ما الذي فات مؤتمر باريس لتمويل التنمية؟ «2 من 3»

لقد جاء النمو الهائل لصناعة صناديق التقاعد وصعود الشركات العالمية لإدارة الأصول مثل "بلاكروك" و"فانجارد" بعد عقود عديدة من ذلك التاريخ، لكن الآن، تتجاوز تقييمات محافظها الناتج المحلي الإجمالي لجميع الاقتصادات باستثناء أكبر اقتصادات العالم.
لا تزال مجالس إدارة مؤسسات بريتون وودز تتكون حصريا من ممثلي الدول، ما يؤكد الوضع المهيمن للدولة القومية في أربعينيات القرن الماضي سواء من الناحية الجيوسياسية أو ضمن النظام المالي الدولي. عادة ما يكون أعضاء مجالس الإدارة في البنك الدولي ومعظم بنوك التنمية الإقليمية دبلوماسيين، ولا يتم اختيارهم بالضرورة على أساس مؤهلاتهم في التمويل أو الاقتصاد، بل لقدرتهم على تمثيل موقف بلادهم. ومع ذلك، فإن وظائف مجالسهم تمتد لتشمل مهام تكون عادة في المؤسسات المالية الخاصة من المهام الحصرية لإدارة تلك المؤسسات، وفي حين أن مجالس إدارة الشركات تقدم التوجيه العام وتظل بعيدة عن الإدارة التنفيذية، تشارك مجالس إدارة بنوك التنمية متعددة الأطراف مباشرة في قرارات الإقراض والاستثمار.
وتستند هذه الأنشطة إلى أهداف سياسة الدول المساهمة واحتياجات الدول العميلة، وعليه فإن عملية تخصيص رأس المال في بنوك التنمية متعددة الأطراف ليست مصممة بشكل أساس لتوضح طلب المستثمرين الخارجيين أو مخاوف المستثمرين، ورغم أن هذه المؤسسات لديها أذرع من القطاع الخاص تشارك في الاستثمار على نطاق واسع مع القطاع الخاص، فإن هذا يحدث عموما على مستوى الشركات الفردية، وفي المعاملات التي تكون صغيرة جدا بالنسبة إلى كبار المستثمرين.
وما يزيد الأمور تعقيدا أن المستثمرين من المؤسسات وغيرها من كبار المستثمرين في القطاع الخاص يتحفظون بشكل كبير على التخلي عن السيطرة لمصلحة الكيانات العامة التي يخشون أن تتأثر بالنفوذ السياسي، التي قد تكون مشاريعها غير تجارية أو تنطوي على مخاطرة كبيرة. تحتاج بنوك التنمية متعددة الأطراف من أجل جمع رأس المال الخاص على نطاق واسع إلى كسب ثقة صناديق التقاعد وغيرها من أصحاب الأصول الكبار الآخرين، وذلك من أجل أن تتنافس مع مديري الأصول الخاصة على الحق في استثمار رأس المال هذا، وهذا يعني أن تنظر بنوك التنمية متعددة الأطراف إلى المستثمرين من القطاع الخاص على أنهم عملاؤها وشركاؤها وتتصرف مثل المؤسسات المالية الخاصة وحتى مع استمرارها في العمل ضمن تفويض محدد بالسياسات، علما أن الصندوق الوطني للاستثمار والبنية التحتية في الهند يعطينا سابقة لمثل هذا النهج.
علاوة على ذلك، يجب أن تتبنى بنوك التنمية متعددة الأطراف نهجا ذا مسارين من أجل جمع رأس المال الخاص مع استراتيجيات أكثر تنوعا للسياقات عالية ومتوسطة الأخطار. لقد كانت الفكرة القائلة بإمكانية جذب مبالغ كبيرة من رأس المال الخاص إلى الأسواق الصغيرة عالية الأخطار، مجرد حلم بعيد المنال.
ستظل تلك الأسواق من اختصاص رأس المال العام، وسيكون توسيع الميزانيات العمومية لبنوك التنمية أمرا بالغ الأهمية، لكن يمكن لبنوك التنمية متعددة الأطراف جمع رأسمال خاص أكثر بكثير للعمل المناخي في الدول ذات الدخل المتوسط حيث تكون الانبعاثات أعلى بكثير.
خاص بـ«الاقتصادية»
بروجيكت سنديكت، 2023.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي