اندماجات سوق الاتصالات .. هل لان المزاج التنظيمي؟
كانت لشبكة فودافون مكانة في سوقها المحلية باعتبارها شركة انتشرت من نيوبوري إلى جميع أنحاء العالم. لكن خطة دمج أعمالها في المملكة المتحدة مع الشركة المنافسة الأصغر "ثري" هي آخر الخطوات لتنظيم شركتها مترامية الأطراف.
مرت "فودافون" و"ثري" التابعة لشركة سي كيه هاتشيسن بهذا من قبل. صممت الشركتان اندماجا بانقسام متساو في أستراليا عام 2009، الذي يعد تمهيدا لهذه الصفقة المقترحة.
لكن لم يسر ذلك بشكل جيد. دخل مصطلح "فودا فيل" (فشل فودا) إلى العامية الأسترالية حيث أسيء التعامل مع الاندماج وأثار انهيار في الشبكة غضب المحليين. خسرت الشركة المدمجة بشكل مذهل مليون عميل – أو 20 في المائة تقريبا من قاعدتها – حيث انحسر حلم صناعة لاعب قوي أمام حقيقة إدارة شركة احتلت المركز الثالث بفارق كبير في سوق من ثلاثة لاعبين.
أصبحت الصفقة الأسترالية مع ذلك نموذجا للأسواق بما فيها الولايات المتحدة وألمانيا وإيطاليا وأيرلندا، حيث تأثر المنظمون بحجج أن الاندماج في هيكل سوق اتصالات ثلاثي سينشئ شركات اتصالات قادرة على الاستثمار في شبكات 4G و5G الجديدة.
أشار اتجاه "أربعة إلى ثلاثة لاعبين" إلى بداية احتضار الطموحات العالمية لشركات الاتصالات التي قد غرست راية السيطرة قبل عقد.
إن تكلفة وبيروقراطية إدارة شبكة تمتد من سان فرانسيسكو حتى سويتو وسيدني وسا، كما فعلت "فودافون"، طغت على تلك هذه الطموحات. بات الاندماج داخل السوق هو النظام السائد.
كانت بريطانيا بطيئة في الانضمام إلى ذلك، في الأغلب بسبب توقف اتجاه "أربعة إلى ثلاثة" عندما توقف اندماج شركة أو2 و"ثري" في 2016 بسبب المنافسة. سيختبر مقترح "فودافون" و"ثري"، واندماج "أورانج" و"ماس موفيل" في إسبانيا، ما إذا كانت الحالة التنظيمية في أوروبا قد تغيرت.
تعلمت "فودافون" الدرس من مشكلاتها في أستراليا قبل أكثر من عقد. ستمتلك حصة قدرها 51 في المائة في الشركة المندمجة في المملكة المتحدة، ما يعني أنها ستحتفظ بالسيطرة على الشبكة في سوقها المحلية.
الوضع في أستراليا كان مختلفا، حيث قاد مسؤول تنفيذي سابق في "هاتشيسن" عصر "فودا فيل" الذي لم ينته حقا إلا عندما دمجت الشركة مع شركة النطاق العريض المحلية تي بي جي.
كما تقدم اختبارا حقيقيا حول تأثير الاندماج في المستهلكين. لم يثر اندماج "فودافون" و"ثري" و"تي بي جي" ارتفاعا حادا في تكلفة الاتصالات في السوق الأسترالية المكلفة بالفعل، وفقا لمحللين. كما يجادلون بأن الشركات لم يكن من المرجح أن تصمد كشركات منفصلة، لذا حافظ دمجها على المنافسة على الأقل.
يمكن القول إن أكبر فائز من تركز شركات الاتصالات كان شركة تيلسترا، التي نمت قيمتها السوقية حتى 49 مليار دولار أسترالي (25 مليار جنيه استرليني) مقارنة بـ20 مليار جنيه استرليني التي تملكها مجموعة فودافون الآن بأكملها و11 مليار جنيه استرليني قيمة نظيرتها البريطانية بي تي.
كان لـ"فودافون" و"ثري" حصة تبلغ 26 في المائة من سوق الأجهزة المحمولة الأسترالية عندما اندمجتا لكن ذلك انخفض حتى 18 في المائة، وفقا لشركة نيو ستريت ريسيرتش، حيث أثر فيها انهيار أعداد السياح والطلاب الدوليين خلال كوفيد - 19 أكثر من منافسيها.
في الوقت نفسه، بقيت "تيلسترا" قوة مهيمنة بحصة 50 في المائة من السوق بينما تملك "أوبتوس" التي تملكها شركة سينجتيل 32 في المائة.
الأمر المثير للقلق أكثر هو أن "تيلسترا" فقط تغطي تكلفة رأس المال و"أوبتوس" و"فودافون"/"تي بي جي" تحققان عوائد على رأس المال المستثمر بنسبة 1.2 في المائة، وفقا لـ"نيو ستريت". حتى في سوق من ثلاثة لاعبين، فإن الاستمرار صعب.
تأكدت هذه النقطة أكثر هذا الأسبوع عندما قالت "تي بي جي": إنها تخوض محادثات لبيع أصول الألياف لمنافستها التي تملكها مجموعة ماكواري مقابل ستة مليار دولار أسترالي لتقليل الدين. ستقوي عملية البيع ميزانيتها العمومية، لكن المحللين فكروا فيما ستمثله الشركة في المستقبل، نظرا لأنها ستفقد فوائد جمع شبكات الأجهزة المحمولة والخط الثابت تحت سقف واحد.
جادل بعض المسؤولين التنفيذيين في "فودافون" بخصوصية لأعوام بأن الأسواق مثل أستراليا يمكنها دعم لاعبين سليمين فقط بسبب حجم السوق والجغرافيا وقوة "تيلسترا". تتزايد المنافسة من شركات السحابة بما فيها أمازون ومايكروسوفت في سوق الاتصالات المؤسسية المربح سابقا. ويظهر تهديد وشيك من شركات الأقمار الاصطناعية التي تدور في المدار الأرضي المنخفض مثل ون ويب وشركة إيلون ماسك ستار لينك، التي تستهدف القطاع اللاسلكي. لذا قد يصبح الضغط على الشركات الخاصة بالأجهزة المحمولة فقط أكثر شدة مع الوقت. قد يتحول العبء إلى المنظمين قريبا ليقرروا ما إذا كان هناك مجال لثلاث شركات فضلا عن أربع.