المعادن والتعدين برؤية 2030

تقوم الهيئة العامة للإحصاء برصد مؤشر خاص لقياس مستوى النشاط الصناعي، يسمى الرقم القياسي العام للإنتاج الصناعي، يتم إعداده استنادا إلى برنامج مسح شامل تؤخذ فيه بيانات ميدانية من نحو ثلاثة آلاف منشأة صناعية.
ومن خلال المسح الميداني ترصد عدد من البيانات المهمة، مثل: عدد الموظفين وكمية المواد الخام المستخدمة وكمية الإنتاج ونوعه، وحجم الأصول الثابتة، وحجم الإنفاق، وغير ذلك، إلى جانب إصدار الرقم القياسي العام.
كانت أدنى قيمة لهذا الرقم القياسي العام 98.5 نقطة في منتصف 2020 نتيجة تداعيات فيروس كورونا، إلا أنه بنهاية أيار (مايو) الماضي وصل إلى 130.2 نقطة، بتراجعات طفيفة منذ بداية العام الجاري، علما أن الرقم القياسي العام يتأثر كثيرا بحركة قطاع التعدين، والسبب أن الرقم العام يستمد قيمته بنسبة نحو 75 في المائة من مؤشر التعدين واستغلال المحاجر، ونحو 23 في المائة من مؤشر الصناعات التحويلية.
بحسب البيانات، بلغت المنشآت الصناعية حتى نهاية نيسان (أبريل) هذا العام 10873 مصنعا، بارتفاع 2.95 في المائة عن العام السابق، وفي الشهر نفسه زاد عدد موظفي المصانع 1187 موظفا، وتم إصدار 53 ترخيصا صناعيا جديدا بحجم استثمار بلغ 5.8 مليار ريال، في حين تم إصدار 55 رخصة جديدة في مجال التعدين تتنوع بين رخص استكشاف ومحاجر وفائض خدمات معدنية.
بلغ حجم الاستثمار الكلي في المصانع في السعودية حتى الآن نحو 1.4 تريليون ريال، علما أن من أهداف الاستراتيجية الوطنية للصناعة مضاعفة الناتج المحلي الصناعي إلى ثلاثة أضعاف بنهاية الاستراتيجية، ورفع حجم الاستثمار 1.3 تريليون ريال إضافي، وكذلك رفع قيمة الصادرات الصناعية إلى 557 مليار ريال.
النشاطات التي تقودها السعودية على أصعدة عدة تأتي انطلاقا من أهداف رؤية المملكة 2030 التي أطلقها الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء في 2016 تمهيدا لاعتماد الاقتصاد السعودي على عدة موارد ومصادر للدخل للتخفيف من الاعتماد على النفط في تحقيق الموارد المالية للدولة.
ويأتي الاهتمام بقطاع المعادن والتعدين إلى جانب اهتمام المملكة بمجال الصناعة عموما، والثورة الصناعية الرابعة خصوصا، التي كانت أحد الاتفاقيات المبرمة بشأنها اتفاقية تعاون مع كوريا الجنوبية نهاية العام الماضي، حيث تتميز كوريا بالتقدم التكنولوجي كالصناعات الحديثة من السيارات الصديقة للبيئة إلى صناعة الروبوتات وتطوير تقنية المعلومات وشبكة الجيل الخامس للاتصالات اللاسلكية.
على صعيد الاهتمام بالمعادن والتعدين ترددت أنباء وتصريحات قبل أشهر عدة عن دراسة إنشاء مؤشر أسهم سعودي خاص بالمعادن والتعدين للشركات التعدينية العاملة في المملكة، ليكون بمنزلة مرجعية سوقية لحركة شركات التعدين.
حاليا تتكون السوق المالية في المملكة من 19 قطاعا تشمل الطاقة والبنوك والاتصالات والتأمين والأدوية والرعاية الصحية وغيرها، إلا أنه لا يوجد قطاع لشركات التعدين، رغم أهمية المجال وتبوئه مقعدا كبيرا في خطط النمو واستراتيجيات رؤية المملكة 2030، لكونه الركيزة الثالثة في الاقتصاد السعودي بعد النفط والبتروكيمياويات.
تتجه أعين المستثمرين والمهتمين في مجال التعدين نحو المملكة، حيث برزت في الأعوام القليلة الماضية أهمية اكتشاف ثروات التعدين في المملكة لتلبية الحاجة العالمية المتزايدة للمعادن، والاستفادة من البيئة الاستثمارية المحفزة في السعودية، فبحسب المسح الجيولوجي في منطقة الدرع العربي تبين أن هناك كميات كبيرة جدا من المعادن، تقدر قيمتها بأكثر من خمسة تريليونات ريال، تنتشر في أكثر من 5300 موقع حول المملكة، تحوي كميات كبيرة من الفوسفات والذهب والنحاس والزنك وغيرها من المعادن.
كما أن الاستراتيجية الشاملة لقطاع التعدين تهدف إلى زيادة الإنتاج من هذه المعادن بمقدار عشرة أضعاف، مقارنة بالوضع الحالي، إضافة إلى التوسع في صناعة الأسمدة الفوسفاتية لجعل المملكة بين أكبر ثلاث دول منتجة حول العالم، ومن الدول العشر الأولى عالميا في إنتاج الألمنيوم، إلى جانب مضاعفة إنتاج الحديد والزجاج والتوسع في سلاسل القيمة الجديدة كالعناصر الأرضية النادرة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي