بنوك التنمية متعددة الأطراف التي يحتاج إليها العالم «2 من 2»
للحديث عن مهام بنوك التنمية ننتقل الآن إلى الدول متوسطة الدخل. الواقع أن ما يقرب من نصف المبالغ المطلوبة لدعم زيادة مستويات الإقراض إلى ثلاثة أمثالها يمكن توليده بوساطة بنوك التنمية متعددة الأطراف ذاتها، من خلال الاستخدام الأكثر كفاءة لرأس المال المتوافر بالفعل. لكن النصف الآخر يتطلب جولة جديدة من زيادات رأس المال العام. ما يدعو إلى التفاؤل أن هذه الآليات تتطلب أن يدفع المانحون بضعة سنتات فقط على الدولار، ما يوفر قيمة ممتازة مقابل المال. فكل دولار ممنوح من الممكن أن يدر سبعة دولارات في هيئة إقراض سيادي جديد، فضلا عن ثمانية دولارات أخرى في هيئة حشد مباشر وغير مباشر لرأس المال الخاص.
لكن حتى في ظل زيادة كبيرة في إقراض بنوك التنمية متعددة الأطراف، ستظل المساعدة الرسمية أقل كثيرا من المطلوب. ويجب أن يسد رأس المال الخاص هذه الفجوة. الخبر السار هنا هو أن أغلب بنوك التنمية متعددة الأطراف لديها إدارات مصممة لتحفيز التمويل الخاص في مجموعة من القطاعات، بما في ذلك الطاقة، الصحة، الزراعة، الشمول المالي، والبنية الأساسية.
أما النبأ غير السار فهو أن سجل هذه البنوك كان مخيبا للآمال، ففي المتوسط، تستفيد بنوك التنمية متعددة الأطراف من 60 سنتا فقط من رأس المال الخاص مقابل كل دولار تلتزم به، وهذا أقل كثيرا من إمكاناتها. على مدار الأعوام الستة الأخيرة، ظل حشدها الجماعي المباشر وغير المباشر للتمويل الخاص عالقا عند مستوى 60 إلى 70 مليار دولار سنويا.
لنقارن هذا المبلغ بنصف تريليون دولار مطلوبة من القطاع الخاص للمساعدة على سد فجوات التمويل. يجب أن تسعى بنوك التنمية متعددة الأطراف إلى مضاعفة نسب حشد التمويل والالتزام من خلال معالجة تحديات رئيسة، مثل مخاطر العملة المحلية، ومخاطر السياسات والضوابط التنظيمية، والافتقار إلى المشاريع الجاهزة للتمويل، وعدم كفاية رأسمال المجازفة. في المقام الأول من الأهمية، ستكون الشهية الأقوى للمجازفة في بنوك التنمية متعددة الأطراف أساسية لتحقيق النجاح.
ثالثا، يجب أن يعمل تحالف الممولين "بما في ذلك الحكومات، والمؤسسات الخيرية، والقطاع الخاص" على إنشاء "آلية جديدة للتعامل مع التحديات العالمية" تقدم مجموعة من خيارات التمويل، مثل الضمانات، وحقوق الملكية، وغير ذلك من أدوات تقاسم المخاطر. هذا ضروري لمعالجة أحد أوجه القصور الشائعة في بنوك التنمية متعددة الأطراف، الاستخدام المنقوص للأدوات غير الإقراض "مثل الضمانات" لمصلحة المقترضين السياديين وغير السياديين. لقد أصبحت مثل هذه الأدوات ذات أهمية خاصة في المناخ الاقتصادي المتقلب اليوم.
بنوك التنمية متعددة الأطراف هي الوسيلة المناسبة لدعم كوكبنا وسكانه. فهي وحدها قادرة على توفير التركيبة الضرورية من الخبرات، والقدرة على الاستمرار، والتمويل منخفض التكلفة، والروافع المالية، وقدرات تبادل المعرفة. لكن للمساعدة على تغيير مستقبل الدول النامية، يجب أن تعمل بنوك التنمية متعددة الأطراف أولا على تغيير نفسها. وهذا يعني تبني ثقافة التغيير بالجملة لكي تصبح أكثر استجابة للعملاء، والعمل معا بشكل أفضل ـ بما في ذلك من خلال التمويل المشترك، وتقاسم المخاطر، ووضع المعايير.
نحن ندرك أن تنفيذ أجندتنا المقترحة يستلزم توافر القيادة السياسية القوية، والقدرة على المواصلة على المسار. لكن يجب أن نشير إلى أنه لا يوجد سبيل آخر للاختيار. إن مستقبل كوكبنا وسكانه على المحك.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2023.