الأسواق المزدهرة تعترض مسعى "الفيدرالي"

الأسواق المزدهرة تعترض مسعى "الفيدرالي"

أدى ارتفاع أسعار الأسهم وانخفاض عوائد السندات إلى تسهيل جمع الشركات الأمريكية للأموال تسهيلا كبيرا أبطل قدرا كبيرا من تأثير رفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة، وفق مستثمرين وعدة مقاييس تمت مراقبتها من كثب.
تنعكس الدرجة التي تحسنت بها الأوضاع في الأسابيع الأخيرة في مؤشر الأحوال المالية الوطنية، الذي يجمعه الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو، حيث سجل أدنى نقطة له في 16 شهرا.
مع ذلك، فإن الظروف المالية المتساهلة تتعارض مع هدف الاحتياطي الفيدرالي المتمثل في إبطاء الاقتصاد لكبح التضخم، وتزيد من احتمالية اضطرار الاحتياطي الفيدرالي لإبقاء أسعار الفائدة مرتفعة فترة أطول.
قال سونال ديساي، كبير مسؤولي الاستثمار في صندوق الدخل الثابت لشركة فرانكلين تمبلتون، "الحقيقة هي أن الأوضاع المالية قد أصبحت مخففة - لقد خففنا تأثير 450 نقطة أساس تقريبا من زيادات أسعار الفائدة. الأوضاع المالية كافية لإعادتنا إلى آذار (مارس) من العام الماضي".
"مع بدء تقبل السوق قناعة أننا لن نشهد ركودا، فهذا يعني أن الطلب سيظل قويا، ويعني أنه لن يوجد داع لخفض أسعار الفائدة أبدا".
تأتي ظروف زيادة أموال الشركات المواتية في الوقت الذي رفع فيه الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة من شبه الصفر في مارس العام الماضي إلى أكثر من 5 في المائة، مع زيادة أخرى قدرها 0.25 نقطة مئوية الأربعاء. بعد الزيادة الأخيرة من جانب الاحتياطي الفيدرالي، انخفض مؤشر الظروف المالية الأمريكية اليومي لمؤسسة جولدمان ساكس، مقتربا من أدنى مستوى سجله في منتصف تموز (يوليو)، والذي يمثل أكثر الأوضاع المخففة خلال عام.
وهذا لأن الأوضاع المخففة تعكس وجهة نظر مستثمرين بأن الفيدرالي توقف فعليا عن رفع أسعار الفائدة نظرا إلى أن تركيزه الرئيس ينصب على خفض التضخم - الذي انخفض بشكل حاد في الأشهر الأخيرة.
قال أندي برينر، رئيس الدخل الثابت الدولي في شركة ناتاليانس سكيورتيز، "سأقول إن الأوضاع بدأت تصبح مخففة، الأمر الذي ربما يسوء الاحتياطي الفيدرالي. لكن طالما يرى الفيدرالي أرقام تضخم أفضل، فستكون الأوضاع أقل أهمية شيئا فشيئا".
لكنها تعكس أيضا قوى محركة عززت المعنويات في أسواق الأسهم وسندات الشركات، حيث أوصل الحماس بشأن الذكاء الاصطناعي الأسهم الأمريكية إلى سوق صاعدة هذا العام، ونقص الصفقات الجديدة في سوق سندات المضاربة ألجأ المستثمرين إلى القليل المعروض منها.
إن العلاوة التي يتعين على الشركات ذات التصنيف المنخفض دفعها لكي تقترض تقترب الآن من أدنى مستوياتها منذ نيسان (أبريل) 2022، مع تضييق الفجوة بين عوائد سندات المضاربة وسندات الخزانة بنحو 0.9 نقطة مئوية بين نهاية العام الماضي و26 تموز (يوليو) لتصبح نحو 3.9 نقطة مئوية.
يقول مستثمرون إن ضيق الفروق هذا العام كان مدفوعا جزئيا بتقلص سوق سندات المضاربة - مع إصدارات جديدة منخفضة نسبيا وعدة ترقيات إلى "الدرجة الاستثمارية" تسهم في تثبيت مصطنع للأسعار عند مستويات عالية. كما أدى ارتفاع جودة الائتمان الإجمالية وتضاؤل المخاوف بشأن ركود وشيك إلى تعزيز التقييمات.
قال برينر، مشيرا إلى تضييق هوامش الائتمان والتخفيف الأشمل في الأوضاع المالية، "توقف الناس عن المشاهدة وانخرطوا في الأسواق".
أضاف، "في بعض النواحي، تشدد البنوك معاييرها في الإقراض. لكن شركات الائتمان الخاصة هبت للنجدة. إذا كنت بحاجة إلى المال، فيمكنك الحصول عليه بطريقة أو بأخرى (...) قد تكون أعلى تكلفة قليلا، لكن المال متوافر".
لكن مايك تشانج، أحد مديري محافظ العائد المرتفع في شركة فانجارد، قال إن الظروف المالية لم تخف في جميع المجالات. "لا تزال السوق تميز بين مصدري السندات الأقوياء والضعفاء، ولا يزال كثير من المصدرين الضعفاء غير قادرين على دخول أسواق المال".
أضاف تشانج، "عادة ما تستغرق أسعار الفائدة المرتفعة وقتا لتشق طريقها إلى الاقتصاد والميزانيات العمومية للشركات. بالنظر إلى حجم نشاط إعادة تمويل الديون الذي حدث خلال الأعوام العديدة الماضية في سوق السندات ذات العائد المرتفع، فسيستغرق الأمر وقتا أكثر حتى تصبح آجال الاستحقاق وإعادة التمويل مشكلة أكبر".
ازدهرت أسواق الأسهم على خلفية الحماس تجاه أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى المرتبطة بنمو الذكاء الاصطناعي. شهد مؤشر ستاندرد آند بورز 500 ارتفاع 20 في المائة تقريبا على مدار العام حتى الآن، ما يسهل على الشركات زيادة السيولة ببيعها أسهما. ارتفعت عمليات جمع الأموال من خلال طروحات عامة أولية في الولايات المتحدة 104 في المائة على أساس سنوي، وفقا لبيانات ديلوجيك، فيما ارتفعت عمليات بيع أسهم الشركات المدرجة وحملة الأسهم 65 في المائة.
قدمت بيانات النمو الاقتصادي التي نشرت الخميس دلائل أكثر على البيئة المشجعة للشركات، مع زيادة حادة في استثمار الشركات حفزت زيادة أقوى من المتوقع في إجمالي الناتج المحلي.
ستمعن الأسواق في استطلاع رأي كبار مسؤولي القروض الذي سيصدر الإثنين حول ممارسات الإقراض المصرفي، بعد أن وجد التقرير ربع السنوي الأخير الصادر عن الاحتياطي الفيدرالي أن البنوك تتوقع تشديد معايير الإقراض خلال الفترة المتبقية من 2023.
أقر رئيس الفيدرالي جاي باول بالمخاطر المحتملة من تخفيف الأوضاع المالية بعد أن أعلن البنك المركزي رفع سعر الفائدة الأخير الأربعاء. صرح للصحافيين، "إذا أصبحت الأوضاع المالية مخففة أكثر، فقد نحتاج إلى بذل مزيد من الجهد"، لكنه قال إنه كان واثقا من أن أسعار الفائدة تؤثر في النشاط الاقتصادي والتضخم.
"ما يحدث هو أن الأوضاع المالية تتماشى مع ما نفعله وتتعارض معه أيضا، لكن في النهاية، بمرور الوقت، سنصل إلى حيث ينبغي أن نذهب".

الأكثر قراءة