تحذيرات المحليات تترك طعما مرا في اللسان

تحذيرات المحليات تترك طعما مرا في اللسان

قد تكون الفقاقيع على وشك الاختفاء من مشروبات الحمية. من المتوقع هذا الأسبوع أن تدرج الوكالة الدولية لأبحاث السرطان، ذراع بحثية تابعة لمنظمة الصحة العالمية، الأسبارتام، وهو محل صناعي حال أكثر من السكر بـ200 مرة وعنصر أساس في المشروبات منخفضة السعرات الحرارية، لاحتمال كونه "مادة مسرطنة للإنسان".
في اليوم نفسه، ستحكم لجنة منفصلة تابعة لمنظمة الصحة العالمية في مقدار الخطر الذي تشكله المادة المضافة - الموجودة في آلاف المنتجات من العلكة إلى الألبان - على صحة الإنسان. يهدف الإعلان الثنائي إلى إنهاء عقود من الجدل العلمي لكنه قد يؤدي بدلا من ذلك إلى إثارة الارتباك حول ما إذا كانت المحليات الاصطناعية جيدة أم سيئة لنا. وسترحب صناعة الأغذية والمشروبات الماهرة في التقليل من مخاطر منتجاتها بأي شعور عالق من عدم اليقين العام.
قد يبدو الأمر غير بديهي، لكن يمكن أن تكون مادة ما مسرطنة محتملة ومنخفضة الخطر على الصحة في الوقت نفسه. تهتم الوكالة الدولية لبحوث السرطان فقط بالتأكيد على الأمر الأول، وهو في الأساس اكتشاف مصدر الضرر المحتمل. كما تحكم الوكالة على احتمال تسبب مادة ما في الإصابة بالسرطان من خلال النظر في ثلاثة أنواع من البيانات: الدراسات الوبائية للإنسان، ودراسات التعرض للحيوانات، والآليات الفيزيائية التي يمكن أن تسبب بها مادة ما الأورام.
بناء على قوة تلك البيانات، يتم تصنيف المواد في واحدة من أربع فئات: مسببة للسرطان، أو مسببة مرجحة للسرطان، أو مسببة محتملة للسرطان، أو لا يمكن تصنيفها. ذكرت وكالة "رويترز" أخيرا أن الأسبارتام سيوصف بأنه "مسبب محتمل للسرطان". سيؤدي ذلك إلى وضع المحلي، الذي يتم تسويقه تحت أسماء تجارية مثل إيكوال وكاندريل، في فئة البنزين ومستخلص الصبار نفسها. من المقرر صدور إعلان رسمي في 14 تموز (يوليو)، إلى جانب ورقة في مجلة لانسيت أونكولوجي.
لكن إعلان الوكالة الدولية لبحوث السرطان ليس هو الأمر الحاسم.
يعتمد تحول مصدر الضرر المحتمل إلى خطر على الصحة على عوامل مثل التعرض والجرعة والتدابير الوقائية (أشعة الشمس مادة مسرطنة لا يمكن تجنبها إلى حد كبير، مع استخدام واقي الشمس للتخفيف من خطرها). هنا يأتي دور اللجنة الثانية المرتبطة بمنظمة الصحة العالمية بشأن الإضافات الغذائية. ستكون بياناتها - حول كمية الاستهلاك اليومية المقبولة والتعرض الغذائي - هي التي يجب الانتباه إليها.
قيمت اللجنة سابقا الأسبارتام، المعروف أيضا باسم إي951، في عام 1981، حيث وضعت حدا مقبولا للاستهلاك عند 40 ملجم لكل كجم من وزن الجسم يوميا - أو 12 علبة من كولا دايت يوميا لشخص يزن 60 كجم. طمأن ذلك وكالات سلامة الأغذية، بما فيها الوكالات في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي. لكن الشكوك تراكمت منذ ذلك الحين، ويرجع ذلك جزئيا إلى الدراسات القائمة على الملاحظة التي تشير إلى معدلات عالية قليلا من الإصابة بالسرطان لدى المستهلكين. أفاد تحليل أجري في 2022 لما يقارب 103 آلاف شخص أن الذين استهلكوا مستويات أعلى من المحليات الصناعية، من ضمنها الأسبارتام، كانوا أكثر عرضة للإصابة بالسرطان بـ1.15 مرة من الذين لم يستهلكوا أي مقدار.
رغم ذلك، يمكن للدراسات القائمة على الملاحظة أن تشير فقط إلى الارتباط، وليس الأسباب والنتائج؛ ويمكن أن تلعب عوامل أخرى دورا. إضافة إلى ذلك، لا يمكن استبعاد "السببية العكسية": فالأشخاص الذين يعانون السمنة، وبالتالي يواجهون بالفعل خطر الإصابة بالسرطان، قد يكونون أكثر عرضة لاختيار المحليات الاصطناعية. كما أن التنوع الهائل للمحليات غير السكرية - بما في ذلك السكرالوز والسكرين وستيفيا المشتقة من النباتات - وترتيباتها المختلفة في الدراسات تجعل العلم صعب الفهم.
يمكن للدراسات التي أجريت على الحيوانات أن تملأ فجوة الأدلة جزئيا. أفاد معهد رامازيني الإيطالي غير الربحي منذ أكثر من عقد أن الفئران التي تتغذى على الأسبارتام أصيبت بأورام مرتبطة بالجرعة. لكن الفئران ليست بشرا. تؤكد كل من مؤسسة أبحاث السرطان الخيرية في المملكة المتحدة ووكالة معايير الغذاء في المملكة المتحدة أن الأسبارتام آمن.
مع ذلك، أجرت الوكالة الدولية لبحوث السرطان آخر عملية إعادة تقييم لها باعتبارها أولوية عالية بسبب ظهور "أدلة على السرطان في البشر وحيوانات المختبر". اشتكى الاتحاد الدولي للمحليات من أن "الوكالة الدولية لبحوث السرطان ليست هيئة متخصصة في سلامة الغذاء(...) والأسبارتام هو أحد أكثر المكونات التي أجريت عليها أبحاث شاملة في التاريخ".
إن هذه الشكاوى تتفادى الحقيقة المزعجة ببراعة، وهي أن الأدلة يمكن أن تتغير وأن المحليات غير السكرية، ومن بينها الأسبارتام، ليست الخيار الصحي الذي يعتقده كثير من المستهلكين. في أيار (مايو)، أوصت منظمة الصحة العالمية بأن يبتعد غير المصابين بالسكري عن المحليات غير السكرية لأن الأدلة تشير إلى أنها لا تقلل من دهون الجسم وقد تكون مرتبطة بزيادة خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني وأمراض القلب والأوعية الدموية والوفاة. وتقول إن أفضل نهج هو اتباع نظام غذائي أقل حلاوة بشكل عام.
على نطاق أوسع، توجد المواد المضافة بشكل شائع في الأطعمة فائقة المعالجة، التي ربطها الطبيب والمؤلف الناشط كريس فان تولكين، من بين آخرين، بالسمنة واعتلال الصحة. من خلال النفور من المحليات، يحتمل أن نكسب الكثير ونخسر القليل.

الأكثر قراءة