الصناديق الاستثمارية وبرامج التمويل في دعم قطاع التقنية
في خبر فريد وتنوع في طرق الشراكة في قطاع التمويل تم إعلان صندوق استثماري تديره "الراجحي المالية" بالشراكة مع شركة المعمر لأنظمة المعلومات "إم آي إس"، حيث تمت موافقة هيئة السوق المالية على طرح الصندوق الاستثماري الخاص المتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، بقيمة مليار ريال كمرحلة أولى، يهدف إلى تحقيق دخل منتظم للمستثمرين من خلال التمويل والتأجير التشغيلي لمعدات البنية التحتية الرقمية والتقنية والتجهيزات الطبية، وبشكل أساس في تمويل مشاريع البنية التحتية الرقمية والتقنية والتجهيزات الطبية في القطاع الحكومي وشبه الحكومي والخاص في المملكة. حيث ستكون شركة المعمر لأنظمة المعلومات "إم آي إس" ستكون هي المسوق والمورد والمنفذ والمشغل الحصري لمشاريع الصندوق، وهذا يعني أن "الراجحي المالية" سيكون لها دور التمويل ولكونه صندوقا خاصا يظهر أن التمويل إما أن يكون من الراجحي المالية نفسها أو من خلال مستثمرين، وليس طرحا عاما على غرار صناديق أخرى، ويظهر أن هذه التجربة جديدة، ولذلك وبحسب الإعلان ستبدأ بتمويل مقداره مليار ريال، وهذا يعني أنه يمكن أن يكون قابلا للزيادة.
هذا النوع من الصناديق الاستثمارية ليس جديدا في الأسواق العالمية، فهناك كثير من الصناديق الاستثمارية التي تبحث عن الفرص، ولعل من الأمثلة الصندوق الذي يشارك فيه صندوق الاستثمارات العامة، وهو صندوق رؤية سوفت بنك، الذي يهتم بالاستثمار في قطاع التقنية، رغم الأزمات التي أثرت في القطاع التقني وكان لها الأثر بانخفاض قيمة بعض الشركات، إلا أنه عاد بقوة إلى الواجهة خصوصا بعد التطورات الخاصة بالذكاء الاصطناعي ويتوقع أن يحقق تحولا كبيرا خلال الفترة المقبلة، فهو يدخل في معظم أو كل الأنشطة الاقتصادية ما يعني أننا في مرحلة تحول اقتصادي لا يقل أهمية عن حقبة الثورة الصناعية أو التكنولوجيا، وهذا يعني تحول رؤوس الأموال من أنشطة اقتصادية إلى أنشطة اقتصادية أخرى، وهذا يعني أهمية كبرى للمبادرة في البحث عن الفرص ودعمها في مختلف القطاعات التي لها علاقة بالذكاء الاصطناعي.
الجديد في مثل هذا الصندوق هو التحول الملحوظ باتجاه أهمية دور القطاع الخاص في دعم البرامج الاقتصادية، فمنذ نشأة المملكة في عهد المؤسس الملك عبدالعزيز، وهي تدعم الأنشطة الاقتصادية المختلفة مثل القطاع الصناعي والقطاع الزراعي والقطاع العقاري، وفي هذه المرحلة والعهد الميمون لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان نجد اهتماما كبيرا بأهمية مشاركة القطاع الخاص في مختلف جوانب التنمية ومبادرات من هذا النوع سيكون لها الأثر في دعم مشاريع التقنية ودعم المستثمرين من خلال نماذج متنوعة من صور التمويل.
هذا الصندوق من الصناديق المتوافقة مع الشريعة، يعتمد صورا متنوعة من صور التمويل، حيث يمكن أن يكون من خلال عقود المرابحة بتمويل شراء احتياجات هذه الشركات أو من خلال التأجير التمويلي الذي قد ينتهي بتمليك المنتجات التي تم تمويلها أو تأجيرها لمدة معينة ثم استرجاعها من قبل الصندوق لبيعها أو تأجيرها لجهة أخرى، ويمكن أن يكون من خلال عقود الـBOT وهي احتصار لكلمة Build operate and transfer حيث يتم تمويل تجهيز الشركات أو مشاريعها ومن ثم بيع هذه الأصول عليها بعد فترة معينة، وواحدة من أهم النماذج في التمويل هو دخول الصندوق شريكا في بعض المشاريع، وهذا يعزز نماذج التمويل التي تفتقر إلى الممارسات في مجال التمويل المتوافق مع الشريعة.
دور شركة المعمر لأنظمة المعلومات "إم آي إس" جوهري وكما سبقت الإشارة إلى ذلك وستكون المسوق والمورد والمنفذ والمشغل الحصري لمشاريع الصندوق، وهذا يدعم الصندوق بعنصر الخبرة في هذا المجال الذي سيكون له دور في الوصول إلى الجهات التي تحتاج إلى التمويل وتوريد احتياجات تلك الجهات، والأهم هو قدرتها على تقديم المعلومات التي تعزز قدرة الصندوق على تقييم الأخطار بشكل أدق وتحديد خيارات التمويل التي يمكن أن يقدمها الصندوق.
هذا الصندوق سيكون داعما للقطاعات المتنوعة سواء الحكومي أو شبه الحكومي أو الخاص، ما يعني خيارا إضافيا للتمويل للقطاع الحكومي وشبه الحكومي الذي يعزز استدامة مشاريعها التنموية، وعدم اعتمادها على مصادر محدودة لإتمام مشاريعها.
من الجيد أن نرى مثل هذه الصناديق تقوم بدعم القطاعات التي برزت في مستهدفات رؤية المملكة 2030، حيث ستكون فرص تحقيق عوائد من التمويل لهذه البرامج كبيرة.
الخلاصة، إن صناديق التمويل المتنوعة خصوصا في قطاع التقنية سيكون لها أثر كبير في دعم هذه الصناعة في ظل الفرص الكبيرة في مثل هذه القطاعات خصوصا أننا نعيش ثورة صناعية جديدة في قطاع الذكاء الاصطناعي، والأسواق العالمية وحركتها شاهدان على ذلك رغم التحديات الكبيرة التي تشهدها الأسواق حاليا.