البنوك بالأرباح الوفيرة .. أهداف سهلة النهب

البنوك بالأرباح الوفيرة .. أهداف سهلة النهب

أصبحت إيطاليا أكبر سوق أوروبية تفرض ضريبة غير متوقعة على بنوكها هذا الأسبوع، لتنضم إلى موجة الحكومات في المنطقة التي تسعى إلى جمع السيولة عبر استهداف أرباح وعوائد جهات الإقراض المدعومة بأسعار الفائدة الآخذة بالارتفاع.
في الوقت الذي تواجه فيه الحكومات ضغوطا لدعم المواطنين الذين يعانون زيادة تكاليف الطاقة والإسكان، ينظر إلى البنوك المقرضة التي تتمتع بأرباح وفيرة على خلفية ارتفاع أسعار فائدة سياسة البنك المركزي كأهداف سهلة النهب.
قال جيلز إدواردز، محلل البنوك في شركة إس أند بي جلوبال ريتنجز: "لن تخسر كثيرا من الأصوات عند زيادتك الضرائب على البنوك".
يأتي إعلان إيطاليا عن الضريبة البالغة 40 في المائة على دخل الفوائد الصافي مساء الإثنين، في أعقاب قرارات مشابهة اتخذتها حكومات الاتحاد الأوروبي في إسبانيا، والمجر، والتشيك وليتوانيا خلال العام الماضي.
انخفضت أسهم البنوك الإيطالية بشكل حاد الثلاثاء بعد الإعلان المفاجئ عن الضريبة، ما دفع الحكومة إلى القول في المساء إنها ستضع سقفا لتأثير الضريبة في كل بنك. لكن وزارة المالية أشارت إلى أنها ستمضي قدما في تنفيذ الخطة.
منذ الأزمة المالية العالمية قبل عقد ونصف، تعرضت البنوك الأوروبية لوابل من الرسوم. وهدفت هذه في الغالب إلى استرداد تكاليف الإنقاذ، وبناء صناديق احتياطية للحماية من حالات الفشل المستقبلية، أو تشجيع البنوك المقرضة على التخلص من المديونية وإزالة المخاطر.
لكن الموجة الأخيرة من الضرائب موجهة أكثر نحو تعزيز خزائن الحكومة، خاصة في البلدان ذات أسعار الفائدة الأسرع ارتفاعا مثل المجر والتشيك، وكذلك في بعض دول منطقة اليورو.
تقول الحكومات: إنها تريد دفع بعض السيولة المكتسبة عبر أسعار الفائدة العالية نحو الأسر، حيث فشلت البنوك في القيام بذلك.
وفي حين أن معظم الضرائب الأخيرة مصممة لتكون مؤقتة، يحذر المستثمرون من أنها قد تكون لها عواقب طويلة الأمد.
قال فيليبو ألواتي، رئيس الشؤون المالية في شركة فيدريتد هيرميس لإدارة الصناديق: "رغم سهولة اتخاذ إجراءات مثل الضرائب غير المتوقعة، إلا أنه قد يكون من الصعب التراجع عنها لأسباب سياسية".
وأشار المحللون أيضا إلى أن الرسوم قد يكون لها تأثيرات غير مقصودة.
حيث سعت الضريبة الجديدة في إيطاليا إلى جمع نحو 4.5 مليار يورو – رقم تم تخفيضه لاحقا إلى أقل من ملياري يورو عبر الحد الأقصى المضاف على عجل – لكن الإعلان الأولي عنها من قبل نائب رئيس الوزراء ماتيو سالفيني أدى إلى محو أكثر من عشرة مليارات يورو من أسهم البنوك الثلاثاء، كما أشار دان نيدل، مؤسس شركة تاكس بولسي أسوشيتس.
وقال: "هذا ما يحدث عندما يكون لديك ضريبة سيئة التصميم – ضريبة قادرة على تدمير قيمة تفوق ما يفترض تحصيله".
عندما أعلنت الحكومة الإسبانية التي يقودها الاشتراكيون عن ضرائبها المفاجئة على أرباح البنوك الصيف الماضي، انخفضت الأسهم في بعض أكبر البنوك المقرضة بنسبة تصل إلى 10 في المائة.
تهدف الضريبة الإسبانية، التي تم فرضها في بداية هذا العام، إلى جمع ثلاثة مليارات يورو لحماية الناس من أسعار الطاقة المرتفعة عن طريق فرض ضريبة بنسبة 4.8 في المائة على دخل البنوك من الفوائد والعمولات لمدة عامين.
تأثرت البنوك بالقسط الأول من الضريبة في فبراير، الذي أكل جزءا كبيرا من أرباحها في الربع الأول، خاصة بالنسبة للبنوك المقرضة التي تركز على السوق المحلية.
وقال بنك كايكسا، أكبر بنك في إسبانيا من حيث الودائع، إن ضريبة الأرباح المفاجئة كلفته 373 مليون يورو، أي ما يعادل 44 في المائة من صافي ربح قدره 855 مليون يورو أعلن عنه في الربع الأول.
كانت النسبة أعلى بكثير في بنك ساباديل، الذي يمتلك بنك تي إس بي البريطاني لكن معظم أعماله قائمة في إسبانيا. حيث بلغت فاتورة ضرائبه المفاجئة لعام 2023 157 مليون يورو، أو 77 في المائة من أرباح الربع الأول.
وكان أكبر بنكين في إسبانيا من حيث القيمة السوقية، وهما سانتاندر وبي بي في أيه، اللذان لديهما عمليات دولية أكبر بكثير، أقل تضررا.
