خيارات التمويل في ظل ارتفاع أسعار الفائدة
ما زال الفيدرالي مستمرا في رفع أسعار الفائدة، ففي الاجتماع الذي تم في الـ26 من تموز (يوليو) رفع الفيدرالي الأمريكي معدل الفائدة ربع نقطة مئوية، وعلى أثر ذلك تبعت الأسواق خصوصا في منطقة الخليج هذا الرفع بزيادة ربع نقطة مئوية، وقد قرر البنك المركزي السعودي رفع معدل اتفاقية إعادة الشراء "الريبو" بمقدار 25 نقطة أساس إلى 6 في المائة، ورفع معدل اتفاقية إعادة الشراء المعاكس "الريبو العكسي" بمقدار 25 نقطة أساس إلى 5.50 في المائة، وذلك لتحقيق الاستقرار النقدي.
مجموعة من التقارير تتحدث عن أن هذا الرفع الذي وصل إليه الفيدرالي الأمريكي يعد الأكبر منذ أكثر من 22 عاما أي 2001، وهذا يعني أن هذا القرار قد يؤثر بشكل ملحوظ في سلوك المستثمرين ويعيد ترتيب اختياراتهم الاستثمارية وقد يؤثر بشكل ملحوظ في قيمة الأصول والأهم لدى الفيدرالي أن يؤثر في قيمة السلع المختلفة وصولا إلى نسبة تضخم في حدود 2 في المائة في الولايات المتحدة.
ماذا يعني ارتفاع الفائدة وأثره في الأسواق؟
كما هو معلوم أن رفع سعر الفائدة يعني ارتفاع تكلفة التمويل سواء على الأنشطة الاقتصادية أو حتى على المستهلكين وهذا يعني أن شريحة من الذين يرغبون في الحصول على التمويل ستتوقف، سواء بسبب ارتفاع التكلفة أو بسبب عدم تحقيق الملاءة المالية الكافية، كما أن البنوك ستكون أكثر حذرا في التمويل باعتبار أن المخاطر ستكون أعلى بسبب ارتفاع التكلفة، ما يعني صعوبة أكثر في الالتزام، أو بسبب المخاطر التي يمكن أن تحصل للأسواق والأنشطة الاقتصادية، ما يتسبب في عجز لدى المدينين ومن ثم مزيد من الديون غير المقدور على تحصيلها.
وهنا تأتي أهمية النظر في الخيارات التي يمكن أن تكون بديلا للتمويل لمن يجد صعوبة في الحصول على التمويل من البنوك.
الخيارات المتاحة في السوق السعودية أصبحت أكثر تنوعا وهو ما يدفع بعض المشاريع إلى البحث في هذه الخيارات والبدء بها بما يعزز من الفرص الاستثمارية في السوق السعودية لعل من أهمها: السوق المالية التي أصبحت أكثر انفتاحا، بل تشجيعا لمزيد من طروحات الأسهم والأدوات المالية المتعددة لمختلف الأنشطة الاقتصادية، ما أدى إلى تحقيق نتائج إيجابية للسوق وللشركات التي تم طرحها وللمستثمرين.
السوق المالية تعد إحدى أهم منصات التمويل سواء من خلال طرح الشركات في سوق نمو أو السوق الرئيسة، سواء كانت الأموال المجمعة هي زيادة في رأس مال الشركة التي تم طرحها أو شراء جزء من حصة ملاك الشركة، وهذا يعزز من فرص تدفق الاستثمارات في السوق المالية والسيولة التي تم جمعها يمكن أن يستخدمها المستثمرون في تمويل مشاريعهم الأخرى، ومن المنصات التي يمكن أن توفر فرصا للتمويل الصكوك الإسلامية التي أصبحت جذابة حاليا، نظرا إلى أن العوائد التي تحققها جيدة جدا في ظل ارتفاع مؤشرات عوائد أدوات الدين والإقبال الكبير عليها كخيار قد يكون أقل تكلفة من الحصول على التمويل من البنوك أو المؤسسات المالية.
من الملاحظ خلال الفترة الحالية دخول مصادر التمويل شريكا أساسيا في كثير من المشاريع التنموية خصوصا العقارية، حيث توجد شراكات بين صناديق استثمارية وشركات متميزة في التطوير العقاري وذلك لتمويل مشاريع عقارية وتوزيع الأرباح بينهما، وهذا ما يخفف كثيرا المخاطر على المشاريع العقارية في ظل بعدها عن صور التمويل من البنوك.
من الخيارات التي لم تشهد اهتماما كبيرا في المشاريع الحالية هو التمويل من خلال البيع على الخارطة، حيث إن المطور لا يحصل على التمويل فقط بل يتمكن من بيع جزء كبير من المشروع أو بالكامل قبل الانتهاء منه مع توفير فرصة للمستثمرين معه، بحيث يكون سداد قيمة هذه الوحدات من خلال مراحل بناء المشروع، ووجود منصة "وافي" أسهم في ضبط الالتزام فيما يتعلق بهذه المشاريع سواء من المطور أو المشتري.
الخلاصة، إن المستويات المرتفعة لأسعار الفائدة سيكون لها تأثير في قدرة بعض الشركات والمؤسسات والأفراد على الحصول على التمويل لإتمام المشاريع، أو التوسع في ظل الفرص الكبيرة التي تشهدها السوق في المملكة، ومن هنا تأتي أهمية البحث في الخيارات المتاحة للاستفادة منها في ظل التطور الكبير في الأنظمة والتشريعات، خصوصا في السوق المالية السعودية التي يمكن من خلال مجموعة من الخيارات الحصول على التمويل.