أنت النهر .. لا تضع الرحلة وأنت تحلم بضفته
لم أطلب أن أصبح مرشدا شخصيا في الإنتاجية، ولكن بطريقة ما استمر زملائي في دفعي إلى التطوع لأداء هذا الدور – حدث ذلك أخيرا في بودكاست "وركينج إت" لزميلتي إيزابيل بيرويك، الذي احمررت خجلا في تسجيله وشعرت عموما بأنني محتال.
يرجع ذلك جزئيا إلى أن عملية إدارة وقتك بشكل جيد معقدة للغاية.
هناك أمور كثيرة يمكن للمرء فعلها في أي لحظة معينة، وهناك متغيرات كثيرة - كمكان وجودك، ومقدار طاقتك، وما إذا كانت تتم مقاطعتك - بحيث يمكن أن تبدو العملية بأكملها كأنها لعبة شطرنج خماسية الأبعاد تترك في كثير من الأحيان حتى أكثر اللاعبين مهارة وحنكة في حيرة من حركة غير متوقعة.
هناك تكتيكات جيدة كثيرة تبدو واضحة جدا لدرجة أنني أشعر بالحرج من ذكرها: اكتب المهام، توقف عن تصفح تيك توك، خصص وقتا لما هو أكثر أهمية. كل ذلك صحيح، ولكنه بعيد كل البعد عن القصة بأكملها.
لذا، تساءلت، ما المبادئ السرية، والحقائق العميقة، والأفكار التي تم الاستخفاف بها التي قد تساعدنا جميعا على إنجاز مزيد من المهام، بأقل قدر من القلق، وفي أقل وقت ممكن؟
أقترح ثلاث أفكار. إنها ليست هرطقة، ولكن يبدو أن كل واحدة منها لا تحظى بالتقدير.
أولا، انظر إلى الأمام. انظر إلى الأمام أكثر، كرر ذلك أكثر وبعناية أكثر، أكثر مما يبدو عقلانيا. ابدأ بالنظر إلى تقويم الغد في نهاية كل يوم قبل كتابة قائمة المهام. بعد ظهر الجمعة، انظر إلى تقويم الأسبوع المقبل - والأسبوع الذي يليه. أين هي نقاط الضيق؟ هل هناك أي شيء عليك فعله للتحضير للاجتماع أو الحفلة أو ذكرى زواجك؟
ينصح ديفيد آلين، مؤلف كتاب "إنجاز المهام"، بأن تستمر في النظر إلى الأمام أكثر وأكثر حتى لا تخطر المهام إلى ذهنك. قد تتفاجأ من مقدار ما يحدث لك أثناء محاولة التبصر التي تحركها اليوميات.
من جانبه، يدعو كال نيوبورت، مؤلف كتاب "التجرد الرقمي"، إلى وضع خطة ربع سنوية تحتوي على موجز عام لما تأمل تحقيقه في الأشهر الثلاثة المقبلة وتذكير نفسك بها كل أسبوع.
وينصح ألين أيضا بإجراء "مراجعة أسبوعية" كاملة، ليس فقط لليوميات التي تنتظرنا، بل أيضا اليوميات السابقة، إلى جانب المهام والمشاريع والخربشات المتنوعة على الملاحظات اللاصقة. يمكن القول: إن هذه المراجعة الأسبوعية هي حجر الزاوية في نظامه بأكمله، وهي أيضا الخطوة التي يميل الناس لتخطيها أكثر من غيرها.
النظر إلى الأمام مهم لجميع الأسباب الواضحة، لكن هناك فائدة خفية أيضا. تشعر بالهدوء عندما تعرف - وليس مجرد تأمل - أنك على دراية بما ينتظرك في المستقبل. وإذا كنت معتادا على التحقق من تقويمك وقوائم المهام، فمن المرجح أن تثق بهما. كما يتيح لك ذلك تدوين المهام ثم الاسترخاء، مع العلم أنه سيتم تذكيرك بها في اللحظة المناسبة.
