الأوقات العجاف تختبر التزام أصحاب العمل تجاه رفاهية العمال

الأوقات العجاف تختبر التزام أصحاب العمل تجاه رفاهية العمال

عندما انضممت إلى القوى العاملة منذ تقريبا 30 عاما، لم تكن مشكلات الصحة العقلية موضوعا يطرحه العمال عرضا في المكتب. بينما كان معظم المديرين داعمين بشكل عام، لا تعرف أبدا متى ستصادف شخصا لا يزال يرى الاكتئاب والقلق إخفاقات أخلاقية ويستخدمهما ضدك.
لقد تغيرت الأمور بشكل كبير. في هذه الأيام، تعد تطبيقات اليقظة الذهنية وورش العمل المتعلقة بالصحة العقلية عادية ومتوقعة في أماكن عمل كثيرة. تقدم شركتا المحاماة هوجان لوفللز ولينكلاترز، والمصرفان الاستثماريان جيه بي مورجان تشيس وجولدمان ساكس، جلسات علاج مجانية – إما عبر الإنترنت أو عبر الحضور المباشر. هذا ليس مناسبا فحسب، بل صممت هذه الميزة لإعطاء الموظفين إشارة إلى أن الشركات ترى الرعاية النفسية جزءا لا يتجزأ من عملية الحصول على أقصى استفادة من العاملين لديها.
يحاول أصحاب عمل آخرون أيضا الحصول على مساعدة عملية لموظفيهم – عن طريق تعيين موظفين بمسمى "مستجيبون أوائل للصحة العقلية" وتشجيعهم على حضور ورش عمل حول "اللياقة العقلية". الهدف من ذلك هو إعادة صياغة المهارات المتضمنة في إدارة هذه القضايا على أنها سمات إيجابية، وبالتالي إزالة وصمة العار.
يقول جون رايان، الرئيس التنفيذي لشركة هيلثي بليس تو وورك لتحليل البيانات التي تركز على الصحة في مكان العمل: "إذا كان الأشخاص يأتون إلى مكان العمل وهم يعانون مشكلات تتعلق بالصحة العقلية، فستدرك المؤسسة التقدمية أنها ستؤثر في الأداء، وهناك مصلحة ذاتية لدعمهم. المحرك الأكبر للإنتاجية المستدامة هو صحة مؤسستك".
في الواقع، تقدر منظمة الصحة العالمية أن 12 مليار يوم عمل يضيع كل عام بسبب الاكتئاب والقلق – بتكلفة تصل إلى تريليون دولار في الإنتاجية العالمية.
يبدو أن الرسالة قد وصلت. في استطلاع إيدلمان ترست بارومتر الأخير في 13 بلدا، قال 72 في المائة من المستجيبين: إنهم يثقون في صاحب العمل في فعل ما هو صواب بشأن المخاوف المتعلقة بالصحة. وتوقع نحو ثمانية من كل عشرة أشخاص أن يكون الرئيس التنفيذي لشركاتهم قدوة في السلوك الصحي – مثلا، عبر احترام الحدود بين العمل والحياة الشخصية – والتحدث عن أهمية الصحة العقلية.
جادل بعض المعلقين بأن المواقف المتغيرة ترجع إلى تغير الأجيال، حيث يبدأ الشباب الذين اعتادوا على مشاركة حياتهم على وسائل التواصل الاجتماعي في أن يحلوا محل الموظفين الأكبر سنا الأكثر تحفظا، لكن استطلاع شركة إيدلمان وجد أن الأرقام كانت أعلى هامشيا فقط لمن هم في سن الـ34 وما دون مقارنة بالقوى العاملة عموما.
تقول سيدني روتش، الرئيسة العالمية لتجربة الموظف في إيدلمان: "يريد الناس الأشياء نفسها، جيل زد وجيل الألفية يعبرون عن ذلك بشكل صريح. يثق الموظفون ثقة عالية بشكل غير مسبوق في أصحاب عملهم، لكن مع هذه الثقة تأتي توقعات عالية".
"يتوقع الآن من صاحب العمل أن يحل أشياء لا تستطيع المؤسسات الأخرى أن تحلها"، كما تضيف.
لكن هذا هو المكان الذي قد تكمن فيه المشكلات المستقبلية.
بالنظر إلى مقدار الوقت الذي ضاع، تاريخيا، بسبب الإجهاد ومشكلات الصحة العقلية الأخرى، فمن الجيد أن أصحاب العمل يحاولون تسهيل الوصول إلى العلاج. لكن كلما زاد تدخل أصحاب العمل في كامل مجال دعم الصحة العقلية، زاد انفتاحهم على الادعاءات بأنهم مقصرون.
يظل العمل مصدرا بارزا للتوتر والتعاسة لكثير من الناس – وبرامج التدريب وتطبيقات اليقظة الذهنية ليست كافية لمساعدة شخص متوتر بسبب مدير سيء أو عبء عمل لا يمكن إدارته. يحذر ريان قائلا: "إذا كانت المشكلة هي مكان العمل، فبذلك سيكون برنامج المستجيب الأول للصحة العقلية دون فائدة. يجب على المؤسسات أن تتعامل مع ما يحدث بشكل مباشر".
أظهر استطلاع جديد للرأي شمل أكثر من 2500 عامل أمريكي أجرته شركة روبرت والترز للاستشارات التوظيفية، أن 60 في المائة قالوا: إنهم يعانون ضغوطا في مكان العمل، وقال نصفهم تقريبا: إن المخاوف بشأن الاستقرار الوظيفي كانت السبب الأكبر.
ورغم الزيادة الكبيرة في إنفاق الشركات على المبادرات الصحية منذ بداية الجائحة، فإن 62 في المائة أخبروا منظمي استطلاعات الرأي، أن أصحاب عملهم لم يفعلوا ما يكفي لمكافحة الإجهاد.
تشير الأبحاث المنفصلة التي أجرتها شركة ويلابل، التي تعمل مع الشركات في عروضها المتعلقة بالصحة، إلى أن الشركات غير مستعدة لفعل ما هو أكثر فيما يتعلق بالتعامل مع مشكلات الصحة العقلية. بينما قالت أكثر من نصف الشركات: إنها تنفق أكثر على خطوط الاتصال المباشرة لمساعدة الموظفين وأدوات الصحة الرقمية في 2023، وأقل من 15 في المائة منها تخطط لمنح موظفيها إجازة إضافية.
إن هذا التوتر سيزداد سوءا فحسب إذا انكمش الاقتصاد. رغم أن بعض أماكن العمل استثمرت بشكل كبير في البرامج الصحية أثناء الجائحة وبعدها، فإنه من غير الواضح ما إذا كانت هذه الالتزامات ستظل قائمة. يتحرك كثير من أصحاب العمل بالفعل للتراجع عن الوعود التي تم قطعها بشأن العمل الهجين في مواجهة ما يرونه عبئا على الإنتاجية. رغم عروض العلاج السخية التي يقدمها مصرفا جولدمان ساكس وجيه بي مورجان، فإنهما في طليعة الشركات التي تضغط من أجل العودة إلى العمل لمدة خمسة أيام في المكتب.
إذا استجابت الشركات لانخفاض الإيرادات عن طريق خفض كل من الموظفين والإنفاق على الصحة العقلية، فإن الضربة المزدوجة من زيادة أعباء العمل وانخفاض الدعم يمكن أن تقوض بشكل خطير التقدم الذي تم إحرازه حتى الآن.

الأكثر قراءة