لماذا نحتاج إلى مزيد من المشاجرات بين ذوي الياقات البيضاء؟

لماذا نحتاج إلى مزيد من المشاجرات بين ذوي الياقات البيضاء؟

"مارك زوكربيرج ذاهب إلى القتال". "ضربة لإيلون ماسك". "ميتا تسدد ضربة قاضية لتويتر". لجأ كتاب العناوين الرئيسة إلى التعبير باستخدام عبارات مجازية قديمة هذه الأيام بعد أن أعلن مالك فيسبوك إطلاق تطبيق ثريدز.
من يلومهم على ذلك؟ فالعمل ممل مقارنة بالعنف. لهذا السبب "في الغالب" يحب الرجال ذو السلطة التعابير المجازية التي تستحضر القتال. لذا كم هو مثير للسخرية، أن بطلي معركة وسائل التواصل الاجتماعي هذه قد اتفقا على القتال بالفعل.
رجاء دعوا هذا القتال يجري بينهما. فالرؤساء التنفيذيون كانوا محيدين لفترة طويلة. نظرا إلى أن عديدا منهم سايكوباتيون يعانون اضطراب الشخصية الحدية، فإن تحويلهم إلى شخصيات عادية قد يقلل من مخاطر أسعار الأسهم. لكن فرق الاتصالات والعلاقات العامة جعلت العالم مكانا أقل إثارة.
كما أنني أجد صعوبة في التفكير في حالة واحدة أخرى يتجه فيها رؤساء الشركات إلى تسديد ضربة فعلية بأكثر الطرق شراسة. حتى المواجهات القتالية بين المديرين من المستوى المتوسط - وحتى المتدربين - تعد نادرة بالقدر نفسه. القصة الحقيقية للمواجهة بين زوكربيرج وماسك هي كيف أصبحت المواجهات بين ذوي الياقات البيضاء غير عادية في وقتنا الحالي. اعتاد كبير مسؤولي الاستثمار القديم على التجول ذهابا وإيابا بعصبية بين المكاتب حاملا مضرب بيسبول، أجل، لقد جعلنا ذلك متوترين. لكنني لم أره يلوح به أبدا "على الرغم من أنني في إحدى المرات استيقظت على الأرض ورأسي يؤلمني".
من الصعب الحصول على بيانات حول معدل انتشار المشاجرات في المكاتب. أولا، لأن معظم الدراسات - مثل المسح العالمي الذي يستشهد به كثيرا من قبل منظمة العمل الدولية ومؤسسة لويدز ريجستر ومركز جالوب - لا يفرق بين العنف الجسدي والتحرش.
ثانيا، تميل الدراسات حول المشاجرات في أماكن العمل إلى الجمع بين جميع أشكال الوظائف معا، حيث تنقل صورة ضباط الشرطة وحراس السجون والمحاسبين والسكريتارية. وهو ما يشوه الصورة نوعا ما.
مثلا، كان تقرير لهيئة الصحة والسلامة صادر عن حكومة المملكة المتحدة، والذي يقدم تحليلا حسب المهنة إضافة إلى التمييز بين الاعتداءات والتهديدات، يفترض أن عمال "خدمات الحماية"، مثل حراس الأمن، يواجهون ستة أضعاف متوسط مخاطر التعرض للعنف الجسدي.
لا عجب في هذا. لكنه معدل منخفض للغاية - مع 1.4 في المائة فقط من المستجيبين. أما بالنسبة إلى تعرض موظفي المكاتب للاعتداء، فقد تعرض 0.8 في المائة فقط للاعتداء من أربعة آلاف شخص شملهم الاستطلاع.
كما أنني لم أشهد أو أسمع من قبل عن لكمات خلال العقود الثلاثة التي أمضيتها في التمويل والاستشارات والصحافة. وكل من أسألهم يقولون الشيء نفسه. لطالما أدهشني ذلك، بالنظر إلى ساعات العمل الطويلة، ومستويات التوتر الجنونية و"في حالة الخدمات المصرفية" المبالغ الهائلة التي ينطوي عليها الأمر - لأن كلها تنبئ بتفشي العنف.
لقد رأيت عددا لا يحصى من الرؤساء الضعفاء يجلبون كبار زملائهم إلى غرفة خاصة ليقولوا لهم: "أنت مطرود، ولا مكافأة لك". بل يخرجون دائما سالمين. والرؤساء التنفيذيون المتنافسون فيما بينهم يحدقون ببعضهم في الاجتماعات لأعوام، وجههم أحمر من الإحباط، لكنهم لا يضربون بعضهم أبدا.
لكن كيف ذلك؟ تعد المكاتب مساحات مهنية، ما يعني إظهار أفضل سلوك بحكم طبيعتها. ومن المفترض أنها معابد للعقل وليست للعضلات. كما يتم غرس قيم الثقافة والعمل الجماعي منذ اليوم الأول. وأعتقد أن الخوف من فقدان المرء وظيفته، أو السجن في أسوأ الحالات، يساعد على ذلك دائما.
الأرقام الضئيلة إحصائيا من المشاجرات - السائدة في أماكن أخرى من المجتمع - هي انتصار إما لضبط النفس أو التصميم. مهما كان السبب، يجب أن نحتفل. وإذا كان هناك شيء آمن بشكل خاص فيما يتعلق بإعدادات المكتب، فربما يجب علينا إعادة التفكير في هوسنا الجديد بالعمل من المنزل.
بالطبع، فالصراع بين ماسك وزوكربيرج هو رحلة استعراضية خالصة - مع أنها قد تتعارض مع السلام والحب لذوي الياقات البيضاء. إلا أنها ستكون ترفيهية رائعة. كما يشارك في خطة الرحلة دانا وايت، رئيس بطولة القتال النهائي. هناك حديث عن ذهاب الملايين من الأموال إلى الأعمال الخيرية.
كلها أمور جيدة. لكنني أرغب كثيرا في رؤية اثنين من الرؤساء التنفيذيين يتشاجران داخل حلبة لأنني أعتقد أنه يتوجب على القادة وضع كل شيء على المحك والانقضاض من الأمام. كيف يختلف السياسيون الذين يشنون الحروب على بعد أميال من إطلاق الأعيرة النارية. أو الرؤساء الذين يكسبون ثروة بغض النظر عن النتائج التي يحققونها.
كما ينبغي تشجيع رجلين جعلا من أنفسهما أضحوكة. سيكون ذلك علاجا جيدا. وقد لاحظ مديرو العالم ذلك - ومعظمهم الآن مجهولون إلى حد انتفاء جدواهم وقيمتهم. في رأيي، أنه ليس من قبيل المصادفة أن ماسك وزوكربيرج يريدان القتال بينما يوجدان فيما بينهما 1.6 تريليون دولار من القيمة السوقية.

الأكثر قراءة