أهمية العلاقات بين دول الخليج ودول آسيا الوسطى

في مبادرة فريدة تم عقد القمة بين دول الخليج ودول آسيا الوسطى في مبادرة تهدف إلى توثيق التعاون والبحث عن الفرص المتبادلة بين التكتلين في مناطق تواجه كثيرا من التحديات في ظل المتغيرات في المنطقة والاضطرابات السياسية التي يشهدها العالم.
دول آسيا الوسطى تضم خمس دول وهي أوزبكستان وتركمانستان وطاجيكستان وقرغيزستان وكازاخستان، وهي دول في قلب آسيا، وهي على حدود مشتركة مع دول لاعب رئيس على الساحة السياسية والاقتصادية العالمية كالصين وروسيا والهند، كما أنها دول إسلامية ولديها مساحة كبيرة في المنطقة تبلغ قريبا من أربعة ملايين كيلو متر مربع، كما يبلغ عدد السكان ما يزيد بنحو 70 مليون نسمة، وتتمتع أغلب هذه الدول بوفرة في مصادر الطاقة، وهي النفط والغاز، إضافة إلى مجموعة كبيرة من المصادر الأخرى مثل المعادن والزراعة، وتعمل بشكل أكبر لزيادة مواردها، فيما يتعلق بالقطاع الصناعي، وقد حققت خلال العقود الماضية بعد استقلالها من الاتحاد السوفيتي نموا جيدا في اقتصاداتها، كما أنها ما زالت في الوضع الحالي أكثر اعتمادا على مصادر الطاقة في الدخل الشامل لدولها ما يعني أن هناك طموحا لديها لتخفف من الاعتماد على النفط.
تشترك دول الخليج مع دول آسيا الوسطى في مجموعة من العناصر، ومن أهمها أنها دول إسلامية وعضو في منظمة المؤتمر الإسلامي وفي موقعها الجغرافي في قارة آسيا التي تشهد أهمية أكبر في العالم باعتبار أن معظم النمو الاقتصادي يأتي من هذه المنطقة حاليا في العالم، كما أن الطاقة، سواء في النفط والغاز هي أهم موارد المنطقتين مع التفاوت بين دول وأخرى في حجم تأثيره، كما أن هاتين المنطقتين مسار رئيس لطريق الحرير الذي تعمل الصين على زيادة أهميته والعمل على تهيئة الظروف، التي تعزز من نجاحه، خصوصا الشق البري منه، كما أن التنسيق بين التكتلين مهم لمحاربة الإرهاب في المنطقة، نظرا للتهديدات التي تواجهها المنطقة نتيجة لذلك.
استراتيجية المملكة ودول الخليج عموما في ظل وجود رؤى أكثر تطابقا خصوصا أن رؤية المملكة 2030 تتطلع إلى البحث عن الفرص الممكنة لتعزيز قدرتها على استغلال هذه الفرص لتعزيز مواردها المالية ووجود فرص كبيرة في العلاقة بين دول آسيا الوسطى ودول الخليج ينشأ عنها تحقيق مصالح مشتركة وفرص وعوائد تستفيد منها هذه الدول حيث إن سياسة المملكة ودول الخليج قائمة على علاقات تهدف إلى تحقيق مصالح مشتركة مع دول العالم دون أن يكون هناك استغلال أو تفضيل عزز من موثوقية العلاقة معها ورغبة دول كثيرة في بناء علاقات بناءة، وهذا ما يميز التكتلين اللذين يمتلكان خصائص متقاربة.
من المهم النظر إلى جانب مهم، وهو وجود دور رئيس لدول الخليج فيما يتعلق بالنفط، وفاعل فيما يتعلق بالغاز جعل من أهمية التنسيق مع دول آسيا الوسطى يحقق منافع تهدف إلى إدارة أكثر كفاءة فيما يتعلق بإنتاج النفط، تضمن البيان الختامي للقمة بين التكتلين مجموعة من النتائج ويظهر أن هذه النتائج هي مرحلة مبدئية للعلاقة بينهما، حيث إن الفرص كبيرة واكتشافها يتطلب بداية التنسيق بين التكتلين والبدء ببرامج عامة وصولا إلى الخيارات التفصيلية بين التكتلين، ولذلك كانت النتائج تركز على بناء جسور للتواصل من خلال تعزيز شبكة النقل بين آسيا الوسطى ودول الخليج، وهذا مهم للتبادل التجاري الفعال بينها، إضافة إلى تعزيز فرص، فيما يتعلق بالسياحة والزيارات وفرص العمل والتجارة والاستثمار، إضافة إلى التعاون في مجالات التعليم والبحث العلمي وهذا يمثل نوعا من التواصل للبحث في الفرص المشتركة بين التكتلين.
واحدة من أهم النتائج هو التنسيق المشترك فيما يتعلق بالتحديات، التي تواجهها هذه الدول والناتجة عن الأزمات العالمية، التي ليست طرفا فيها، ولكنها تتأثر بها، خصوصا الأزمة الاقتصادية بين الصين والغرب والحرب بين روسيا وأوكرانيا، وتأثير ذلك على المنطقة من الجوانب الاقتصادية والسياسية.
الخلاصة أن هذه القمة هي مبادرة مهمة في اكتشاف الفرص والتنسيق بين تكتلات لها أثر كبير في المنطقة، وقد تشهد نموا في دورها الإقليمي على المستوى السياسي أو الاقتصادي في ظل وجود نمو اقتصادي جيد في المنطقتين ووجود قواسم مشتركة، فيما يتعلق بالموقع الجغرافي، وأنها دول عضو في منظمة المؤتمر الإسلامي والثقافة المشتركة ونوع الموارد والنمو الاقتصادي والمخاطر الجيوسياسية، والفرص بينها يجعل العمل المشترك يولد فرصا كبيرة لتكتلي دول الخليج ودول آسيا الوسطى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي