هل تتراجع العولمة؟ .. نقاش ساخن «1 من 3»
نقاش ساخن: هل تتراجع العولمة أم لا؟ إذا كانت الإجابة بنعم، فإلى أي مدى، وما تبعات ذلك على الرخاء والحد من الفقر في العالم؟ ليس من السهل الإجابة عن مثل هذه الأسئلة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى وجود تعريفات مختلفة للعولمة، وبالتالي تختلف أساليب قياسها. وتشير بحوث حديثة أجراها البنك الدولي، استنادا إلى تعريف جديد، إلى أن العولمة لا تزال نشطة ونابضة بالحياة.
لكن، ذلك يعتمد في البداية على السياق المعني. فقد ظلت العولمة، على مدى أكثر من 50 عاما، عاملا محفزا للتنمية الاقتصادية، والتكامل التجاري، وبناء الرخاء. كما ساعدت على انتشال أكثر من مليار شخص من براثن الفقر. ومنذ تسعينيات القرن الماضي، أصبحت مسارا للشركات في الاقتصادات الصاعدة لدخول سلاسل القيمة العالمية ومضاعفة حصتها من الصادرات تقريبا. وأدى التقدم المذهل في مجالات الاتصالات والنقل وتكنولوجيا المعلومات، إلى تسهيل المعاملات والأنشطة التجارية بين الدول الواقعة على طرفي الكرة الأرضية وخفض تكاليفها، فضلا عن النفاذ إلى أسواق بعضها بعضا، وتبادل الموارد والمعرفة الفنية والتكنولوجيا. من ناحية أخرى، يلقي بعض المنتقدين في الاقتصادات المتقدمة باللوم على العولمة نظرا إلى فقدان الوظائف في قطاع الصناعات التحويلية، ويشير آخرون إلى العولمة بوصفها مصدرا لانبعاثات غازات الدفيئة.
وفي الآونة الأخيرة، دفعت جائحة كورونا، والحرب في أوكرانيا، والتوترات بين الصين والولايات المتحدة، الدول والشركات، إلى إعادة التفكير في الاستراتيجيات العالمية. لكن إلى أي مدى تتراجع العولمة فعليا؟ بعض الدراسات لا يجد سوى النزر القليل من الأدلة المنهجية على ذلك، وتخلص دراسات أخرى إلى أن "الانفتاح التجاري" قد تراجع أخيرا في بعض المناطق، تزامنا مع تباطؤ وتيرة الإصلاحات التجارية ووجود مخاطر تهدد عجلة النمو. وهذا ليس مجرد بحث أكاديمي، وقياس العولمة بدقة ضروري لفهم أثر التحديات الراهنة في الاقتصاد العالمي. ولا يمكن للسياسة الاقتصادية أن تبالغ في تقدير انحسار العولمة أو تحسب تكاليف هذا السيناريو بأقل من قيمتها، حيث إن ذلك يمثل مخاطر كبرى. ولهذا السبب، نحتاج إلى تعريف واضح مع تطبيقات تجريبية دقيقة لتوجيه السياسة الاقتصادية... يتبع.