها -في رأيي- أن الطاقة المتجددة بأنواعها المختلفة، كالشمسية وطاقة الرياح، ليست طاقة بديلة كما يروج لها، بل هي طاقة مكملة لمصادر الطاقة الأخرى، ورافد من روافد الطاقة المهمة على المدى البعيد. محاولة تقويض صناعة المنبع، والتحرك في هذا الملف من بعض الدول والجهات، خطأ استراتيجي -في اعتقادي- حيث إن تأثر صناعة المنبع، وأعني هنا التنقيب والاستكشاف وتطوير الحقول، وتأثر الاستثمار في هذا القطاع المهم والصناعة الأهم سيصنع فجوة في المستقبل بين العرض والطلب على النفط.
هذه الفجوة يزيد اتساعها النمو السكاني والصناعي العالمي والتوجه نحو المدنية، ما يزيد الطلب على مصادر الطاقة، وعلى رأسها النفط، فالطلب سيزداد على النفط يقابله شح في العرض بسبب ضعف الاستثمارات في صناعة المنبع. لا يعتريني شك أبدا أن الطاقة المتجددة مطلب ضروري وخيار استراتيجي مهم كرافد من روافد الطاقة، لكن هذا لا يعني أبدا أنها منافسة للوقود الأحفوري ولن تكون كذلك، وتجب معرفة أن توسع هذا القطاع ونموه يتطلبان بنية تحتية مكلفة تحتاج إلى وقت ليس بالقصير، ووضحت سابقا أن العلاقة بين مصادر الطاقة علاقة تكاملية، وليست تفاضلية، ومن الضروري معرفة ذلك والعمل عليه، والسعودية خير مثال يحتذى به في هذا الصدد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي