بنوك التنمية متعددة الأطراف التي يحتاج إليها العالم «1من 2»
العالم يحترق! هذه العبارة ليست على سبيل المجاز. تشير تقديرات الخبراء إلى أن تهديدا صحيا عاما آخر على مستوى جائحة مرض فيروس كورونا من المرجح أن ينشأ في الجيل القادم. بسبب أسعار الفائدة متزايدة الارتفاع تتكبد عشرات الدول أعباء ديون لا قبل لها بتحملها. وللمرة الأولى منذ ما يقرب من نصف قرن من الزمن، يتفتت الاقتصاد العالمي بدلا من أن يلتئم شتاته.
شكلت هذه الحقائق التوصيات التي تقدمنا بها للتو إلى مجموعة العشرين من خلال فريق خاص من خبراء تمويل التنمية "والذي نشارك في رئاسته". كان استنتاجنا الرئيس أن هذه اللحظة الفريدة الزاخرة بالتحديات تتطلب تحولا جذريا في عمليات بنوك التنمية متعددة الأطراف، بدءا من البنك الدولي. فحتى في حين تواجه الدول النامية احتياجات تمويلية أكبر كثيرا لتلبية أهداف التنمية والمناخ، لم يحافظ إنفاق بنوك التنمية متعددة الأطراف على الوتيرة، والآن أصبحت درجة تحويلها للموارد إلى الدول النامية منخفضة إلى حد غير مقبول.
بينما تسعى معظم المؤسسات في أغلب الوقت إلى تعزيز حجمها وفاعليتها تدريجيا، ظلت بنوك التنمية متعددة الأطراف عالقة في مكانها. يتعين علينا أن نتجاوز المناقشات العقيمة من الماضي حول ما إذا كنا في احتياج إلى مزيد من المال أو سياسة أفضل، مزيد من المبادرات الخضراء أو الإنفاق على التنمية، مزيد من برامج القطاع العام أو الإقراض الخاص، مزيد من الإنفاق بالاستدانة أو رأس المال. يجب أن تحل لغة "كل من/و" محل "إما/أو". لتحقيق هذه الغاية، ندعو إلى العمل على ثلاث جبهات.
أولا، ينبغي لبنوك التنمية متعددة الأطراف أن تتبنى تفويضا ثلاثيا من خلال إضافة المنافع العامة العالمية إلى أهدافها الحالية المتمثلة في القضاء على الفقر المدقع وتعزيز الرخاء المشترك. هذا يعني بلورة السياسات والإجراءات اللازمة لدمج أجنداتها المناخية والتنموية. من خلال توضيح هذه الأهداف والالتزام بها رسميا، يصبح بوسع بنوك التنمية متعددة الأطراف تصميم وتنفيذ البرامج بشكل أفضل لإدارة المنافع العامة العالمية "مثل التخفيف من حـدة تغير المناخ والتكيف معه، والتنوع البيولوجي، والأمن المائي، والتأهب للجوائح" بسرعة وعلى نطاق واسع.
ثانيا، يجب أن يعمل أصحاب المصلحة على تزويد بنوك التنمية متعددة الأطراف بالموارد اللازمة. وفقا لحساباتنا، يجب أن تتضاعف مستويات الإقراض المستدام في بنوك التنمية متعددة الأطراف إلى ثلاثة أمثالها بحلول 2030، لترتفع إلى نحو 400 مليار دولار سنويا. ويشمل هذا المنح والتمويل الميسر للدول الأكثر فقرا، والتمويل غير الميسر للدول متوسطة الدخل التي تتمتع بالجدارة الائتمانية، والموارد الضرورية لحشد التمويل الخاص.
تتمثل إحدى الأولويات القصوى في إقناع المانحين بتقديم 30 مليار دولار إضافية سنويا في هيئة منح وتمويل ميسر للدول منخفضة الدخل. هذا من شأنه أن يسمح بزيادة تمويل المؤسسة الدولية للتنمية إلى ثلاثة أمثاله بحلول 2030، وهو أمر ضروري لمساعدة الدول المنخفضة الدخل على تحقيق أهداف التنمية، وإدارة الصدمات العالمية، وملاحقة خطط قوية للتكيف والمرونة ضمن أطر الديون المستدامة.. يعمل هذا أيضا على تهدئة مخاوف الدول منخفضة الدخل من أن يأتي التفويض الموسع لبنوك التنمية متعددة الأطراف على حساب الدعم الذي تحتاج إليه لمواصلة التنمية الاقتصادية والبشرية.. يتبع.
خاص بـ"الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2023.