ثانيا، وضح الأمور. هناك أمور كثيرة عالقة في صندوق الوارد للبريد الإلكتروني أو على المكتب، لأننا نفشل في اغتنام اللحظة المطلوبة للتفكير في ماهيتها. هل تتطلب أرشفتها للرجوع إليها عند الحاجة؟ (عادة لا). هل يجب حذفها ببساطة؟ (في كثير من الأحيان، نعم). هل هناك إجراء بسيط لازم لمرة واحدة؟ (إذا كانت الإجابة بنعم، فربما يجب أن تفعل ذلك فورا). أم هل هناك شيء ضمني أكثر تعقيدا؟ (إذا كان الأمر كذلك، فخذ دقيقة للتفكير في الخطوات التي يمكن اتخاذها واكتبها).
إنه لأمر مدهش مقدار العمل أو الفوضى أو القلق المبهم الذي يمكن أن يتراكم لمجرد أننا نتردد في اتخاذ هذه الخطوة السريعة لتوضيح أفكارنا.
هل هذا مهم حقا؟ نعم إنه مهم. لقد ذهلت عندما اكتشفت أن زميلتي بيليتا كلارك لديها أكثر من 100 ألف رسالة بريد إلكتروني غير مقروءة وليس هذا فحسب، بل إن أصدقاءها وزملاءها لديهم 300 ألف أو 400 ألف رسالة غير مقروءة. سألت نفسي، كيف يحدث هذا؟
ثم أدركت الجواب. إذا واصلت النظر في رسائل البريد الإلكتروني الواردة وفكرت كالآتي: "حسنا، لست متأكدا مما يجب فعله تجاهها"، فستصل في النهاية إلى 400 ألف رسالة غير مقروءة. إنها ببساطة النتيجة المتراكمة للفشل 400 ألف مرة في اتخاذ قرار.
ثالثا، كن قانعا. هناك ميل لا نهاية له للاعتقاد بأنه في مرحلة ما ستنجز كل المهام، وأنك ستنجز جميع المسؤوليات، وبعد ذلك في هذه المرحلة، ستتمكن إما من متابعة العمل الحقيقي أو الاستراحة. هذه الأهداف عبارة عن سراب. لن تقوم بإنجاز جميع المسؤوليات أبدا؛ ستستمر دائما عملية شطب المهام وترتيبها. دعونا لا نتطوع للقيام بدور سيزيف (شخصية في الأساطير الإغريقية ترمز إلى السعي اللامتناهي لإكمال مهمة غير مجدية): "نعم، سأحجز عطلة وسأبدأ في كتابة رواية، ولكن دعني أولا أدحرج تلك الصخرة إلى أعلى التلة مرة أخرى".
سيتعين على كل واحد منا أن يفعل ما في وسعه في الوقت المخصص له (سواء كان ذلك يوم عمل مدته ثماني ساعات أو حياة عمرها 80 عاما) وإدراك أنه ربما لم يكن بوسعنا فعل أكثر من ذلك.
أشار ديفيد ألين إلى أنه إذا تمكنت بمعجزة ما، من إنجاز كل شيء في قائمة مهامك هذه الليلة، فبحلول ظهر اليوم التالي، ستكون مليئا بالطاقة والأفكار. إن قائمة المهام لا تنتهي حتى تنتهي أنت. تعلم أن تعيش بسلام مع هذه الحقيقة.
أو، لأخذ نظرة فلسفية أكثر حول الفكرة نفسها، يستند أوليفر بيركمان على قول للكاتب الأرجنتيني خورخي لويس بورخيس: "أنا من الوقت. والوقت هو النهر الذي يجتاحني، لكنني أنا النهر".
في هذه الحالة، يقول بيركمان في كتابه الرائع "أربعة آلاف أسبوع"، توقف عن التوق إلى اللحظة التي تتشبث فيها بضفة النهر، أخرج من النهر، واسترخ وأنت تشاهده يتدفق. أنت النهر. لا تضع الرحلة وأنت تحلم بضفته.