انتقد رؤساء البنوك في إسبانيا الضريبة، مدعين أنهم بدأوا للتو في العودة إلى مستويات ربحية أكثر طبيعية بعد أعوام من أسعار الفائدة المنخفضة بشكل قياسي. ويجادلون بأن البلد بحاجة إلى قطاع مصرفي قوي وقد بدأوا في الطعن بالضريبة في المحاكم. كما أثار البنك المركزي الأوروبي المخاوف.
فقد أخبر ألبرتو نونيز فيجو، زعيم حزب الشعب الإسباني – الذي فاز بأكبر عدد من المقاعد البرلمانية لكنه فشل في تحقيق الأغلبية في الانتخابات العامة الأخيرة في البلد – صحيفة فاينانشال تايمز الشهر الماضي أنه في حالة فوز حزبه، فسوف يقوم بإصلاح الضرائب ويجعلها محكمة قانونيا.
لم تفعل الضريبة شيئا يذكر لتشجيع البنوك المقرضة الإسبانية على نقل مزيد من الفوائد التي تحصل عليها من معدلات الفائدة الآخذة في الارتفاع إلى العملاء، ومع ذلك: تمتلك إسبانيا واحدة من أدنى معدلات التمرير في أوروبا.
أدخلت البلدان الأخرى التي كانت البنوك فيها بطيئة في تمرير زيادات أسعار الفائدة، الضرائب. ومع ذلك، فهناك جدل حول ما إذا كانت مثل هذه القرارات مصممة لتغيير سلوك البنوك المقرضة - أم أنها مجرد وسيلة لجمع إيرادات سريعة بطريقة سلسة سياسيا.
ففي العام الماضي، فرضت المجر ضريبة لمدة عامين تهدف إلى جمع نحو 1.8 تريليون فورنت مجري (4.6 مليار يورو) عبر مختلف القطاعات، يأتي ما يزيد قليلا عن ربع هذا المبلغ من البنوك. وتستهدف الضريبة الإيرادات الإيرادات الأساسية وليس الأرباح، مع فرض رسوم بنسبة 10 في المائة على صافي الإيرادات الناشئة في المجر عام 2022 و8 في المائة عام 2023.
لطالما كانت البنوك هدفا لضرائب الاستيلاء على الأراضي في المجر، حيث تخضع البنوك المقرضة للضريبة على أساس قيمة أصولها منذ عام 2010. كما واجهت رسوما لمرة واحدة عام 2020 للتخفيف من تكاليف كوفيد - 19.
وقد استهدفت التشيك وليتوانيا أيضا البنوك بضرائب، رغم أنها مصممة – مثل النموذج الإيطالي – لالتهام الأرباح الزائدة. ستتعرض البنوك التشيكية لضريبة تبلغ 60 في المائة على الأرباح خلال العامين المقبلين التي تتجاوز 120 في المائة من متوسط العائد السنوي بين عامي 2018 و2021، علاوة على معدل الفائدة المفروض على الشركات بنسبة 19 في المائة في البلد.
إضافة لضريبة مشابهة على شركات الطاقة، تأمل الحكومة التشيكية في جمع 85 مليار كرونة تشيكية (3.5 مليار يورو) سنويا، أي ما يعادل ما يزيد قليلا على 1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
وفي ليتوانيا، تهدف الضريبة التي توقع على الدخل الصافي من الفوائد وأصبحت قانونا في مايو، تهدف إلى جمع أكثر من 400 مليون يورو للإنفاق على الدفاع، والجيش والنقل.
تجنبت المملكة المتحدة حتى الآن مداهمة البنوك، رغم أن المستشار جيريمي هانت قد فكر في مثل هذه الخطوة قبل ميزانيته العام الماضي في محاولة لسد فجوة مالية قدرها 40 مليار جنيه استرليني. كما تعرضت البنوك لضغوط في ألمانيا بسبب فشلها في رفع نسبة الفائدة على المدخرات بما يتماشى مع الارتفاع الحاد في أسعار الفائدة الرسمية.
وفي المملكة المتحدة، خفض هانت في النهاية الرسوم الإضافية البالغة 8 في المائة في المملكة المتحدة على أرباح البنوك إلى 3 في المائة مع زيادة ضريبة الشركات بمقدار ست نقاط مئوية، ما أدى إلى زيادة عامة في الضرائب المصرفية من 27 في المائة إلى 28 في المائة.
منذ ذلك الحين، أظهر السياسيون في المملكة المتحدة أنهم يميلون إلى استخدام الإجراءات التنظيمية، بدلا من الرسوم، للضغط على البنوك لرفع أسعار الفائدة على منتجات الادخار.
إذ في الشهر الماضي، وضعت هيئة السلوك المالي خطة من 14 نقطة لمعالجة المشكلات في سوق الفائدة على المدخرات.
قال إدواردز من شركة إس أند بي: "تعتمد الجهة التنظيمية على البنوك لتوضيح ما إذا كانت تحقق التوازن بشكل صحيح أو إذا كانت بحاجة إلى رفع أسعار الفائدة أكثر".
"أتصور أنها تريد السماح لهذه العملية بالنجاح بدلا من إضافة ضرائب بنكية إضافية بالضرورة، التي لا يبدو أنها تمثل الأولوية العاجلة".

الأكثر قراءة