الأداء غير النفطي .. المستهدف يقترب
ليست هناك حدود للقفزات النوعية التي يحققها الاقتصاد السعودي. فـ"رؤية المملكة 2030" تحقق مستهدفاتها، وهي ماضية للوصول إلى الغايات الموضوعة لها، سواء وفق المساحة الزمنية المقررة لها، أو حتى قبل الموعد النهائي لذلك في 2030.
ويبدو واضحا للعيان، أن المسار الاقتصادي الوطني لا يختص بالنمو فقط، بل بالتنمية أيضا. وهذه الأخيرة تعد أساس البناء النهائي للصرح الاقتصادي المحلي، وفي "الرؤية" سلسلة واسعة من المستهدفات، من أهم محاورها التنوع الاقتصادي، بعد عقود كانت البلاد تعتمد على قطاعات محددة.
الإمكانات المحلية تتيح لبلد مهم إقليميا وعالميا كالسعودية، أن يتمتع باقتصاد متنوع وراسخ ومتوازن ومستدام، وفي الأعوام القليلة الماضية تم تحقيق أهداف يتم البناء عليها لتحقيق أخرى، حتى إن بعض هذه الأهداف تحققت قبل المواعيد المحددة الموضوعة لها، من كفاءة جودة التنفيذ.
تنويع الاقتصاد السعودي، هو الركن الأساس في عملية البناء الاقتصادي الشاملة، وهذا ما ظهر في نتائج الربع الثاني من العام الجاري، حيث شكلت الإيرادات غير النفطية نحو 43 في المائة (المستهدف 50 في المائة في 2030) من إجمالي إيرادات الميزانية العامة، البالغ في تلك الفترة 314.8 مليار ريال.
واللافت أن مستوى هذه الإيرادات كان في حدود 32 في المائة في الفترة نفسها من العام الماضي، أي أن الارتفاع كان كبيرا، وإذا ما سارت الأمور، وفق المنهج الراهن للحراك الاقتصادي، فإن الإيرادات غير النفطية ستصل إلى مستويات عالية، وتتماشى مع كل التوقعات، وارتفاع هذه الإيرادات في الربع الثاني 12.6 في المائة، أوصلها إلى أكثر من 135 مليار ريال، من 120 مليار ريال في الفترة ذاتها من العام السابق.
ومن النقاط المهمة في هذا الخصوص، أن الإيرادات غير النفطية تمثل نحو 42 في المائة من حجم الإنفاق الحكومي، ما يعني أن الخطط الاقتصادية تسير بسلاسة نحو مزيد من التمكين في القطاعات غير النفطية المساندة للناتج المحلي الإجمالي.
كل هذا ما كان ليحصل، لولا مجموعة من المبادرات والبرامج الهادفة لترسيخ التنويع الاقتصادي، للوصول إلى النقطة الأهم، وهي الاقتصاد المستدام المستند إلى النمو في كل القطاعات، ففي الربع الأول من العام الحالي (مثلا) تم تحفيز الاقتصاد الوطني السعودي بتمويلات بلغت 30 مليار ريال، وفي العام الحالي أيضا أطلقت المملكة خططا استثمارية جديدة بقيمة 51 مليار دولار، مثلت في الواقع الحزمة الأولى لدعم مشاريع الشركات المحلية، ضمن برنامج الشراكة "شريك" مع القطاع الخاص.
كل هذا يدخل في نطاق استراتيجية تنويع القاعدة المحلية الإنتاجية، وتشجيع النمو في القطاعات البعيدة عن النفط، إذ كان الوقود المحور الرئيس للعوائد المالية، وهنا نلاحظ زيادة الإنفاق الحكومي في الربع الثاني من العام الجاري، وهذا أمر طبيعي، لأن زيادة المصروفات الحكومية تزامنت مع ارتفاع الإنفاق على المشاريع الحكومية. وهذه الزيادات دخلت مباشرة في دعم منظومة الضمان الاجتماعي للمواطنين، كما أنها أسهمت مباشرة في تخفيف أعباء الإنفاق الأسري الذي ارتفع بدوره متأثرا بالموجة التضخمية العالمية التي لا تزال تضرب الساحة الدولية بأشكال مختلفة.
لكن في النهاية، يحقق الاقتصاد الوطني السعودي مزيدا من القفزات النوعية من الجانب الخاص بالتنويع، الذي يبقى مؤشرا مهما إلى نجاعة عملية البناء الاقتصادي كله.
والقطاعات غير النفطية، التي تشهد نموا كل عام، ستحقق في الأعوام المتبقية من العقد الحالي مزيدا من النتائج الحاسمة ليس فقط على صعيد العوائد العامة، بل من جهة تكريس حالة الاقتصاد المستدام الذي تتمتع به المملكة، بإمكاناتها المحلية، وبقدراتها على جذب الاستثمار الأجنبي، مستندة إلى سمعتها ومكانتها الإقليمية والعالمية البارزة.