الرهون العقارية تعود .. المصرفيون متحمسون

الرهون العقارية تعود .. المصرفيون متحمسون

عندما يصل شيء ما في سوق الرهون العقارية في الولايات المتحدة إلى مستويات لم نشهدها منذ الأزمة المالية لعام 2008، تبدأ نواقيس الخطر في القرع. لا يكون صوتها مدويا عادة إلا إذا كان الخطر يتعلق بالتوريق – الذي أدى استخدامه في الرهون العقارية الثانوية إلى الاضطرابات قبل 15 عاما.
لكن القروض بضمان ملكية المنزل بدأت في العودة تدريجيا، والمصرفيون متحمسون.
إنهم واثقون أيضا، من أن هذا، حتى الآن، ليس عودة للطفرة التي سبقت 2008.
تسمح هذه القروض لأصحاب المنازل باقتراض أموال برهن الحصة التي يملكونها من منازلهم كضمان. قبل الأزمة المالية، كانت تستخدم قروض الرهون العقارية فيما يسمى بقروض إسناد. عندما كان المقترضون عاجزين عن دفع دفعة أولى وكانوا حريصين على خفض تكلفة تأمين الرهن العقاري، أخذوا أحيانا، مثلا، رهنا عقاريا لـ90 في المائة من قيمة المنزل واقترضوا الباقي من قرض بضمان ملكية المنزل. ترك ذلك مالكي المنازل ومقرضيهم في نهاية المطاف متعرضين بشكل رهيب عندما انخفضت أسعار المساكن.
يرتفع الطلب الآن على هذه القروض مع تراجع نشاط سوق الإسكان في الولايات المتحدة خلال العام الماضي. ارتفعت أسعار الفائدة، لكن الأسعار ظلت مرتفعة لأن الطلب يفوق المعروض القليل من المنازل في السوق. يوجد عدد قليل جدا من المنازل المعروضة للبيع لأن الممارسة الأمريكية المتمثلة في الحصول على قروض عقارية بمعدل ثابت لمدة 30 عاما تعني أن ثلاثة أرباع جميع مالكي المنازل لديهم قروض عقارية تفرض فائدة 4 في المائة أو أقل، وفقا لأبحاث "جيه بي مورجان". ومع متوسط فوائد القروض الجديدة 6.93 في المائة الأسبوع الماضي، قلة من مالكي المنازل حريصون على دفع الفرق لتمويل هذه الخطوة.
نتيجة لذلك، فإنهم يتطلعون إلى طرائق أخرى للاستفادة من الحصة التي يملكونها من منازلهم.
يقول براتيك جوبتا، الخبير الاستراتيجي في بنك أوف أمريكا: "مع تثبيت معظم المقترضين لسعر الفائدة، إذا أرادوا استخراج مال، فلن يتمكنوا من فعل ذلك دون خط ائتمان الملكية العقارية، أو رهن عقار ثان"، ويعتقد أنه سيتم تقديم 60 مليار دولار من قروض الرهن الثانية هذا العام مع 50 مليار دولار أخرى في شكل خط ائتمان الملكية العقارية.
إن امتيازات القروض الثانية تقع في مرتبة أدنى من القرض الأول. حيث يعمل خط ائتمان الملكية العقارية كبطاقة ائتمانية، إذ يسمح للمقترضين بسحب الأموال عند الطلب، إلى حد معين.
ارتفعت الأرصدة في خط ائتمان الملكية العقارية ثلاثة مليارات دولار لتصل إلى 339 مليار دولار في الربع الأول من هذا العام، وفقا لبيانات من الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك. لقد كان هذا هو الربع الرابع من النمو، وكسر اتجاها هبوطيا استمر 13 عاما.
إن كلا الشكلين، قروض الرهن الثانية وخط ائتمان الملكية العقارية، يكلفان أكثر من الرهون العقارية الأولى العادية. لكن وفقا لحسابات بنك أوف أميركا، فإن معظم مالكي المنازل الذين يسعون للحصول على أموال سيظلون يتحملون فواتير شهرية أقل إذا حولوا بعض حصصهم بهذه الطريقة بدلا من إعادة تمويل رهنهم العقاري بالكامل بأسعار الفائدة الحالية.
ما أثار حماسة المصرفيين ليس فقط فرصة الإقراض، بل الحاجة إلى إيجاد طريقة لتمويل مزيد من نمو القروض. متطلبات رأس المال بعد 2008 المفروضة من الجهات التنظيمية تجعل القروض بضمان ملكية المنزل، خاصة تلك التي تصنف بأنها خط ائتمان، مكلفة على البنوك. سيكون التوريق - حيث يمكن تجميع القروض وبيعها – خطوة كبيرة إذا كان من الممكن إيجاد هيكل لسوق تمزج بين الرهون العقارية والإقراض الاستهلاكي.
قال جون سيم، وهو محلل للأوراق المالية المدعومة بالرهون العقارية في "جيه بي مورجان"، متحدثا عن اتجاهات السوق، وليس عن صفقة توريق أجراها البنك في الآونة الأخيرة: "لم يكن هناك حبكة ثابتة، لذا على المستثمرين التعلم مجددا مع كل صفقة توريق جديدة. وبدرجة عالية جدا، نقدر أن نحو 5.5 تريليون دولار من الحصص يمكن استخراجها من السوق الأمريكية. لنفترض أن الناس اقترضوا بفائدة 3 إلى 5 في المائة – هذا يمثل 200 مليار دولار فأكثر على شكل قروض".
كانت صفقات التوريق التي تمت - ثلاثة مليارات دولار تقريبا هذا العام - في الجانب المحافظ. في أواخر يونيو الماضي، جهز زملاء سيم 186 مليون دولار في سندات تم توريقها باستخدام خط ائتمان الملكية العقارية. تمتع المقترضون بتصنيفات جدارة ائتمانية عالية للغاية ووسعوا اقتراضهم الإجمالي، نسبة إلى قيمة عقاراتهم، إلى 73.4 في المائة فقط.
أثارت الصفقة اهتماما لأنها قدمت طريقة ممكنة للمضي قدما وذلك بدعم السندات من خلال استئمان رئيس – مجموعة قروض يحتفظ بها منشؤها أو مقدم الخدمة التي يمكن إضافة مزيد من القروض إليها مع سداد القروض – وليس رزم قروض مفرقة التي تدعم عادة الأوراق المالية المدعومة بالرهون العقارية في الولايات المتحدة.
تقول سوزان هوسترمان المحللة في "فيتش": إنها المرة الأولى التي ترى فيها الهيكل يستخدم لمنتج يشبه الرهون العقارية. كما أنها تتوقع انتعاشا في الإقراض.
وأضافت هوسترمان: "الناس الذين كانوا يتوقعون الركود، ربما أصبحوا يتوقعون حدوثه في 2024، يحاولون الحصول على أموال قبل أن تنخفض الأسعار".
أفاد المقياس الوطني الأكثر متابعة، وهو مؤشر ستاندرد آند بورز كيس-شيلر، أن الأسعار ارتفعت في مايو وعلى بعد نقطة مئوية من ذروتها الأعلى في يونيو 2022.
مع اقتراب أسعار المنازل في الولايات المتحدة من أعلى مستوياتها على الإطلاق، هناك إغراء كبير لاستخراج بعض النقود لأغراض من دفع ثمن مطبخ جديد إلى تقليص ديون بطاقات الائتمان. إذا ظلت معايير الإقراض متحفظة واستغلت الأموال في تخفيف مشكلات القدرة على تحمل التكاليف، فستكون عودة القروض بضمان ملكية المنازل مرحبة.

الأكثر قراءة