رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


استقرار الاقتصاد الكلي وسط أجواء عدم اليقين

أثبتت اقتصادات الشرق الأوسط وآسيا الوسطى صلابتها خلال 2022 رغم وقوع سلسلة من الصدمات العالمية. غير أنه من المتوقع تباطؤ النمو في العام الجاري -وربما العام المقبل- في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مع بدء السياسات التقييدية الرامية إلى مكافحة التضخم والحد من مواطن الضعف وإعادة بناء الاحتياطيات الوقائية في إحداث أثر ملموس في النشاط الاقتصادي في عديد من الدول، وبدء تخفيضات الإنتاج النفطي المقررة في كبح النمو في الدول المصدرة للنفط.
ومن المتوقع أن يظل التضخم مستمرا. وتعتمد آفاق الاقتصاد في منطقة القوقاز وآسيا الوسطى بشدة على عوامل خارجية، ولا سيما تأثير التشديد النقدي، والنمو في أهم الدول الشريكة لها في التجارة، ووتيرة التحويلات الخاصة، وتدفقات العمالة المهاجرة من روسيا. وتتسم أجواء عدم اليقين بارتفاعها، وتميل المخاطر المحيطة بالسيناريو الأساسي نحو الجانب السلبي وسط شواغل الاستقرار المالي ـ خاصة في الاقتصادات المتقدمة على خلفية مخاوف العدوى. وتتسم المفاضلات بين السياسات بزيادة تعقيداتها، وسيتعين على صناع السياسات مراعاة الدقة في معايرة مزيج السياسات لخفض التضخم الأساسي دون التسبب في الضغط المالي والتشديد المفرط للأوضاع المالية، إضافة إلى الاستمرار في توفير الدعم المالي الموجه للفئات الضعيفة في المجتمع مع الحفاظ على استدامة القدرة على تحمل الدين والاستقرار المالي. وتتطلب السياسات النقدية والمالية المتشددة في مختلف أنحاء المنطقة وسط تشديد الأوضاع المالية العالمية تسريع تنفيذ الإصلاحات الهيكلية لدعم النمو الممكن وتعزيز الصلابة.
وللحديث عن السياسة النقدية، هنالك سؤال تقليدي يطرح ما الموقف الحالي لمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى؟
فهناك حقيقة تباين كبير فيما بين دول الشرق الأوسط وآسيا الوسطى من حيث استجابة السياسة النقدية للطفرة التضخمية في الفترة 2021 ـ 2022. فالموقف الحالي للسياسة إما متشدد وإما محايد على نحو ملائم في عديد من الدول التي تستخدم سعر الفائدة الأساسي، لكنه يحتاج إلى مزيد من التشديد في دول أخرى. وكانت الاستجابة لصدمة التضخم الأخيرة متسقة مع ما كانت عليه خلال فترات التضخم السابقة، بل أقوى منها في بعض الحالات.
ومع ذلك، لا يزال تنفيذ السياسة النقدية في عديد من الدول يتأثر سلبا بسبب عدم التنسيق مع سياسة المالية العامة أو هيمنة سياسة المالية العامة.
ويكون انتقال أثر السياسة النقدية في الدول التي تتبع نظم سعر الصرف المعوم أو المدار أقوى مقارنة بالدول التي تتبع نظاما لربط العملة، ويعمل أساسا من خلال قناة سعر الصرف، بينما تكون قناة الائتمان ضعيفة نسبيا. حتى الدول التي استجابت على نحو ملائم ستستفيد من تعزيز أطر السياسة النقدية وتشجيع التطور المالي. ومن شأن تفعيل قنوات إضافية لانتقال أثر السياسة النقدية أن يعزز قدرة البنوك المركزية على مكافحة التضخم مع خفض التكلفة الاقتصادية لتلك القنوات.
إضافة إلى ذلك، يمكن أن تسهم زيادة مرونة سعر الصرف واستخدام السياسات الاحترازية الكلية في زيادة فاعلية السياسة النقدية. وفي الدول التي تقوم فيها البنوك المملوكة للدولة بدور مهم في الوساطة المالية، ينبغي لصناع السياسات أيضا الحد من أنشطتهم شبه النقدية وشبه المالية لتحسين انتقال أثر السياسة النقدية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي