استثمارات تدعمها برامج الرؤية
تواصل المملكة العربية السعودية تحقيق مؤشرات تنمو بشكل متسارع في قطاع الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ما يعكس النمو الإيجابي للاقتصاد الوطني وسيره في اتجاه الخطط المطلوبة استهدافها، وبالتالي نلاحظ أن الوتيرة التي يتم فيها تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى السعودية جيدة، وهي كذلك، لأنها تدخل أساسا في صلب رؤية المملكة 2030، التي وضعت هذا النوع من الاستثمارات، محورا أصيلا في عملية البناء الاقتصادي والاستراتيجي عموما. كما أن المملكة تتمتع بقدرات مميزة لاستقطاب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، فضلا عن القوانين والتشريعات المساندة لضمان قوتها في الأعوام الفاصلة من الآن حتى 2030. وفتحت السعودية آفاقا جديدة في هذا الميدان، كما أنها أبقت الباب مفتوحا لأي تعديلات ضرورية في المستقبل. فالمرونة والتسهيلات التشريعية والقانونية التي جلبتها "رؤية المملكة" إلى الساحة، هي بحد ذاتها أداة داعمة وقوية لضمان استمرار نمو تدفق رؤوس الأموال الأجنبية إلى الساحة الاقتصادية ككل.
وهذا ما ظهر بوضوح في البيانات الأخيرة للبنك المركزي السعودي "ساما"، التي أظهرت استقطاب المملكة استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 8.12 مليار ريال في الربع الأول من العام الجاري، وهي الأعلى في سبعة فصول، ما يعزز المسار العام لهذه الاستثمارات. وحتى لو استثنينا صفقة "أرامكو" مع ائتلاف دولي بشأن بيع حصة من شركة تابعة، فإن حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في الربع الأول هو الأكبر منذ الربع الأول للعام 2015. ولابد من الأخذ في الحسبان، الفترة العصيبة التي مر بها الاقتصاد العالمي بسبب جائحة كورونا، التي أثرت سلبا في الحراك الاستثماري الدولي ككل. ومع ذلك، فإن هذا النشاط يمضي قدما من خلال اقتصاد يحافظ على استمرار قدرة نموه، استنادا إلى ما تمتلكه البلاد من آفاق ومساحات استثمارية عالية الجودة.
وسجلت الاستثمارات الأجنبية ارتفاعا بلغ 10.2 في المائة، مقارنة بالربع الأول من العام الماضي، وهي نسبة كبيرة على مدى أربعة فصول كما هو واضح. وليست هناك حدود في هذا المجال على الساحة المحلية السعودية. فالاستثمار الأجنبي المباشر صار قطاعا محوريا في الاقتصاد الوطني، لما فيه من عوائد كبيرة، وروابط أساسية سواء على صعيد التشغيل أو التنمية أو حتى التدريب والتأهيل. فكل حزمة استثمارية مباشرة تضيف بعدا جديدا على النشاط العام. ورؤية المملكة 2030 استهدفت في الواقع منذ إطلاقها أن تصل مساهمة الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 5.7 في المائة من إجمالي الناتج المحلي. وما تملكه السعودية من إمكانات واستثمارات ضخمة، يكرس دورها محركا اقتصاديا عالميا، إضافة إلى محورية الاقتصاد الإقليمية، الذي يستند إلى علاقات متعددة تدخل في سياق العام.
في العام الماضي جذبت المملكة استثمارات أجنبية مباشرة بلغت قيمتها 29.6 مليار ريال، بحيث بلغ إجمالي هذه الاستثمارات في العامين الماضيين نحو 102 مليار ريال. وهي نسبة أيضا لافتة، يجري البناء عليها باستمرار، خصوصا أن هذه الاستثمارات سجلت في 2022 ارتفاعا للعام الخامس على التوالي. كل هذا يهدف إلى تحقيق الهدف الأهم بحلول 2030، وهو أن تبلغ الاستثمارات الأجنبية المباشر في ذلك الحين 388 مليار ريال. وكل التحرك والنشاط يعزز الاعتقاد بأن السعودية قادرة على تحقيق مستهدفات "الرؤية" في هذا المجال الحيوي. ولا بد من الإشارة هنا، إلى أن كل الخطط الخاصة بالاستثمارات الأجنبية المباشرة، التي تجري على أرض السعودية حاليا ستنعكس مباشرة على سوق العمل، مع وجود فئة عريضة من الكوادر الشباب، وما يمكن وصفة بـ"رأس المالي البشري". وفي العقود الماضية لم يستغل هذا بالشكل الذي تستحقه قدرات البلاد التنموية.