كومة نقدية ضخمة .. هل الشركة محظوظة أم جيدة؟

كومة نقدية ضخمة .. هل الشركة محظوظة أم جيدة؟

أصدرت شركة بيركشير هاثاواي تقريرها للربع الثاني خلال عطلة نهاية الأسبوع، ولم يكن هناك كثير من الأخبار عنه، حيث استمرت الكومة النقدية في النمو واقتربت من أعلى مستوياتها على الإطلاق، عند 147 مليار دولار، ويبيع صندوق التكتل / الاستثمار لوارين بافيت من الأسهم أكثر مما يشتريه بكثير. لكن ما أذهلني هو هذا الرسم البياني في القصة على صحيفة فاينانشيال تايمز، الذي يظهر أن شركة بيركشير تضعف أداء مؤشر إس آند بي هذا العام.
وقد تردد صدى هذه الحقيقة مع تحيزي التأكيدي، لأن فرضيتي كانت منذ فترة طويلة تقول إن شركة بيركشير لا يمكن أن تتفوق على السوق الواسعة لأي فترة زمنية مهمة. فعند 768 مليار دولار من القيمة السوقية، ومع التعرض لمجموعة متنوعة من القطاعات الاقتصادية، فإنها هي السوق بالمعنى التقريبي. إن عبقرية وارين بافيت وتشارلي مونجر رائعة جدا ومثبتة في سجلهما التاريخي. لكنهما وصلا إلى مستوى أصبحا فيه ضد قانون الأعداد الكبيرة وأفضل ما يمكن أن يأملاه على المدى الطويل هو التعادل، لا ربح ولا خسارة.
ومع ذلك، في المرة الأخيرة التي قمت فيها بالتحري عن الشركة، منذ عام ونصف أو نحو ذلك، كانت بيركشير تتفوق على مؤشر إس آند بي بفارق كبير، بفضل ثقل وزنها في الطاقة. وقد جعلني ذلك أشعر بالقلق من أن فرضيتي قد تكون خاطئة. لذلك كان من الجيد بالنسبة لكبريائي أن أرى الأشياء تتأرجح في الاتجاه الآخر.
ليس بهذه السرعة. بالنظر إلى إطار زمني أطول، حافظت بيركشير على سلسلة الأداء المتفوق منذ بداية العام الماضي. ونتيجة لهذا الانفجار التصاعدي، تتصدر بيركشير الآن مؤشر إس آند بي على مدى عشرة أعوام، أيضا - 201 في المائة مقابل 200 في المائة، أو نحو 0.07 من نقطة مئوية من الأداء المتفوق سنويا، وهو فارق ضئيل للغاية، وفقا لشركة إس آند بي كابيتال أي كيو. لذلك يبدو أن فرضيتي ما زالت قائمة على المدى الطويل. لكن الأعوام العشرة الماضية كانت غريبة بما فيه الكفاية، وكان الأداء المتفوق الأخير لشركة بيركشير كبيرا بما فيه الكفاية، بحيث يجدر التساؤل عما إذا كانت بيركشير في العام ونصف العام الماضيين محظوظة أم جيدة.
أول شيء واضح يجب التفكير فيه هو شركة أبل. فوفقا لتقرير بيركشير للربع الثاني، أنه بدءا من 30 يونيو، بلغت قيمة حيازة الشركة من أسهم أبل 178 مليار دولار. وكان هذا يمثل نصف قيمة محفظة أسهم بيركشير بالكامل و17 في المائة من إجمالي أصولها. وقد انخفضت قيمة أسهم شركة أبل منذ ذلك الوقت، ولكن مع ذلك، فإن حصة بيركشير في شركة أبل تعادل نحو خمس قيمتها السوقية الحالية (على النقيض من ذلك فإن وزن شركة أبل في مؤشر إس آند بي هو 7 في المائة). وكيفما أقيسها، فهذا مركز في سهم واحد مثل أي شركة إدارة حصة كبيرة وضخمة سمعت عنها من قبل (باستثناء الأشخاص المجانين).
إذن، هل تعد أبل مسؤولة عن أداء بيركشير الرائع؟ إنها مسؤولة عن بعضه، ولكن ليس بكمية كبيرة. فبينما كان أداء شركة أبل رائعا في عام 2023، منذ بداية العام الماضي، عندما بدأت شركة بيركشير تتألق، عاد السهم بما يزيد قليلا فوق 3 في المائة، أي سبع نقاط أفضل من مؤشر إس آند بي. ومن المستحيل حساب مساهمة أبل في أداء بيركشير بدقة، بالطبع، لأن قيمة بيركشير لا تتوافق بشكل مباشر مع القيمة الصافية لأصولها؛ وتتضمن هذه القيمة علاوة الامتياز المتقلبة. لكن المساهمة المباشرة لشركة أبل في القيمة السوقية لشركة بيركشير منذ بداية عام 2021 كانت ببضعة مليارات من الدولارات. وكان الارتفاع الإجمالي في القيمة السوقية لشركة بيركشير في تلك الفترة يقترب من 100 مليار دولار.
والشركات الأخرى ذات الوزن الكبير في شركة بيركشير هي في الطاقة والمرافق والسكك الحديدية والتأمين. وبالنظر إلى أداء تلك الصناعات، يتضح أنه في حين أن الأداء الجيد لصناعة التأمين قد ساعد، تظل الطاقة هي القصة الرئيسة - حيث تمثل نحو 16 في المائة من أرباح بيركشير بعد الضرائب، عندما يتم استبعاد محفظة الأسهم. ولم يتم عكس الارتفاع الهائل في قيم شركات الطاقة في أوائل عام 2022.
لذلك، عند الحديث بشكل تقريبي، يمكن تلخيص الأداء القوي لشركة بيركشير على أنه قليل من المساعدة من أبل، وقليل من المساعدة من التأمين، وكثير من المساعدة من الطاقة. لا شك أن أداء شركات بيركشير منفردة لا يشبه أداء قطاعاتها تماما، وقد يكون أداؤها الفردي جزءا مما يتسبب في إحداث فرق مع مؤشر إس آند بي 500. لكن أداء القطاع في المجالات التي يعد وزن شركة بيركشير فيها ثقيلا يعطينا لمحة جيدة.
هناك عامل آخر ربما دعم سعر سهم بيركشير، وهو الاحتياطي الفيدرالي. فقد تحولت كومتها النقدية الضخمة من عائد يقترب من الصفر إلى عائد وصل إلى 4 أو 5 في المائة. بعبارة أخرى، انخفضت تكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ بكل تلك النقود، على أمل إجراء عملية استحواذ.
السؤال هو ما إذا كانت مراكز الثقل الزائد تلك في الصناعات المزدهرة (وشركة أبل التي تعد صناعة بحد ذاتها في هذه المرحلة) تمثل استراتيجية متفوقة لانتقاء الأصول التي ستؤتي ثمارها في النهاية، أم أنها مسألة الوجود في المكان المناسب في الوقت المناسب. هل ما نراه في بيركشير هو الأساس للأداء المتفوق على المدى الطويل مقابل مؤشر إس آند بي 500؟ إذا لم يكن الأمر كذلك، فمن شبه المؤكد أنه من الأفضل لمعظم المستثمرين فقط الاستثمار في مؤشر إس آند بي 500، لأن مؤشر إس آند بي 500 ليس لديه رئيس تنفيذي لامع يحظى باحترام كبير ويبلغ من العمر 92 عاما.
إحدى الطرق لإثبات حجة الأداء المتفوق على المدى الطويل هي أن بافيت ركز على شراء الأصول في الصناعات التي لديها حواجز عالية للدخول، والأرباح المركبة، ولكن ليس لها بريق على الإطلاق. بعد عقد أو عقدين كافأت فيهما السوق القطاعات الأكثر جاذبية مثل التكنولوجيا، من المتوقع أن تتفوق رهانات بافيت على الطاقة والسكك الحديدية والتأمين والمرافق وما شابه ذلك في الأداء في العقود المقبلة. هذه النظرية تروق لي لأنني شخص أهتم بالقيمة. لكن المركز الضخم للغاية في شركة أبل يضعف الجدل إلى حد كبير.
والسؤال الأصعب هو ما إذا كانت شركة تكتنز النقود مثل بيركشير أكثر قيمة بشكل دائم، مقارنة بالشركات غير المكتنزة، في بيئة ذات معدل فوائد أعلى. لست متأكدا من كيفية الإجابة على هذا السؤال. من الصعب بالنسبة لي أن أتخيل أن النقد الزائد، بأي عائد، لا يشكل عبئا على أداء الأسهم على المدى الطويل. ومن المفترض أن تكسب الشركة العامة هامشا أعلى من المعدل الخالي من المخاطر؛ حيث لا ينبغي أن يؤدي معدل الفائدة الأعلى الخالي من المخاطر في حد ذاته إلى جعل الشركة أكثر قيمة. ويبدو لي أن حجم شركة بيركشير قد أوصلها إلى نقطة لا يمكنها فيها استخدام تدفقها النقدي بكفاءة.
من ناحية أخرى، إذا أدت بيئة معدلات الفوائد الأعلى إلى تقلبات أعلى في أسعار الأصول وانخفاض تقييمات الأسهم، فقد يحصل بافيت على فرص أكثر جاذبية لاستخدام هذا النقد بسرعة لتحقيق عوائد عالية.
عموما، أعتقد أن فرضيتي بأن شركة بيركشير لا يمكن أن تتفوق بشكل مستدام مرة أخرى على الإطلاق، تقف في وجه الأدلة الجديدة. لكنني لست متأكدا، وسأكون حريصا على الاستماع لآراء القراء.

الأكثر قراءة